رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

كثيرون من البشر يخشَوْن التقدم فى السن.. المرأة تخاف بلوغ الأربعين، والرجل يهاب الوصول إلى الخمسين، لكن ما إن يصل أحدهما إلى أحد العُمْرَيْن حتى يكتشف أنه ربما جانبه الصواب فى هذا التخوف!

مؤخرًا قرأتُ دراسة حديثة كشفت أن سن الخمسين هى «العُمْر الذهبى للرجل»، لأنه قد يُعيد اكتشاف نفسه، ولو متأخرًا.. خصوصًا حين يختبر أشياء جديدة لم تتوفر له فيما مضى من عمره.

ولأن لكل «سنٍّ حكمه وتجاربه»، نقول للرجل لا تَيْأس، أو تُصب بالإحباط عندما تكون على مشارف «الخمسين»، فلهذا العُمْر فوائده أيضًا، حيث تدرك مدى رغبتك فى تحقيق ما لم تستطع إنجازه، فى أعوام فائتة.

فى هذه السن تنضج خبراتك الحياتية بما فيه الكفاية، بعد تراكم الذكريات بـ«حلوها ومرها»، فتحاول جاهدًا الاستفادة منها، أو الوقوف عند محطات لم تستغلها فى حياتك، والأمنيات التى لم تحققها يومًا ما.. حينها ستدرك يقينًا كم أن الحياة قصيرة!

بالطبع، تختلف مرحلة «العُمْر الذهبي» عما سبقتها من مرحلتى «ليس بالإمكان!»، و«لو كنتُ أستطيع!»، بما يصاحبها من تغير فى الصحة العامة، والفكر والسلوك، والأولويات، أو قابلية المرونة والتغيير، وكذلك القدرة على تحويل الغضب إلى طاقة إيجابية تنثرها على كل مَن حولك.

تلك المرحلة «الحرجة» من العُمْر، تكون فيها خطوات «الرجل» محسوبة ومتأنِّيَة، من واقع شعوره بالمسئولية الاجتماعية، بعد استقراره أُسريًا ووظيفيًا.. وقد أثبتت التجارب أن هناك مَن تغيَّر بالفعل إلى الأفضل بعد ما بلغ، أو اقترب من «الخمسين».

إن بلوغ هذه المرحلة بكل ما تحملها من أبعاد إنسانية واجتماعية وسلوكية ربما يكون جسر عبور لبلوغ قمة النضوج، والانشغال بالأفكار الإيجابية، وطرد الكآبة بالتأملات، والابتعاد عن كل ما يعكِّر صفو الحياة... فيما تبقى من العُمْر.

ولكى تصل إلى هذا «الإنجاز»، هناك «روشتة» جديرة بالتأمل: «لا تنظر للوراء حتى لا تسقط.. لا تُضَيِّع وقتك مع مَن لا يستحق.. انظر حولك ستجد كثيرين أحبوك.. حين تُراجع دفاتر العمر ستجد رصيدًا كبيرًا من المحبة وطابورًا طويلًا من الأحباب».

لكن.. تبقى «السعادة» كمعنى وحالة، أجمل ما قد نحققه فى هذه السن، لأنها أهم وأثمن الكنوز، رغم مفهومها المعقد والمتشابك مع القناعة والرضا والرفاهية، ولذلك تظل شعورًا يراود الإنسان طيلة حياته، وإن كانت أكثر إلحاحًا كلما تقدم به العُمْر، علَّها تكون آخر محطات الحياة!

إذن، قد يختلف مفهوم السعادة من شخص إلى آخر، ومن مجتمع إلى غيره، بحسب المفاهيم والثقافة والقيم السائدة وجَوْدَة الحياة.. والحالة الاقتصادية، ولذلك يظل تحقيقها مطلبًا وغاية، ومحاولات لا تنتهى، رغم تقدم العُمْر.

إن السعادة التى نستجديها، أو نعمل على خلق أجوائها، ليس لها تعريف محدد، كما أنها ليست أمرًا هينًا.. يقول طه حسين إنها «ذلك الإحساس الغريب الذى يراودنا حينما تشغلنا ظروف الحياة عن أن نكون أشقياء»، ووصفها تولستوي‏ بأنها «‏شيء‏ ‏تعمله‏، ‏وآخر‏ ‏تحبه،‏ ‏وثالث‏ ‏تطمح‏ ‏إليه»، لكن أرسطو أطلق عليها اسم «يومونيا» باليونانية، بأنها «ليست شيئًا نقدمه للآخرين، أو تلبية احتياجات ورغبات مادية فقط».

أخيرًا.. نتصور أن السعادة ليست مرتبطة بعُمْر معين، لكن السعداء فقط هم أولئك الذين يهتمون بالعلاقات الدافئة مع الأسرة والأصدقاء والمجتمع.. فماذا عنكَ أنت، خصوصًا إذا كنتَ على مشارف الخمسين؟!

 

[email protected]