عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

 

تغيَّرت حياة الناس وأولياتهم، بين ليلة وضحاها.. الجميع أصبحوا سواسية أمام جبروت «كورونا»، خاضعين لاحتمالات الوفاة أو الإصابة.. الكل بدأ إعادة النظر في كل شيء، حتى في منظومته الأخلاقية والدينية.

الآن، أصبح هاجس الخوف من «كورونا» يسيطر على الجميع، خصوصًا مع استمرار التفشى الكارثي للفيروس، الذى أصاب أكثر من 1.9 مليون شخص، وأودى بحياة 114 ألفًا حول العالم.

إذن، يظل التأثير الأشد وطأة لهذا الوباء القاتل بتداعياته الأليمة، أنه جعل الإنسان يعيش خوفًا غير مسبوق، مع انتشار حالة صادمة من الرعب والهلع، تمحورت حول غريزة البقاء، ومسألة الموت والفَناء!

لذلك، عندما يجتاح الإنسان الشعور بالخوف، ويستقر في داخله، لن يستطيع التخلص منه بسهولة، حتى لو كان في عزل إجبارى أو اختياري، لأنه إحساس بالهوان والضعف الذي يشل حركته وتفكيره، فيسلب النفس مذاق الراحة والطمأنينة.

في الماضي، كان الصغار يخافون سرد بعض الحكايات و«الحواديت» التي تلجأ إليها الأم أحيانًا، لإسكات أبنائها، عندما يرتكبون خطأً ما.. ثم تمر السنوات، ليتبدل مفهوم الشعور بالخوف، بحسب كل مرحلة سِنيَّة.

من الطفولة إلى المراهقة، فالشباب، ثم الكهولة.. مراحل عدة، تتبدل فيها مشاعر الخوف، بدءًا من «أمنا الغولة» و«العفاريت» و«أبورِجل مسلوخة»، مرورًا بالقلق والتوتر الذى يُصاحب فترات الامتحانات، ثم الرعب من «زوَّار الفجر»، الذين ذاع صيتهم على مدى عقود.. وأخيرًا الخوف من الموت بالأوبئة والأمراض.

ولأن الخوف الذى يعترى الإنسان يجلب له دائمًا الإحساس بالهوان والضعف والمذلة والشقاء، ويجعله حائرًا عاجزًا منطويًا على نفسه، فالنتيجة إذن أن يكتفى الشخص الخائف بمراقبة ذاته المنهارة، ويحسد آخرين على طمأنينة لم تعد موجودة لديهم!

فى السابق، كان الخوف من الناس أو على مستقبل الأبناء والمصائر التى تنتظرهم، أصعب المرارات على الإنسان، خصوصًا إذا تملَّكه الجُبن واعتاد التنازل عن حقوقه والتفريط فيها، بحيث لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، أو مواجهة الآخرين بأخطائهم وظلمهم!

فيروس صغير قلب حياة الإنسان رأسًا على عقب، حيث نجح في أن يسلبه ما كان يزعم أنه حق أصيل، أي حرية الحركة والحياة، من دون عائق، ما جعله يدرك أن حريته مرتبطة أحيانًا بحرية الآخرين، وأن قراره الفردى محكوم بقرار غيره.

على غير العادة، عندما تسيرُ في الشارع تجد الذي أمامك يتجنبك بالسير بعيدًا عنك، فيعطيك كل المساحة خوفًا منك، بعكس ما كان يحدث في السابق، من طوابير ممتدة، لا تخلو من التلامس أو التزاحم في العمل والمواصلات والأماكن العامة!

لقد أصبح الإنسان وحيدًا في عزلة عن العالم.. في اشتياق حقيقى لاستنشاق هواء غير ملوث بالخوف، مع مَن باستطاعتهم بعث الطمأنينة إلى نفسه، بعد أن أصبحت منصَّات التواصل الاجتماعي غير قادرة على تبديد الخوف.

الآن.. الشرق كما الغرب، الكل سواسية، الجميع يختبئ وراء جدران ضيقة، بحثًا عن الأمان في أضيق نطاق وإطار.. أربعة أشهر فقط فرضت تغييرًا جذريًا لحياة البشر، ليتحول العالم من قرية صغيرة مفتوحة، إلى «كانتونات مغلقة»، محاطة بأبراج وحواجز تفوح منها روائح الخوف!

أخيرًا.. بما أن الخوف إحدى الصفات الغريزية والفطرية لدى الإنسان، فمن حقنا أن نخاف، لكن الخطأ الكبير هو الانزلاق إلى هاوية الهلع والفزع واليأس والقنوط من رحمة الله التى وسعت كل شيء.

[email protected]