عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

[email protected]

يبدو أننا فى زمن «كورونافوبيا».. فقد مررت خلال الفترة الماضية بتجربة السفر إلى عدة دول وفى كل مرة كان لزامًا عليّ اثبات أننى خالٍ من فيروس كورونا رغم حصولى على جرعتين من لقاح فايزر، الذى يأتى ترتيبه الأول بل والأفضل فى جدول اللقاحات، حسب تأكيد العلماء ومراكز البحث العالمية المعتبرة، ومع ذلك كنت كالمنبوذ المطارد فى البرية بين حدود الدول تحوم حولى النسور، لإثبات أنى غير مصاب، وإلا أكلتنى العقبان فى الصحراء وحيدًا شريدًا قطعة قطعة!

هل الفيروس هو الشرس أم أن الاجراءات هى الشرسة؟.. فقد أصبح الخوف من مرض الكورونا مرضًا فى حد ذاته «كورونافوبيا» انتشر فى النفوس بنفس سرعة انتشار الفيروس، الذى تحول فى مخيلتنا من مجرد شيء لا يرى بالعين المجردة إلى كائن خرافى يلتهم الأرض ومن عليها، وصارت تحوراته كمثل آلهة اليونانيين الأسطورية التى تتصارع فيما بينها على الإنسان، وهو أضعف مخلوقات الأرض لتسحقه تحت أقدامها العملاقة!

ولماذا هاجمت الفيروسات الأرض فجأة؟.. وكأننا دعكنا مصباحًا قديمًا فأطلقنا سراح الجن الأزرق الذى كان محبوسًا من أيام الانفلونزا الإسبانية قبل مائة سنة.. ليخرج ينتقم من سجانيه بلا رحمة.. مع أن الصينيين تبرأوا منه، ولجنة علماء منظمة الصحة العالمية لتقصى الحقائق، فشلت فى اثبات إن كان مصنعا أم طبيعيا، وتم تبادل الاتهامات بين أمريكا والصين، بشكل يذكرنا بصراع فلاسفة علم الكلام بين مذهبى الاشاعرة والمعتزلة حول العقل والنقل.. وهو ما جعل الكثير يقتنع أن الفيروس غير موجود أصلا وأنه مؤامرة سياسية واقتصادية من الدول الغنية على الدول الفقيرة!

والغريب فى الأمر، أن لا أحد يعرف كيف ظهر الفيروس ولماذا؟.. والشيء المريب كذلك، أن العلماء الذين تمكنوا إلى ما هو أصعب بتفكيك الفيروس، والوصول فى أسرع وقت إلى لقاحات فعالة إلى حد ما، فشلوا فى الإجابة عن السؤال الأسهل، نظريا، وهو من أين جاء هذا الفيروس؟.. هل ألقى علينا من السماء وإنه غضب من الله لا إرادة للإنسان فيه.. وهل معنى فشل العلماء فى معرفة مصدره، أنهم سلموا بذلك؟.. وأنه مجرد قرصة أذن للإنسان ليعود عن سطوته وجبروته وهو يتعامل كأنه المالك الوحيد للكون، وتذكيره أنه حيوان ضعيف يموت فى لحظة من فيروس أقل منه وأصغر إلى درجة لا تراه العين.. يعنى مهانة ومذلة!

إن حجم البارود والاسلحة التى استخدمها الانسان من أول ما عرف الرمح حتى القنابل الانشطارية والهيدروجينية والذرية والنووية، تكفى أن تدمر المجموعة الشمسية كلها، وأن حجم انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون منذ اكتشاف النار ثم البترول ومشتقاته يكفى لتلويث الكون ومن فيه وعليه.. ولأننا مازلنا مصرّين على تدمير أنفسنا وعالمنا، يأتى هذا الفيروس الصغير جدًا ليفجرنا من الداخل، ويقتلنا بسهولة ودون الحاجة إلى صواريخ حاملة رؤوس نووية، ويحيلنا إلى حطام كحطام الأقمار الصناعية فى فراغ الفضاء اللانهائى!

يعنى.. ما خسرته أمريكا من تريليونات الدولارات وآلاف الجنود بالإضافة إلى تدمير أفغانستان وقتل شعبها على مدى عشرين عامًا.. يمكن أن يفعله فيروس فى أيام!

وهكذا.. يبدو أن الأرض تدمرنا قبل أن ندمرها، وكأننا اقتربنا من مصير الديناصورات، عندما ضرب الأرض شيء ما أنهى ما عليها من حياة قديمة لخلق حياة جديدة!