عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

الهجرة النبوية الشريفة، تمثل مرحلة مهمة ودقيقة فيما يتعلق بتاريخ الدولة الإسلامية، كما أنها مناسبة تتجدد كل عام، يجب علينا التوقف أمامها واغتنامها، للتعرف على أسبابها ومعطياتها، وأخذ الدروس والعبر منها.. لحاضرنا ومستقبلنا.

إن الله سبحانه وتعالى لم يشرع أو يأمر بشي لينتهي بانتهاء وقته، وإنما يسوق إلينا كثيرًا من الأمور لنقف عندها.. نتدبر في أسرارها ومعانيها، ولذلك من الضروري أن نستفيد من كل الجوانب العطرة في السيرة النبوية الشريفة ومنها الهجرة المبارکة.

من خلال استرجاعنا لهذه الهجرة الشريفة، سنجد العديد من الدروس والعبر التي تبرزها، ولذلك لا نقف كثيرًا عند وقائعها وأحداثها ـ التي رغم أهميتها إلا أنها استهلكت وتكررت مرارًا ـ إنما تستوقفنا لنتدبرها، ونتعرف علی معانيها وأسرارها، وأهم ما يمكن أن نستفيده منها في حياتنا.

إن الهجرة بمفهومها العام لا تعني الانقطاع عن الوطن كما يظن كثير من الناس، بل هي تحمل في طياتها الحب الكامل له.. وإذا كانت الهجرة أهدافها نبيلة، ومن أجل تحقيق مصلحة أعلى، فإن المهاجر يترك الوطن بجسده وقلبه معلَّقٌ به، لأنه دائم التفكير في كيفية الرجوع إليه، حتى يفيده بما اكتسبه، وذلك يمكن اعتباره أحد المعاني الحقيقة.

أما هجرة الرسول الأعظم فإنها تمثل نقطة فارقة في حياة البشرية، لأنها فرَّقت بين الحق والباطل، وميَّزت بين الخير والشر، وبالتالي أصبحت علامة مضيئة في وجدان وحياة الإنسان.. يمكنه الاستفادة منها وتطبيقها في حياته الفردية والإجتماعية، ولكي يعلم دعاة الإصلاح كيف يقتحمون الشدائد، ويصبرون على القهر والأذى.

يوم الهجرة الأغرُّ الميمون، هو يوم مجيد لا يُنسى، مهما تعاقبت الأيام، وتوالت السنون.. هو حدث فريد غيَّر مجرى التاريخ، لتصحيح أوضاع الحياة، حيث كان خطًا فاصلًا بين مرحلتين من مراحل الدعوة، وبداية النصر من الله تعالى لرسوله الكريم صلوات ربي وسلامه عليه.

إن الهجرة الشريفة فتحت للدنيا عصرًا مجيدًا تزهو به، وتاريخًا حافلًا بالبطولات الرائعة والمُثل العليا، ولذلك يستحق هذا اليوم تقديرًا استثنائيًا من المسلمين، الذين يعتبرونه بداية تاريخهم في هذه الحياة.. فلم يؤرِّخوا بميلاد نبيهم، ولا بمبعثه، وإنما أرَّخوا بهجرته، لما تحمله الهجرة من معانٍ، وتحدِّد من معالم، وتوضِّح من أهداف.

إن فلسفة الهجرة تكمن في أنها ليست مجرد سفر لبضع مئات من الأميال، فكم في الدنيا من أسفار أطول مدى وأبعد شُقَّة.. وليست مجرد تحول من مكان إلى مكان، فما أكثر المهاجرين الذين تزدحم بهم طرق الأسفار من وطن إلى وطن، ابتغاء ثروة، أو طلبًا للراحة، أو فرارًا من ظلم.. ولكنها كانت إيمانًا وفداء.

الهجرة النبوية الشريفة، أراد الرسول الأعظم من خلالها، أن يعلمنا الصبر والتضحية وقوة الإرادة وتحمل الصعاب، مع عدم اليأس وفقدان الأمل، وأن نأخذ بالأسباب بلا تكاسل أو تقاعس عن العمل.. والثقة بالله في أن الظلام ينبعث منه الفجر، وأن الظالم مهما طغى وتجبر فإن نهايته حتمًا قريبة.

لعل أسمى المعاني التي جسَّدتها الهجرة النبوية الشريفة، هي عاطفة الحب الكريم لقائد الدعوة وافتدائه بالنفس فداء كريمًا، إضافة إلى الإخاء الجميل والحب في الله.. وغيرها من المعاني السامية والقيم النبيلة الخالدة والمثل العليا.. معانٍ تشكل مشاعل ومعالم على الطريق، تحدد للمسلمين هدفهم ليمضوا إلى غايتهم بصدق واجتهاد وعزيمة لا تلين.

[email protected]