بين السطور
يشهد اليوم انعقاد المؤتمر الأشهر فى العالم وعلى مر العصور. أكبر وأقدم مؤتمر عرفته البشرية جمعاء، وعقده رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام أعظم عظماء العالم من مئات السنين، ففى هذا الصباح تتجه أنظار العالم شرقاً وغرباً نحو صعيد جبل عرفات، حيث يجتمع الحجيج من كل بقاع العالم عرباً وعجماً فى وقفة عرفة، حيث جاء المسلمون الذين تجردوا من كل متاع أو أى شىء فى هذه الدنيا.
توحدوا على هتافات التوحيد والتلبية، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، وكلمة الاخلاص. ويستعد المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها منذ فجر اليوم التاسع من ذى الحجة، وحتى طلوع فجر اليوم الذى يليه، الذى يسمى بيوم النحر، وهو يوم العيد، وينهى فيه الحجاج وقوفهم على عرفة.
ولهذا المكان مكانة عظيمة. فالوقوف بعرفة أعظم مناسك الحج على الإطلاق، ويبدأ من بعد صلاة ظهر اليوم التاسع من ذى الحجة وحتى فجر يوم النحر، وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، ومن أسمائه جبل الرحمة، وجبل القرين، وجبل النابت، وشعيرة الوقوف بعرفة هى شعيرة الحج الوحيدة التى يؤديها الحجيج خارج حدود الحرم. وهنا فوق جبل الرحمة يقف الجميع ليبتهلوا ويتضرعوا بالدعاء لله عز وجل، وعندما يقف الحجيج ليؤدوا ركن الحج الأكبر على صعيد عرفة يظهر أمامهم مسجد نمرة، وهذا الجبل نزل به النبى (صلى الله عليه وسلم) يوم عرفة، ثم خطب بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصراً جمع تقديم، وانصرف منها إلى مزدلفة بعد غروب الشمس.
وعليه فإن الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم الذى يعنى أن تفويته تفويت للحج، فمن تركه فسد حجه. ولا يشترط أن يقف على جبل الرحمة لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) وقف عليه، وقال وقفت ها هنا وعرفات كلها موقف. فقد ذكر فى القرآن أن البيت مثابة للناس وأمناً، لا يجوز فيه قتال. ولا يجوز من حوله قتال، بل تقام فيه شعائر الله.
وعن فضل يوم عرفة قالت دار الإفتاء إن الفقهاء اتفقوا على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج، وروى أبوقتادة رضى الله تعالى عنه أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله، والسنة التى بعده. أخرجه مسلم. وبينت أن يوم عرفة من أفضل الأيام، مستشهدة بما قالته عائشة رضى الله عنها إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ما من يومٍ أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة، فيقول ما أراد هؤلاء. رواه مسلم، كما أكدت دار الإفتاء المصرية أن صيام يوم عرفة مكروه بالنسبة للحجاج، مشيرة إلى أن صوم العشر الأوائل للحاج مستحب.
وقالت دار الإفتاء المصرية إنه ذهب جمهور الفقهاء- المالكية والشافعية والحنابلة- إلى عدم استحباب صوم يوم عرفة للحاج ولو كان قوياً، وصومه مكروه له عند المالكية والحنابلة.
اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام العام القادم إن شاء الله.