رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

عندما نستقبل السنة الهجرية الجديدة «1444»، فإننا في أمسِّ الحاجة لترسيخ وعي الأجيال الجديدة، فيما يتعلق بالتاريخ الهجري، نظرًا لما يحمله من محطات غنيَّة ومفصلية لهويتنا الإسلامية التي تأسَّست عمليًا عند منعطف الهجرة.

لعل ما يثير الأسى في نفوسنا، أن هذا التاريخ غائب عن وجداننا وواقعنا، حيث إن الكثيرين منَّا يجهلون في أيِّ سنة هجرية كنَّا أو سنكون، أو في أيِّ شهر هجريٍّ نحن.. فضلًا عن أسماء الأشهر الهجرية!

يكفي أن نُجري إحصائية بسيطة، حتى نعي مدى تقصيرنا في هذه الذكرى العطرة.. ولذلك تبدو الحاجة مُلِحَّة إلى التربية على هذا التاريخ.. نُسجِّل به مناسباتنا وتواريخنا، إلى جانب «الميلادي» أو أي تقويم آخر، كما كان يحدث في السابق بمدارسنا.

يجب تعليم أبنائنا أن ربط التأريخ بالهجرة، يعود إلى رمزيتها، كبداية لمرحلة الظهور الفعلي للإسلام، ومحطة انطلاقته، لتبلور فكرًا وعلمًا وحضارة وعطاء وتضحيات يجب استلهامها وأخذ الدروس والعبر منها.. نوظِّفها في واقعنا، ونستنهض بها أمتنا.

علينا ـ مع كل بداية عام هجري ـ أن نُذَكِّر بهجرة «الرسول الأعظم»، التي كانت بداية النصر من الله، في محاولة جادة للاستفادة من الدروس المُلْهِمَة التي يتعلمها المسلمون من هذا الحدث التاريخي الفاصل بين مرحلتين من مراحل الدعوة.

لذلك يجب ترسيخ القيم السَّامية في نفوس أبنائنا، وإبراز تجلِّيات الهجرة النبوية، باعتبارها أهم حدثٍ غيَّر مجرى التاريخ، كيومٍ خالدٍ فرَّق بين الحق والباطل، وفَتَحَ للدنيا عصرًا مجيدًا تزهو به، وتاريخًا حافلًا بالبطولات الرائعة والمُثل العليا.

لقد استحق «يوم الهجرة الشريفة» من تقدير المسلمين له، ما جعلهم يرونه بداية تاريخهم في هذه الحياة.. فلم يؤرِّخوا بميلاد نبيهم الخاتَم، ولا بمبعثه الشريف، وإنما أرّخوا بهجرته المباركة.

إن الهجرة ليست مجرد سفر «لا يتجاوز بضع مئات الكيلومترات»، فكم في الدنيا من أسفار أطول مدىً وأبْعَد شُقَّة.. كما أنها ليست مجرد تحوُّل من مكان إلى آخر، لكنها كانت إيمانًا وفداء.. حُبًا وإخاءً.

لقد أراد «الرسول الأعظم» من هجرته أن يعلمنا الصبر وتحمل الصِّعاب والمشاقّ، وألا نفقد الأمل من نصر الله واستجابته لدعاء المستَضعَفين والمقهورين، وأن نأخذ بالأسباب، وألَّا نتكاسل أو نتقاعس عن العمل، كما أراد أن يُعطينا درسًا في قوة الإرادة، وألا نحزن مهما بلغت بنا المصائب.

أخيرًا.. لعل أبرز ما نستلهمه من الهجرة الشريفة، أن «النبي الأكرم» أراد أن نتيقن من الثقة بالله سبحانه، وألا نيأس مهما كانت الظروف، من خلال «فن الدعوة إلى الله»، لترسيخ قِيَم الإخاء الجميل والمحبة الصادقة، وغيرهما من المعاني النبيلة.

فصل الخطاب:

يقول مصطفى صادق الرافعي: «لا يكونُ الجميلُ في محلٍّ إلا امتلأ مكانه بعاشقه».

[email protected]