رؤية
فى العديد من الأحداث التى يتناولها الإعلام ، وتمثل لأهميتها قضية رأى عام ، كنت أتميز غيظًا وضسقًا وتبرمًا عندما لا أجد أى تفاعل إيجابى من جانب منظمات المجتمع المدنى المتخصصة فى مجال القضية المثارة ، وكنت أسأل : ما جدوى وجود هذا العدد الهائل من الجمعيات والمراكز البحثية والنقابات وغيرها (أكثر من 50 ألف جمعية ) إن لم تشارك بمتخصصيها فى عرض الجوانب المهنية المتخصصة لإثراء ودعم الحوار المجتمعى حول تلك القضية ؟!!
على سبيل المثال ، وعندما انشغل الرأى العام بعرض قضايا تتعلق بتزييف التاريخ وتشويه رموزه ، والتبست الأمور حول دور بعض رموزنا الوطنية والتاريخية ، لم نجد المشاركة المعقولة من جانب مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بالتاريخ والتأريخ ، وكنت أتصور مبادرات علمية ومهنية عبر تنظيم مؤتمرات وندوات للتصدى للظاهرة ، وهو ما لم يحدث باشكل الطيب والوطنى للأسف ..
وعليه ، أسعدنى التفاعل السريع والهام من جانب « جمعية المعماريين المصرية « وإصدارها بيان حول مشروع إقامة « كوبرى أمام « كنيسة البازيليك « بعد أن أعرب سكان المنطقة و المتخصصين فى مجال الآثار والسياحة والتنسيق الحضارى عن رفضهم للمشروع ..
وأنا هنا أعرب عن سعادتى ليس فقط بتفاعل تلك الجمعية ، بل وبتفاعل الجماهير ، ولا يعنينى فى هذا المقام التعاطف مع رأى معين بقدر ما يعنينى تلك الصحوة البديعة التى كانت قد توارت بشكل ما منذ ماحدث أيام مشروع « هضبة الأهرام « عندما قادت الكاتبة الرائعة الدكتورة « نعمات أحمد فؤاد « عبر مقالاتها ومشاركاتها الإعلامية الحماسية حملة انتهت باستجابة الدولة وتم إيقاف المشروع ..
لقد رفضت جمعية المعماريين المصرية بناء كوبرى محور البازيليك، مؤكدة أن قانون ١٩ للبناء الموحد اعتمد اشتراطات الحفاظ على المناطق التراثية، وشمل حدود وأسس الحفاظ على منطقة مصر الجديدة ذات القيمة المتميزة.
وتابعت الجمعية، فى بيان بعنوان «بيان فى مواجهة كارثة كوبرى البازيليك»: «نص البند ٢-٢ اشتراطات تحظر بناء أى إنشاءات فى الفراغات العامة والمفتوحة أو الشوارع والميادين فى المناطق المحددة، وينتج عنها تداخل فى الصورة البصرية لواجهات المبانى، مثل كبارى المشاة والطرق العلوية للسيارات أو الإعلانات واللافتات الإرشادية التى تقطع الشوارع والميادين»..
وشدد البيان على أهمية المنطقة تراثيا: «كوبرى البازيليك المزمع إنشاؤه، محور بطول ٣ كيلومترات، يبدأ من ميدان سفير مرورًا بشارع عثمان بن عفان، وبه بلوكات تراثية بطراز معمارى متميز جدًا (Post Islamic) من تصميمات شركة هليوبوليس عام ١٩٠٥ وتنفيذها عام ١٩١٠، وحاليًا به مول وسينما الحرية، ويمتد شارع الأهرام وعلى جانبيه عمارات شركة مصر الجديدة بطرازها المتميز حتى يصل لتقاطع إبراهيم اللقانى، كما توجد عمارات جروبى والبنك الأهلى والاتحادية (مقر رئاسة الجمهورية) والتى كانت فندق هليوبوليس بالاس ١٩٢٠»