رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رثى الشاعر ورئيس الوزراء الأردنى الأسبق، عبد المنعم الرفاعى والده فى قصيدة «أبى» معبراً عن إحساسه بالفقد قائلاً؛ «أيها الهامد جسما ولسانا خلّف الدنيا جلالا، والزمانا مغمضا جفنيه إلا نظرة تنطق الموت حنوّا وحنانا، والدى قرّبنى الوهم إلى المنزل الأعلى الذى فيك تفانى، فعبدت الله فى الموت الذى ضمّنى نحوك صدرا وجِنانا».

أما أبى القاسم الشابى؛ يقول مخاطبا الموت فى رثاء والده: «وهدمتَ صرحا لا ألوذ بغيره وهتكت سترى ففقدت روحا طاهرا شهما يجيش بكلّ خير وفقدت ركنى فى الحياة ورايتى وعماد قصرى».

كنت قد نُوِّيت الاعتذار لهيئة تحرير موقع وجريدة الوفد عن الكتابة هذا الأسبوع، لكنى تراجعت وقررت تكريم رحيل أبى وذكراه التى لن تندثر بكلمات على نفس الصفحات التى كان ينتظرها أسبوعياً لابنه البكر الأكبر، والذى كان دائم الفخر بها، وكأنى من كبار الكتاب ــ وأنا بالطبع أقل من ذلك بكثير ــ لكن هكذا هو حال كل ابن فى نظر أبيه. الدافع الثانى لى للكتابة كان توافق المواعيد والأيام؛ فاليوم السبت يكون قدر مر أسبوع بالتمام والكمال على الرحيل المر، والسبت أيضاً هو موعد مقالى الأسبوعى بموقع وجريدة الوفد الغراء. 

نعم أعلم أنه تواجه الإنسان فى حیاته صدمات شتى تسبب له الحزن والأسى، وأعظـم تلـك الصدمات فراق الأحبة، لكن يبقى فقدان الأب مصاباً جلـلا. كما قال الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، «ومضى عنى، وراحت خطوته ْ فى السكون». لكنى لا أجد وصفاً على حجم الآلام التى تعتصر القلب والروح، أبلغ من وصف أمير الشعراء أحمد شوقى حين قال: أَنا مَن ماتَ وَمَن ماتَ أَنا - لَقِيَ المَوتَ كِلانا مَرَّتَين».

حقاً؛ لقد انكسر عمود الخيمة، وكنت أظن أننى الثابت الذى لا يهتز، لكنى لم أكن أعلم أن رحيلك أمامى يكسرنى ويشقنى من داخلى وأنا وأمى وأخوتى، إلى هذا الحد، وأننى بهذه الهشاشة، وأن وجودك على كل ضعفك ومعاناتك من مرضك الذى طال كان منتهى القوة للجميع، ورحلت معك ابتسامة الأسرة السعيدة. واحفادك الذين لم يمهلهم القدر ليتشبعوا حنانكَ الدّفاقَ، وحكمتك العميقة، وروحك المحبة الجميلة.

ومن ابن مشقوق صدره، ومنفطر قلبه، ومكسورة روحه على فراق والده؛ أكرموا آباءكم، وأمهاتكم، واشبعوا منهم متى استطعتم، فالألم لا يحتمل. أتريد أن تعرف معنى فقدان الأب؟؟ انظر إلى أحدث صورتين لك قبل وبعد رحيله، ستعرف الفارق، هو تلك النعمة التى لن تشعروا بها إلا بعد رحيلها وفقدانها، ذهبت للأبد ولن تعود. فلترقد بسلام يا أبى تركت خلفك أحبابا، وأناسا لم ولن ينسوك أبداً رحمك الله رحمةً واسعةً. أرجو أن تصلك تلك الكلمات البسيطة كما اعتدت أن تنتظرها وتقرأها كل سبت.

إلى روح أبى الجميلة النقية، أسكنه الله فسیح جناته.