رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

تمثل سلاسل التوريد العالمية شبكة متصلة من الأفراد، المنظمات، والموارد، والأنشطة، والتقنيات المشاركة فى تصنيع وبيع منتج أو خدمة تبدأ بتسليم المواد الخام إلى الشركة المصنعة، وتنتهى بتسليم المنتج النهائى أو الخدمة إلى المستهلك، ولكن ما يهمنا أنها تخطيط وإدارة لجميع الأنشطة المشتركة، والتنسيق والتعاون مع شركاء القنوات الذين تطوروا على مدار السنوات الماضية مع اختلاف البيئة والتكنولوجيا، ولتصبح أمرا لا يمكن الاستغناء عنه بسبب الابتكار المستمر فى التكنولوجيا، وتوقعات العملاء المتغيرة بسرعة. حيث يعتبر السبب الرئيسى فى تعطل سلاسل التوريد العالمية هو التغيرات المناخية بالدرجة الأولى، وليس انتشار جائحة كورونا كما يعتقد البعض، لأن جائحة كورونا تمثل مشكلة قصيرة الأجل، ولكن تأثير التغيرات المناخية يمثل مشكلة طويلة الأجل، وهنا تكمن الأزمة الحقيقية التى يتطلب الأمر معالجتها من خلال بعض التغيرات الأساسية فى مواجهتها عبر الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية عام 2050، من خلال تخفيض درجة ونصف ودرجة عام 2030، حيث يتم الحديث حاليا عن تخفيض درجتين ونصف الدرجة فى عام 2050 وهو أمر قد يكون صعبا فى ظل ما نراه من تصرفات للدول الكبرى التى تريد التخلص أولا من مخزون البترول والفحم لدى دول أخرى وبعدها لن يعود لها فائدة، لأن الطاقة الجديدة النظيفة، ملك للدول الكبرى وتحتكره، وهنا لابد من إحداث التوافق العالمى على ضرورة التغيير فى العقلية والتفكير للمجتمع الدولى، أى تغيير نحو التوجه بقوة نحو مواجهة هذه الأزمة التى يرى كثير من العلماء أنها ستزيد فى السنوات المقبلة، ومع ارتفاع درجة حرارة العالم التى لم يحدث اتفاق وتوقيع للدول الصناعية حتى الآن، والتى تمثل 85% على الأقل من إجمالى الناتج العالمى، 75% من حجم التجارة العالمية، لكنها على النقيض تتسبب فى أكثر من 80% من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً، وعلى الوجهة الأخرى نجد أن البنية التحتية للنقل والإمداد ستكون مهددة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، وستصبح نحو 90% من حركة الشحن فى العالم عن طريق السفن مهددة فى معظم الموانئ الساحلية فى العالم، لذا فإن ما تشهده سلاسل التوريد العالمية من تعطل واضطراب بسبب التغيرات المناخية حتى الآن، ما هو إلا قليل من كثير، وستصبح معه الاستراتيجية العالمية لخفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر عام 2050 من جهة، والتكيف مع المناخ عبر إعداد الدفاعات ضد زيادة حدة الفيضانات التى زادت خلال الفترة الحالية بصورة غير مسبوقة، خاصة فى دول جنوب شرق آسيا، تحديدا ماليزيا التى شهدت فى ديسمبر الماضى أسوأ فيضان فى التاريخ، وحدوث انقطاع فى سلسلة توريد أشباه الموصلات التى يتم شحنها من تايوان حيث توجد أكبر شركة لتصنيع الرقائق الدقيقة المتقدمة فى العالم، والتى كان يتم شحنها من ميناء كلانج فى ماليزيا، كذلك إعداد الملاجئ ضد الأعاصير التى ضربت العالم مؤخراً، وكان من أسوأها إعصار إيدا خامس أكبر إعصار فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية تكلفة، حيث الحق أضرارًا بالغة بالمنشآت الصناعية الحيوية وأجبر شاحنات التوريد على تغيير مسارها لتطول رحلتها وتتأخر عن موعدها، كذلك إعداد خطوط طوارئ ضد موجات الحر والجفاف، من جهة أخرى، وفى تقديرنا أنه أمر صعب الوصول إليه خاصة على المستوى الاقتصادى، وهو ما أكد عليه صندوق النقد الدولى من أن التوقعات الاقتصادية العالمية أكثر قتامة بسبب انعدام الأمن الغذائى، واستمرار الخلل فى الإمدادات، وكذلك ارتفاع الأسعار، وهو ما جعله يخفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمى لعام 2023 إلى أقل من 2.7%، بعد 2,9٪، وهنا تكون المعضلة الكبرى فى أن المطالبة بزيادة القدرة التنافسية والاستمرار فى النجاح هو أمر مرهون بإدارة عناصر سلاسل التوريد الخمسة وهى الخطط الاستراتيجية، والمورد، والتصنيع، والتسليم، والمردودات، على نحو من الفاعلية وبالتوافق والتناغم مع البيئة والتكنولوجيا المتقلبة باستمرار، وأمام هذه التهديدات المناخية لسلاسل التوريد نرى التقاعس العالمى فى معالجة تأثير التغيرات المناخية على إدارة سلاسل التوريد، واكتفى العالم خاصة الدول المتقدمة بالبحث عن تأمين وجود سلاسل توريد مزدوجة تقدم نفس البضائع بطريقين مختلفين، إذا تعطل أحدهما عوض الآخر النقص، ولكن هذا يتعارض بشدة مع مدرسة التصنيع الحديثة السائدة الآن، من ضرورة توفير السلع والخدمات فى الوقت والسعر المناسبين، لا سيما أن هذا التوجه قد يزيد بالفعل من تكاليف الإنتاج، وبالتالى ارتفاع الأسعار، وازدياد حدة التضخم، وهو ما يفسر إصرار مصر على ضرورة اتفاق المفاوضين فى مؤتمر المناخ العالمى فى مصر الآن، على ضرورة إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، وهو الذى طال انتظاره لتعويض الدول المتعرضة والمعرضة لتأثيرات التغير المناخى، خاصة الدول الفقيرة، والذى يمثل لها هذا الاتفاق انتصارا كبيرا، لأنها على مدار عقود سابقة، وحتى الآن هى التى تتحمل فاتورة تكلفة آثار التغير المناخى، رغم أنها أقل مساهمة فى التسبب فيه، النجاح المصرى فى هذا المؤتمر هو نجاح فى عودة بناء الثقة مع الدول المعرضة للخطر، وكذلك هو شريان للحياة للأسر الفقيرة التى تكبدت تبعات التغيرات المناخية عبر سنوات طويلة، باحثة عن خلق مناخ آمن وبيئة لائقة لاستمرار الحياة.

 

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام