رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

انهال على جسده الصغير صفعًا وضربًا بيده الضخمة، تأديبًا له لأنه لامس السور المترب بعد أن غسل يديه، وكان الصغير الذى لم يتجاوز العاشرة من ذوى الاحتياجات، حدث هذا أمام صمت المتواجدين بالنادى، مع اعتراض منى وقد تجاهله الأب المتوحش، كان هذا مضمون مقالى الأسبوع الماضى، والذى اختتمته بأن هذا الأب الذى يزعم خوفه على صحة ابنه المعاق من تلوث يديه بالأتربة، لم يبال لحظة بتدمير ما تبقى من كيان طفله نفسيًا وآدميًا بهذا الضرب والسب والإهانة أمام العامة، والتى من المؤكد يمارس أضعافها فى البيت ضد الطفل المسكين، وقلت لو أن مثل هذا الأمر حدث فى أوروبا أو أمريكا أو أى دولة تحمى بالفعل مواثيقها وقوانينها حقوق الطفل وكل حقوق الإنسان، لتم إبلاغ الشرطة عن الأب، ولتمت محاكمته وحرمانه من رؤية طفله للأبد، وإسناد رعايته إلى أسرة أخرى بديلة، ولاستحق الأب والأم المتواطئة بالصمت والسلبية حرمانهما من طفلهما باقى العمر.

مولد طفل معاق داخل أى أسرة هو ابتلاء ربانى يثاب عليه الأبوان لصبرهما ولكل جهودهما المضاعفة لرعايته، لكن للأسف تعتبر أسر مصرية وجود هذا الطفل بمثابة الكارثة المدمرة لها والمربكة لكيانها ومسيرة حياتها، أو وصمة عار عليهم إخفاؤها عن عيون الأهل والجيران والمجتمع لتزداد حالة المعاق تعقيداً، ومنهم من يعتبره عقابا إلهيا، فيتعاملون مع الطفل وكأنه ذنب اسود، فيسيئون معاملته، يهملون احتياجاته أو حتى رعايته لتعليمه وتدريبه على مواجهة احتياجاته، يتفننون فى عقابه بكل قسوة لأى تصرف يفعله رغم حالته البائسة، وكأنهم يعاقبون وجوده فى الحياة على هذا الشكل والحالة.

أندهش كثيرًا عندما تسلط أضواء الإعلام على فئة من ذوى الاحتياجات فى مؤتمر ما أو منتدى رسمى محلى أو دولى، وأزداد اندهاشًا عندما تسلط الأضواء على بعض المبدعين منهم رياضيًا أو فنيًا ممن يحصلون على ميداليات بطولات فى مسابقات أوليمبياد تقام خصيصًا لهذ الفئة، لأؤكد عن ثقة وواقع أن هذه الأضواء والبطولات والاهتمام والرعاية توجه لذوى الاحتياجات من أبناء الأسر الثرية، لقدرتهم على إلحاق أطفالهم بمدارس خاصة تكاليفها باهظة، أو بعيادات ومراكز تأهيل وإعداد أيضا تكلفهم الآلاف، أما أبناء الأسر الفقيرة والمتوسطة من ذوى الاحتياجات، فهم يعانون من الإهمال والتهميش لعدم الوفرة المالية لدى أسرهم لتوفير الرعاية والتعليم المطلوب لهم، بالتالى تزداد حالة هؤلاء تعقيدًا وسوءاً، وتزداد حاله أسرهم كربًا وهمًا وغماً، ورغم هذا، لا اجد أبدًا أى عذر مقبول لأى أب أو أم من تلك الأسر لأن يتعامل بقسوة مع ابن أو ابنة من ذوى الاحتياجات، بل العكس صحيح، فهؤلاء بإعاقتهم وذكائهم المحدود، يحتاجون إلى رعاية وحب أكثر، وحضن دائم وحنان دافق، لكن للأسف الآباء والأمهات المطحونون فى الحياة قد لا يجدون لديهم من الطاقة ما يمنحونه لهذا الطفل المسكين.

وشاهدت عن قرب تجربة لبعض المراكز الثقافية أو دور الرعاية للمعاقين بمناطق شعبية، ووجدت أنها تقوم بأعمال «صورية» للشو فقط، دون تقديم رعاية أو تدريب وخدمات حقيقية للمعاقين، أو حتى مساعدة أسرهم فى كيفية التعامل معهم، وتدريبهم على الأسلوب الأمثل لذلك، الأسلوب الذى يدعم المعاقين نفسياً، وينمى قدراتهم البدنية لقضاء أمورهم الشخصية والاعتماد على انفسهم ولو بصورة تدريجية مقبولة، لذا أطالب مجددا بدور لرعاية المعاقين فى كل حى شعبى، وان تكون دارا تقدم الخدمات مجانية، تحت إشراف وزارة التضامن، وبمساعدة منظمات المجتمع المدنى، وان تضم هذه المراكز أجهزة طبية وآليات لتدريب المعاقين وتنمية قدراتهم البشرية والنفسية، وأن يكون بها مجموعة من أطباء علم النفس والمجتمع، وللحديث بقية...

[email protected]