رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

كان عمر بن الخطاب، أمير المؤمنين، مترددا كثيرا فى مسألة فتح مصر.. ويبدو أن الكثير من الصحابة المقربين من عمر مثل عثمان بن عفان وغيره، كانوا كذلك ضد فتح مصر، أو ضد عمرو بن العاص تحديدا أن يكون هو على رأس الجيش الذى يفتح مصر.. ورغم ذلك ظل عمرو يلّح على أمير المؤمنين ليأذن له بفتح مصر.. وعمر بن الخطاب يرفض، ولكن عمرو بن العاص كان طامعاً ومتلهفاً لفتحها.. بصورة غريبة ومريبة!

ويبدو أن عمرو بن العاص انتهز فرصة عدم وجود أحد من الرافضين للفكرة عندما جاء عمر بن الخطاب إلى دمشق، وكان عمرو قائدا على جيش المسلمين.. فاختلى به كما يقول المؤرخ «جمال الدين أبوالمحاسن يوسف بن تغرى بردى» فى كتابه الشهير «النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة» حيث قال: «لما قدم عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجابية (قرية فى دمشق) قام إليه عمرو بن العاص فخلا به وقال: يا أمير المؤمنين ائذن لى أن أسير الى مصر، وحرضه عليها، وقال: إنك إن فتحتها كانت قوة للمسلمين وعوناً لهم، وهى أكثر الأرض أموالا واعجز عن القتال والحرب، فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين وكره ذلك، فلم يزل عمرو يعظم أمرها عنده ويخبره بحالها ويهون عليه فتحها، حتى ركن اليه عمر وعقد له أربعة آلاف رجل (من اليمن)».

المهم سمح له عمر بن الخطاب، مترددا، أن يسير الى مصر، ولكن بشرط إذا وصله كتاب منه ليعود بالجيش قبل أن يدخل ارض مصر لا بد أن يعود فوراً.. ولكن ذلك لم يحدث، فقد روى أن عثمان بن عفان قال لعمر بن الخطاب ان عمرو بن العاص متهور ولديه حب للإمارة ويخشى على هلاك المسلمين.. فندم عمر بن الخطاب على موافقته له بالذهاب بالجيش إلى مصر، وأرسل كتاباً يأمره بالرجوع اذا وصله الكتاب قبل أن يدخل مصر.. وبالفعل عندما جاء رسول عمر بن الخطاب الى عمرو بالكتاب رفض أن يتسلمه، وتقدم بالجيش حتى تأكد أنه وصل ارض مصر وتحديداً فى قرية بين العريش ورفح.. وفيها تسلم الكتاب بعد أن أشهد من معه أنه تسلمه وهو داخل مصر وبالتالى لم يتراجع وتقدم!

المهم.. بعد أن فتح عمرو بن العاص مصر طلب قواد الجيش أن يقسمها بين من افتتحها.. فقام عمرو وجلس على المنبر وقال: «لقد قعدت مقعدى هذا وما لأحد من قبط مصر علىّ عهد ولا عقد، إن شئت قتلت، وإن شئت بعت، وإن شئت خمست».

وفوجئ عمرو بن العاص بطلب كبار القبط أن يسمح لهم بأن يقدموا للنيل قرباناً عبارة عن فتاة يختارونها من بين الأسر الكبيرة، ويعوضون أهلها بالمال، ويزينونها بالحلى والملابس الفاخرة ويقومون بإلقائها فى النيل، وذلك حتى يفيض النيل ويجري، لأن مصالحهم وزراعتهم تضررت من استمرار الجفاف.. ولكن عمرو بن العاص رفض ذلك، وارسل الى عمر بن الخطاب يستشيره، فرد عليه بن الخطاب بكتاب يتضمن رسالة الى النيل، وأمره أن يلقيها فى النيل، وقد قال عمر للنيل: «من عبدالله عمر أمير المؤمنين الى نيل مصر.. أما بعد، فإن كنت تجرى من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار الذى يجريك، فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك».

وقرأ عمرو بن العاص الرسالة عليهم ثم ألقاها فى النيل.. وقال المؤرخ «جمال الدين أبوالمحاسن» إنه فى هذا العام فاض النيل ستة عشر ذراعا فى ليلة واحدة ببركة عمر بن الخطاب.