عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل كانت فيرينا ابنة قرية «جراجوس» بمركز قوص بمحافظة قنا تعرف وهى تبحر إلى أوربا أنها ستعلّم أوربا الطهارة والعفة والنظافة؟ يحكى لنا الدكتور محمد عبدالشافى المغربى الأستاذ بكلية الآداب بقنا فى بحثه المدهش عن ملامح إقليم قنا فى العصر البيزنطى قصة هذه الفتاة التى تحولت إلى أيقونة أوربا ورمز الجمال "كانت فيرينا ضمن الوفد الطبى من الأطباء والممرضات المصريات اللائى صحبن الكتيبة الطبية التى أرسلت بأمر من الإمبراطور ماكسيميان إمبراطور الغرب (286 – 305م) على عهد الإمبراطور دقليديانوس إلى أوربا (فى المكان الذى يمثله اليوم الحدود الفرنسية والسوسرية والبلجيكية) للقيام بالأعمال الطبية، وكان الإمبراطور ماكسيميان قد أباد هذه الكتيبة لرفضهم مشاركة الإمبراطور ماكسيميان التبخير مع كهنة المعبد وتقديم العبادة للآلهة. وقام بتسريح الممرضات، فضَّلت القديسة فيرينا أن تبقى ومكثت مع مجموعة من العذارى فى كهف صغير وكانت تقوم بأعمال التمريض وحياكة الملابس سرًا، وفى سنة 305م انتهى حكم ماكسيميان ودقليديانوس وبدأ حكم الإمبراطور قسطنطين الكبير الذى اعترف بالمسيحية كواحدة من الديانات المرخص والمصرح بممارستها فى الإمبراطورية وذلك فى مرسوم ميلان الشهير سنة 313م حيث لاحظت أن سكان مدينة تسورتساخ السويسرية لا يعرفون المبادئ الأولية للعناية بصحتهم ولا يعتنون بنظافة أجسامهم فظلّت تعلمهم مبادئ الصحة العامة وتعالجهم من خلال خبرتها الواسعة بالأعشاب حتى رسَّخت هذه المفاهيم بينهم كما قامت بعملية تنمية الوعى الاجتماعى والتعليم والصحة واستطاعت هذه الفتاة المصرية التى نشأت بإقليم قنا أن تغيّر عادات وتقاليد قديمة فى مجتمعات أوربا العصور الوسطى التى كانت تعيش فى الجهل والظلام حتى رسّخت هذه المبادئ بينهم واعتكفت فى قلاية صغيرة فى زُهد وتقشف حتى توفيت عام 344م، وتعتبر فيرينا أول من علّم أهالى المنطقة السويسرية مبادئ الصحة العامة، وقد أُطلق اسمها على إحدى كنائس سولير Soleure السويسرية ولا تزال هذه الكنيسة قائمة إلى اليوم ويبلغ عدد الكنائس التى تحمل اسمها فى سويسرا سبعين كنيسة وفى ألمانيا ثلاثين كنيسة، وفى الأول من سبتمبر من كل عام يحتفل بعيد هذه الفتاة كما أن سفارة سويسرا بالقاهرة أقامت تمثالا لها منحوتا بالحجم الطبيعى وهى ممسكة إبريقًا بإحدى يديها وباليد الأخر مشطًا وقد أقيم نفس التمثال فى جميع المناطق فى سويسرا ونقشت تحت التمثال عبارة تقول «الفتاة التى علمت سويسرًا النظافة وعلمت فتياتها العفة والطهارة» وفى مصر بنيت لها كنيسة بالقاهرة باسم القديسة فيرينا ووضعت بها الرفات التى أحضرها وفد سويسرى سنة 1986 وتسلّمها قداسة البابا شنودة الثالث بعد غياب 16 قرنًا من الزمان"

وتشير المصادر إلى أن الكتيبة التى ذهبت كانت محَمّلةً بالأدوية والأعشاب والمُؤن والذخيرة، وأغلب ظنى أن القنينة التى تمسكها بإحدى يديها هى القُلة القناوى التى أخذَتها معها لسويسرا واستخدمتها هناك، لأن المهندس سمير مترى نبّهنا إلى كتاب مهم صدر بألمانيا فى 2009 للكاتب فالتر بولمان Walter Buhlmann بعنوان "مع مشط وقُلَّة" (قنينة) Mit Kamm und Krug كما أن هناك بسويسرا جمعية شهيرة باسمها وقد علمتُ أن فيلما يُعدّ حاليا عن فيرينا ويشرف عليه الأستاذ رمسيس مرزوق تدور أحداثه بمصر وسويسرا وألمانيا وفرنسا سيُبرز دور مصر ونهضتها قبل سبعة عشر قرنا وكيف أبحرت هذه الفتاة عبر النيل ثم البحر لتصل إلى أوربا لتُقدّس لتتحول إلى أيقونة العفة والسلام والتسامح والطهارة، فهل يضع اللواء عبدالحميد الهجان محافظ قنا هذه القرية "جراجوس" على الخارطة السياحية وستجذب العاشقين لهذه الفتاة حتى يزوروا منبت هذه القديسة التى علّمتهم كيف يتطهّرون، وأذكرُ أنى وقفتُ مشدوها أمام لوحة شهيرة بمتحف فيينا وقد تراصت صفوف من البشر يجلسون القرفصاء بالميدان الكبير بفيينا أمام رجل يُفَلِّى شعرهم من القمل والحشرات؛ ولما وجدَ المُنتظرين يزدادون صفوفا استعان بقِرد مُدرَّب على التَّفلية!! وماتزال اللوحة معلقةً هناك.

[email protected]