صواريخ
فرضت الظروف التى عاشتها مصر عام 2011، إجراءات استثنائية كثيرة، كان من بينها زيادة وتشديد الإجراءات الأمنية حول السفارات الأجنبية وأماكن إقامة البعثات الدبلوماسية، إلى حد أنه تم إغلاق بعض الشوارع تمامًا أمام حركة المرور للمشاة والسيارات، بينما تمت إقامة حواجز خرسانية أمام سفارات أخرى أدت إلى اقتطاع أجزاء كبيرة من الشوارع وحولتها إلى حارات ضيقة مختنقة طوال الوقت، وغيرها من الإجراءات التى أثرت على حياة كثير من المصريين، وخاصة القاطنين بجوار هذه السفارات، والمشاكل التى تعرضوا لها يوميًا على مدار هذه السنوات، ومع كل هذا تحمل المصريون هذه المصادرة لحقوقهم بصبر، حفاظًا على سمعة بلدهم ووطنهم، وخشية حدوث أى عمل إرهابى يمكن أن يطال سفارة أو بعثة أجنبية، واستطاعت أجهزة الأمن المصرية بالفعل أن تضرب المثل والقدوة فى حماية جميع البعثات الأجنبية، رغم ما شهدته البلاد من فوضى وعمليات إرهابية كثيرة، ولم يحدث اعتداء واحد على بعثة أجنبية فى تأكيد على حرص مصر وقدرتها على حماية هذه البعثات.
الحقيقة أن الإجراءات الاستثنائية حول السفارات الأجنبية قد طالت لحوالى خمسة عشر عامًا، رغم حالة الاستقرار التى تنعم بها مصر منذ عدة سنوات، وطالب كثير من المواطنين والكتاب والصحفيين، إزالة هذه الحواجز وعودة الشوارع تطبيقها خاصة وأنها تؤثر بشكل كبير على الحالة المرورية فى أماكن مثل جاردن سيتى والزمالك والدقى التى تشهد أكبر تواجد للسفارات والبعثات الأجنبية، وللأسف باتت هذه البعثات تتعامل مع الشوارع المصرية على أنها ملكية خاصة لها، فى اعتداء صارخ على حق المواطن المصرى، واستفحلت هذه الظاهرة إلى حد أن كثيرين من الدبلوماسيين والأجانب قد استغلوا الفرصة وقاموا بإنشاء حواجز حديدية فى منتصف الشوارع المصرية وحولوها إلى - بارك - لسياراتهم وزائريهم فى اعتداء صارخ واستهتار بمشاعر المواطنين، وتشويه بالغ لشوارع مصر ولوجه القاهرة، وإذا كانت هذه الظاهرة قد استفحلت نظرًا لظروف استثنائية مرت بها البلاد، فقد أصبح من الواجب على الحكومة المصرية إزالة هذه الحواجز ومواجهة تفشى الظاهرة التى تشكل اعتداء على السيادة المصرية ومشاعر المواطنين، وتخصم أيضًا من حالة الأمن والاستقرار التى تتمتع بها مصر.
الخطوة التى اتخذتها الحكومة المصرية بتحرير شوارع جاردن سيتى قبل أيام، يجب أن تمتد إلى باقى الشوارع المصرية التى احتلتها السفارات والبعثات الأجنبية على اعتبار أننا قد تجاوزنا المرحلة الاستثنائية، وعدنا إلى الوضع الطبيعى مثل كل دول العالم التى تحترم النظام والقانون، ولا تكاد تسمح أية دولة لسفارة أجنبية بالاعتداء على رصيف أمامها أو منع المارة من استخدامه.. وإذا كانت الوقفات الاحتجاجية الدنيئة لأعضاء الجماعة الإرهابية أمام سفارتنا بالخارج قد تمت فى ظل غياب التأمين الكافى من هذه الدول، فيجب أن يكون التعامل بالمثل على شتى المستويات، ويجب أن يسود القانون المصرى على الجميع، وكفانا تدليلاً للبعض، إلى حد أن يعتبر أحد المكتسبات، كما فعلت السفارة البريطانية التى أغلقت مقرها الرئيسى فى جاردن سيتى ردًا على فتح الشوارع حولها فى تصرف شاذ وغريب، يشير إلى أنها اعتقدت أن من حقها تقرير مصير الشوارع المجاورة لها وعلى حساب المصريين رغم أنها تعى جيدًا أن مصر عادت إلى حالتها الطبيعية المستقرة منذ إلغاء حالة الطوارئ والقضاء على الإرهاب واستعادة حركتها السياحية، وهناك تقارير دولية تضع مصر على رأس الدول الأكثر أمنًا واستقرارًا، الأمر الذى يدعو الحكومة المصرية إلى استكمال الخطوة التى بدأتها لتحرير الشوارع المصرية وإزالة كل التشوهات من شوارعنا وعودتها إلى حالتها الطبيعية.
حفظ الله مصر