رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصراع الجيوسياسى العالمى يتغير يوما بعد يوم نتيجة لما تفعله الامبريالية الاقتصادية الأمريكية ؛ حيث تحاول الدول القوية مرة أخرى الحد من انعدام الأمن الاقتصادى لديها من خلال إنشاء مناطق اقتصادية خالصة، حيث يمكن لشركاتها أن تتمتع بوصول رخيص وآمن إلى المواد الخام والأسواق الاستهلاكية الأسيرة الكبيرة. اليوم، بدأت الصين بالفعل فى القيام بذلك من خلال مبادرة الحزام والطريق، وهى شبكة من مشاريع البنية التحتية فى جميع أنحاء العالم؛ سياستها “صنع فى الصين 2025” لتحفيز الإنتاج والاستهلاك المحلي؛ ومحاولاتها إنشاء إنترنت متوازى مغلق. إذا حذت الولايات المتحدة حذوها، فسيتعين على الدول الأخرى أن تلتصق بكتلة أمريكية أو صينية – أو تشكل كتل خاصة بها. قد تسعى فرنسا لاستعادة قبضتها على مستعمراتها الأفريقية السابقة. قد تسرع روسيا من جهودها الرامية إلى ضم دول الاتحاد السوفيتى السابق إلى اتحاد تجارى إقليمى. سيتعين على ألمانيا أن تنظر بشكل متزايد إلى ما هو أبعد من تقلص عدد سكان أوروبا للعثور على مشترين لصادراتها – وسيتعين عليها تطوير القدرة العسكرية لتأمين تلك الأسواق وخطوط الإمداد الجديدة النائية أيضاً. مع تنافس القوى العظمى على المجالات الاقتصادية ستتآكل الحوكمة العالمية.

 ومن شأن هذا الصراع الجيوسياسى أن يشل الأمم المتحدة، كما كان الحال خلال الحرب الباردة. قد يتم حل الناتو كشريك تختاره الولايات المتحدة. وقد يعنى تفكك الغطاء الأمنى الأمريكى فوق أوروبا نهاية الاتحاد الأوروبى أيضاً الذى يعانى بالفعل من انقسامات عميقة. قد تسقط معاهدات الحد من الأسلحة القليلة التى لا تزال سارية المفعول اليوم على جانب الطريق مع عسكرة الدول للدفاع عن نفسها. الجهود المبذولة لمكافحة المشاكل العابرة للحدود ؛ مثل تغير المناخ أو الأزمات المالية أو الأوبئة ؛ التى من شأنها أن تحاكى استجابة العالم المخزية لـ كوفيد 19 عندما قامت الدول بتخزين الإمدادات ورفضت منظمة الصحة العالمية التضليل الصينى وانغلقت الولايات المتحدة على نفسها.

من شأن هذا الاضطراب الناتج أن يعرض بقاء بعض الدول للخطر. منذ عام 1945 تضاعف عدد دول العالم ثلاث مرات، من 46 إلى ما يقرب من 200. ومع ذلك فإن معظم هذه الدول الجديدة ضعيفة وتفتقر إلى الطاقة أو الموارد أو الغذاء أو الأسواق المحلية أو التكنولوجيا المتقدمة أو القوة العسكرية أو حدود يمكن الدفاع عنها. وفقاً لبحث أجراه العالم السياسى أرجون شودرى، فإن ثلثى هذه الدول اليوم لا تستطيع توفير الخدمات الأساسية لشعوبها دون مساعدة دولية. باختصار، تعتمد معظم الدول بشكل حاسم على نظام ما بعد الحرب، والذى قدم وصولاً غير مسبوق تاريخياً إلى المساعدات الدولية والأسواق والشحن والحماية. وبدون هذا الدعم ستنهار بعض الدول أو يتم غزوها. الدول الهشة التى تعتمد على المساعدات مثل أفغانستان وهايتى وليبيريا ليست سوى بعض الحالات العالية الخطورة والأكثر وضوحاً. أما الدول الأقل وضوحاً فهى دول قادرة لكنها تعتمد على التجارة مثل المملكة العربية السعودية وسنغافورة وكوريا الجنوبية، والتى ستكافح أنظمتها الاقتصادية لتعمل فى عالم من الأسواق المغلقة والممرات البحرية العسكرية.

لا يمكن تجنب أى من هذه النتائج المروعة. للحفاظ على النظام الحالى معاً، ستحتاج الولايات المتحدة إلى اتخاذ وجهة نظر سخية بشكل غير عادى لمصالحها. ستحتاج إلى إخضاع السعى وراء الثروة والسلطة الوطنيين إلى التطلع المشترك إلى النظام الدولى. ستحتاج أيضاً إلى إعادة توزيع الثروة محلياً للحفاظ على الدعم السياسى للقيادة الليبرالية فى الخارج.