رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

لعل ما تميزت به شخصية العميد الدكتور طه حسين بين أقرانه من رواد النهضة فى مصر وعيه الكبير بقيمة التنوع عبر كل مراحل الحضارات العظيمة، واحترام وتقدير حالة التعدد المنتشرة فى معظم المجتمعات، وما يلاحظ بردود وأثر تلك المفاهيم بوضوح فى رؤيته لمستقبل الثقافة المصرية، وهذا ما كان يبدومؤكداً فى كتابه « مستقبل الثقافة فى مصر « حينما قال : « عناصر ثلاثة تكوّن منها الروح الأدبى المصرى منذ استعربت مصر، أولها العنصر المصرى الخالص الذى ورثناه عن المصريين القدماء، والعنصر الثانى هو العنصر العربى الذى يأتينا من اللغة ومن الدين ومن الحضارة، أما العنصر الثالث فهو هذا العنصر الأجنبى الذى أثر فى الحياة المصرية دائماً، والذى يأتيها من اتصالها بالأمم المتحضرة.. وعليه، فإنى أحب أن يقوم التعليم المصرى على شيء واضح من الملاءمة بين العناصر الثلاث «..

نعم، طه حسين أراد فى بداياته أن ينزع قيود التخلف والتراجع الحضارى من عقل مصر، من عقل مَن عاصروه وخرج عليهم وتمرد ضدهم، إنه فى تمرده كان منطقياً وبأطر علمية، وفى رسائله كان نموذجاً للأديب والفنان العصرى الذى جاء به القرن العشرون..

وقد توالت مواجهات الفارس النبيل طه حسين منذ عودته إلى مصر أول مرة، فقد اشتبك فى العديد من المنازلات لمواجهة التحديات الثقافية والتنويرية، والتى من أبرزها الذهاب إلى عقد مقاربات ومقارنات : بين طرق تدريس كليات ومدارس الأزهر وإعداد مناهجها وما يقابلها فى الجامعات الغربية، وهو ما أثار ضيق الإدارة ووصولاً إلى اتخاذ قرار بحرمانه من المنحة المعطاة له، لتغطية نفقات دراسته فى الخارج، لكن تدخل السلطان حسين كامل حال دون تطبيق هذا القرار، فعاد إلى فرنسا من جديد لمتابعة التحصيل العلمى، وفى العاصمة باريس درس هناك مختلف الاتجاهات العلمية فى علوم ( الاجتماع، والتاريخ اليونانى والرومانى، والتاريخ الحديث )، وأعد خلالها أطروحة الدكتوراة الثانية وعنوانها : « الفلسفة الاجتماعية عند بن خلدون «، إضافة إلى إنجازه دبلوم الدراسات العليا فى القانون الرومانى، والنجاح فيه بدرجة الامتياز..

فى مشهد بديع عاشه رواد «مقهى ريش»ــ بيت من بيوت أهل الفكر والكتابة والإبداع المصرية ــ فى الأيام السابقة لاندلاع ثورة 30 يونية المجيدة، عندما طالعوا صورة فوتوغرافية لعميد الأدب العربى «طه حسين« وهو جالس إلى مكتبه مُبتسماً وهو يُشهد الحضور أنه قد وقع على استمارة «تمرد» الشهيرة التى أبدع فكرتها وصممها شباب الثورة، وإلى جانبه جلس العظيم «رفاعة الطهطاوى» ممسكاً بنسخة من الاستمارة ذاتها.. هكذا قالت اللوحات المعلقة على أشهر مقاهى المثقفين فى وسط القاهرة..

ويقترب الحضور من الراحل المثقف الوطنى الجميل «مجدى عبدالملاك» مدير المقهى، وهو يؤكد أن زبائن المكان هم أصحاب فكرة تعليق لافتات وصور للمشاهير بعد تعديلها بالفوتوشوب لتُظهرهم وهم راضون عن حملة «الشباب الطاهر» على حد وصفه، موقعين على استمارة «تمرد»... رحم الله التنويرى المتمرد العظيم طه حسين..