عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

عندما يكون الاختلاف سُنَّة كونية بديهية، فلا يمكن بأي زمان أو عصر، وجود توافقٍ أو إجماعٍ كلي ورأي موحدٍ على قضيةٍ بعينها، لأننا سنكون وصلنا لمرحلة من التماهي والتطابق، لم يصل إليها السابقون واللاحقون.

لذلك، ليس بالضرورة دائمًا التوافق مع أفكار ومفاهيم ومواقف جماعية، خصوصًا ما تتعارض مع منطق العقل والتطور، لأنها قد تمثل نوعًا من العبث، أو ما يسمى بـ«ثقافة الضجيج»!

من هذا المنطلق، الذي يكون فيه الحياد ممنوعًا، والموضوعية غير مقبولة، والنقد البنَّاء تجاوزًا وخروجًا عن المألوف، لن نلجأ إلى «إيثار السلامة» التي يراها البعض أمرًا معقولًا وفطريًا، بدلًا عن مواجهة المَسَبَّات والتُّهم الجاهزة من «المؤلفة قلوبهم».

أخيرا، كنَّا على موعد متجدد مع «بَيْعَةُ التحريم» بشأن تهنئة الإخوة المسيحيين بعيد ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام، وقبلها ذكرى الاحتفال بالمولد النبوي، وغيرها من مناسبات دينية، تشهد سجالًا ومجادلات يتبارى فيها «متحذلقون أدْعياء» ومَن ناصَرهم، على مِنَصَّات التواصل الاجتماعي.

جدل عقيم يمكننا ملاحظته بسهولة، من خلال انقسام الفتاوى بين مدرستين تمثلان «الأزهرية الأشعرية» و«الوهابية السلفية»، ومَن لحق بهما.. فجاءت فتاوى علمائهما متناقضة، وآراء أتباعهما متضاربة!

المدرسة الأولى ترى جواز التهنئة، لأنه «يتوافق مع مقاصد الدين الحنيف ويبرز سماحته ووسطيته»، فيما تعتقد الأخرى أنه «مُحرّم بالاتفاق، لأنه نوع من موالاة الكفار وتشجيعًا لهم على الكفر»، ولذلك «لا يجوز مشاركة النصارى في أعيادهم، لأنه مَن تشبّه بقوم فهو منهم».

ذلك «الاختلاف» قد يراه البعض مرونة وسِعَة وحيوية في الفقه الإسلامي، لكننا نراه دليل أزمة، خصوصًا إذا كانت الفتاوى متناقضة في مسألة واحدة وزمن واحد، ما يُحَتِّم بالضرورة تغليب الفتوى للمصلحة العامة ومراعاة واقع الناس وأعرافهم.

إذن، يجب ألا تتضمن تلك المراعاة خللًا في عملية الاستدلال بالقواعد الفقهية، بل الاعتدال في الفتوى، دون تساهلٍ يُضْعِف، أو تشدد يفتن الناس في دينهم، لأنه إذا كان تطويع الفتاوى للواقع السيئ المُخالف للإسلام أحد مظاهر أزمة الفتوى، فإن التشدد وعدم مراعاتها للواقع هما مظهرها الآخر.

لذلك، من غير المقبول أو المعقول استدعاء فتاوى قديمة وانتزاعها من سياقها التاريخي، أو استحضار أخرى من عصور سابقة وإخراجها من إطارها الاجتماعي، دون تمحيص، أو إسقاطها على واقعنا، دون مراعاة مقاصد الشريعة وروح الدين.

أخيرًا.. أن الانشغال المتكرر بالقضايا «الهامشية»، التي تثيرها «ثقافة الضجيج»، تُبدل الأعمال بالأقوال، والتجديد بالتقليد، والإبداع بالاتباع.. لذلك نحتاج إلى جهد كبير من العلماء والمفكرين، لكي تكون الفتاوى حاكمة للواقع لا محكومة له، وأن تراعي واقع الناس لا مُبرّرة له.

فصل الخطاب:

يقول الإمام علي: «اتقوا الفاسق من العلماء، والجاهل من المتعبدين.. أولئك فتنة كل مفتون».

 

[email protected]