حصة المواطنة

كتبت سيدة إلى كاتبها المفضل تشكو أن ابنها كان يرفض الذهاب للمدرسة لأن مدرس اللغة العربية كان يتقصده فيدعوه فى كل حصهة،‏ يدعوه هو تحديدا‏,‏ وهو المسيحى الوحيد فى الفصل كى يمتحنه فى حفظ ما جاء فى كتاب القراءة من آيات القران الكريم‏,‏ ثم يفرض عليه أن يورد تفسيرًا للآيات يتعلق بعقيدته المسيحية من منظور إسلامى،‏ بالإضافة لأنه تفسير خاطئ ومتعصب‏..‏ الأم اتصلت بعد نشر كلامها من قبل الكاتب صارخة انت لسه فاكر؟ وسألها عن الابن، فازدادت صراخا ارتاح وريحكم وسافر كندا عند عمه!!

وفى تلك الفترة كان لمفكرنا البارز فى مجال «حقوق المواطنة د. سمير مرقص اقتراح حل متكامل كبديل، قال: «يبدو أن هناك ضرورة لإدخال ما يمكن تسميته بـ‏«حصة المواطنة»‏ بحيث تستقر فى عقولنا ما يمكن تسميته المواطنة الثقافية تأكيدا لحق كل مكونات الجماعة الوطنية فى أن يجرى تمثيلها فى المكون المركب للثقافة وعملية التعلم‏،‏ وحيث المواطنة التعليمية والثقافية تهدف إلى تمثيل الهويات الخاصة جميعًا فى المركب الثقافى العام‏،‏ وبحيث يكون تاريخ وثقافة كل الجماعات المكونة للمصريين ممثلاً فى مناهج التعليم وفى مختلف مكونات الوعى والثقافة والإعلام‏,‏ ثم التأكيد على أهمية أن يكون هناك حرص على حرية التعبير الكاملة للخصوصيات‏,‏ وعلى إبراز المنظومة الرمزية بكل خصوصية، بحيث يألفها الجميع فيكون حاضرًا ومعروفًا ومألوفًا لدى المكون الآخر، فلا يصير أحد هذه المكونات غامضًا أو مستبعدًا‏,‏ وبهذا تتكون لدى المصريين جميعا ذاكرة تاريخية موحدة‏.‏

ويقترح «مرقص» لمناهج حصة المواطنة مزيجًا من الدراسات حول:‏ الدور الوطنى المشترك للمصريين مسلمين ومسيحيين فى مواجهة الوافد المستعمر‏,‏ ومواجهة الظلم‏،‏ وأخرى للقضايا المشتركة فى الديانات السماوية والقيم الإنسانية التى توكدها‏،‏ مثل:‏ العدل وحقوق الانسان والتسامح وإعمار الدنيا والتعددية الثقافية واحترام الآخر‏.. ‏الخ‏.‏

كما اقترح «مرقص» إعداد كتب كمراجع لمثل هذه الحصة الدراسية سواء لطباعتها وتوزيعها على الطلاب أو الرجوع إليها عند تصميم المناهج الخاصة بهذه الحصة..‏ واقترح كتبًا مثل «تكوين مصر» لمحمد شفيق غربال «الأدب الشعبى» لأحمد رشدى صالح‏،‏ «وحدة تاريخ مصر» لمحمد العزب موسى‏،‏ «المسيحية والإسلام فى مصر» لوليم سليمان قلادة,‏ كما اقترح تدريس نصوص لرفاعة الطهطاوى وعبدالله النديم وميخائيل عبدالسيد‏.. إلخ‏.‏

أرجو أن يُعاد التفكير فى تلك المقترحات الرائعة للمفكر الرائد «سمير مرقص» وتحديثها بما يتوافق مع ظروفنا الحالية، وأن يُدار حوار وطنى بين كل أطراف المجتمع المدنى وأهل الإصلاح والتنوير، وبالطبع بوجود مؤسساتنا الدينية المصرية.

‏[email protected]