رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

كثيراً ما تتحدث الحكومات المصرية عن أرقام مفزعة لحجم التهرب الضريبى.. آخر رقم 400 مليار جنيه.

والحقيقة المؤلمة أن تلك الأرقام أقل بكثير من الواقع.. وبعيداً عن الاقتصاد غير الرسمى، هناك جانب آخر كبير من الاقتصاد الرسمى يعمل فى الخفاء.. وما تبنى عليه الحكومة حساباتها لا يتعدى الجزء الظاهر من جبل الثلج تحت الماء.

وقبل التحدث عن فعالية النظام الضريبى.. دعونا نتحدث أولاً عن عنصرين حاسمين فى تلك الفاعلية.. العدالة والقبول.. وهل نجحنا فى تحقيقهما فى نظامنا الضريبي؟

الواقع يشير إلى العكس تماماً.. وتكفى الإشارة إلى الاستراتيجية الهجومية التى تتبعها مصلحة الضرائب.. فتفترض مسبقاً أنها تتعامل مع «متهرب».. وينتج عن ذلك تقدير جزافى للوعاء الضريبى.. ودخول الممول مع المصلحة فى حرب الاعتراضات ولعبة الثلاث ورقات.. ويتحول الأمر لطرفين متنازعين يسعى كل منهما لهزيمة الآخر.

هذا الأمر وحده، إذا أضفت له أسلوب تعامل موظفى الضرائب مع الجمهور، كفيل بدفع الممول لفعل أى شيء للابتعاد عن تلك المصلحة برمتها.

أما العنصر الثانى وهو القبول.. فيفترض لتحقيقه أن يشعر الممول- صغر أو كبر- أن تلك الأموال التى يدفعها ستعود عليه وعلى أسرته بشكل حقيقى وملموس.. فهل هذا الشعور متحقق على أرض الواقع؟

نأتى للجزء الأخطر والمسكوت عنه فى عملية العدالة والقبول.. «الازدواج الضريبي».. فعلى سبيل المثال، عند شراء مواطن لسيارة من الخارج.. وتقدير قيمتها بـ100 ألف جنيه واحتساب جمارك 150 ألف جنيه لتصبح تكلفتها 250 ألف جنيه.. يفاجأ الممول هنا بمطالبته بدفع ضريبة أخرى ليس على ثمن السيارة فقط ولكن على إجمالى الـ250 ألف جنيه.. أى أن الدولة تفرض ضرائب على الجمارك.. أو بمعنى أدق ضرائب على الضرائب.. وهو ازدواج ضريبى صارخ وغير مبرر.

مثال آخر.. جميع العاملين فى الدولة تخصم منهم ضريبة الدخل من رواتبهم «من المنبع».. والأمر هنا لم ينته بعد.. فبعد أن تخصم الدولة ضريبتها من راتب الموظف.. يفاجأ بأنه مطالب بدفع الضريبة مجددا فى كل كبيرة وصغيرة.. من كوب القهوة إلى العقار وكل الخدمات(!!).

وهذا الازدواج الصارخ يأتى تحت عدة مسميات أشهرها ضريبة «القيمة المضافة».. والتى لا تنصب إلا على رأس المستهلك.. وكان على الدولة الاختيار بين تحصيل ضريبتها إما من المنبع أو عند طلب الخدمات والسلع، وليس الاثنان معاً!

والخلاصة، إن تطوير نظام ضريبى يتميز بالعدالة ويحظى بالقبول وحده كفيل بمضاعفة حصيلة الضرائب عدة مرات.. بدلاً من إهدارها بنظام الازدواج والتقديرات الجزافية وتكشيرة الموظف والتهديد بالسجن.