عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مفهوم «الحوار» هو من المفاهيم حديثة العهد نسبياً فى الأدبيات السياسية والثقافية، واصطلاحاً؛ فإن الحوار هو تداول للأفكار يجرى بين أطراف عدة حول موضوع محدد أو أكثر للوصول إلى هدف معين، فما هى أهدافنا المرجوة من الحوار الوطنى؟.

أول محددات هذا الحوار الفاعل أتصور أن ترتكز إلى تحديد ماهية الحوار نفسه، فى أنه حوار وطنى جامع، وليس حوارا سياسيا قاصرا على السياسيين فقط؛ حيث الهدف الأول للحوار يتمثل فى دعم وتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية للمساهمة فى عمليات صنع القرار وصياغة السياسات العامة، من خلال تمثيل متكافئ لكافة الشرائح المجتمعية المختلفة، فى إطار واسع وممتد يطلق فرصاً لتبادل المعلومات والأفكار والآراء بما يعمل على تطوير حلول واقعية للقضايا والتحديات ذات الأولوية بالنسبة للمجتمع المصرى.

ثانى تلك المحددات يتمثل فى ضرورة التوافق على أجندة الحوار بحيث تكون أجندة «تحديات»، انطلاقاً من منطق دولة تواجه تحديات، وليس منطق الدولة «المأزومة»، ومن ثم يصبح الحوار وطنياً وأداةً قويةً وقادرة على ترسيخ العلاقات الاجتماعية، وتسهيل إيجاد حلول من خلال جمع الأطراف الاقتصادية والاجتماعية والحكومة على طاولة الحوار لمواجهة هذه التحديات.

المحدد الثالث؛ يتعلق بالتوافق حول تحديد المفاهيم الرئيسية لقضايا الحوار، وأهمها مفهوم الديمقراطية، فالهدف الرئيسى هو التحول إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة فى سياق الجمهورية الجديدة، وبالتالى يجب تناول الديمقراطية من المنظور الواسع والشامل لها، وليس الديمقراطية القاصرة على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فقط، بل هى إطار شَامِلٌ؛ دستورى، سياسى، اقتصادى واجتماعى، ثقافى ومؤسسي. يشمل كذلك قضايا الحكم المحلى والإدارة العامة، لذلك ينبغى التأكيد أنه لا ديمقراطية حقيقية وحريات مدنية دون دولة قوية وقادرة. لا تحدثنى عن الديمقراطية وأنا أخوض حرباً ضارية فى مواجهة الإرهاب ومحاولة اللحاق بقطار التنمية وتثبيت أركان الدولة وتعزيز الهوية الوطنية. الآن أما وإن استقرت دعائم الدولة وانطلق قطار التنمية فى كافة أنحاء مصر، يمكن لنا الحديث عن تحول ديمقراطى فاعل ووطنى.

رابع تلك المحددات؛ يتعلق بقيمة المعرفة وتأثيرها على فاعلية الحوار وجلساته من عدمه، حيث فنيات الحوار الناجحة تتطلب التركيز على استخدام الأرقام والإحصائيات الدقيقة والحديثة التى تحدد تسلسل الموضوع ومؤشراته المهمة والابتعاد عن الانطباعات الشخصية فى عرض وجهات النظر، وهو ما يتطلب اِسْتِعْدَادًا جَادا ومراجعة دقيقة لكافة القضايا والموضوعات، بحيث يكون موضع تقييم جاد ما تم إقراره من سياسات وتوجهات فى مختلف المجالات، ووضع مقترحات للتطوير والتحديث والبناء على تم الانتهاء إليه. حيث إن المتحاورين يبدأون بمعرفة الواقع والمشكلات «كشف الحقيقة»، وما هى الإجراءات الضرورية الواجبة، ما هى المطالب والرغبات، وما هى الإمكانيات الحقيقية لعلاج هذا الموضوع أو ذاك.

خامس المحددات لضمان فاعلية الحوار يقترن بكيفية الاتفاق والاختلاف؛ وليس بالضرورة أن تقوم عملية الحوار على مبدأ الاتفاق، بل أحياناً الاختلاف الصحى فى الآراء مطلوب ـ فالمرتكز الأساسى هنا هو ضرورة تمثيل مختلف مكونات المجتمع التى تحمل آراء ووجهات نظر متباينة حول مختلف القضايا- لكن فى المقابل أيضاً لا يعنى ذلك أن ننتهى إلى «الحالة الصفرية» حيث أرباح أحد الطرفين تساوى خسائر الطرف الآخر، والهدف أن ننتهى إلى «win-win situation»، أو الوضع المربح لكافة الأطراف، وأن يكون الاتفاق على هدف واحد هو أن الرابح أولاً وأخيراً هى مصر.

آخر تلك المحددات يتعلق بمخرجات الحوار؛ حيث المخرج الطبيعى لأى حوار هو التوافق، لذلك فالأمنيات المرجوة أن تسفر جلسات الحوار وتنتهى بالتوافق حول الركائز الأساسية للجمهورية الجديدة؛ دستورياً، سياسيا، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، لصالح مصر والمصريين أولاً وأخيراً.