رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

عندما تركت الحكومة دورها, وتخلت عن مهمتها,واتخذت موقف المتفرج, أصبحت الساحة فارغة مهيئة لجماعات قامت بدور مواز, والحقيقة أنها اجتهدت فى تنفيذ دورها مستخدمة كل أساليب النجاح الذى كتب لها , فنشأ جيلا كاملا لا يعرف عن دينه إلا ما يقوله هؤلاء وينفذه بحذافيره تقربا الى ربه , خدمة لعقيدته, فرأينا من يقتل مسلما بدم بارد موقنا انه بذلك ينفذ تعاليم الدين , ومن يفجر منشآت ,ومن يحرض على هدم الدولة بزعم أنها حادت عن الطريق القويم, واستشرى هذا المرض العضال , وفشلت كل الوسائل فى علاجه, لأن التشخيص كان خاطئا , فالفكر لا يجابه الا بمثله , والحجة لا يقارعها إلا أقوى منها.

والناقد الكبير عز الدين نجيب فطن إلى ذلك مبكرا- خلال الستينات -  فكانت له  تجربة صعبة للغاية حيث كان عليه أن ينشئ قصراً للثقافة فى كفر الشيخ من نقطة الصفر بعكس قصور الثقافة الأخرى فى المحافظات المختلفة التى كانت لها مبان فخمة تم إنشاؤها أوائل الستينات خلال المرحلة الأولى من عمل الثقافة الجماهيرية, و لم يستطع الحصول على أموال أو موظفين أو حتى عمال للعمل بالقصر، ومن ثم كان التحدى الأول إقناع المحافظ -اللواء جمال حماد- بتوفير الإمكانات المادية بدلاً من وزارة الثقافة، ونجح فى ذلك بالتعاون مع المحافظ وبدأ عمله من القاعدة الجماهيرية قبل القمة حيث سعي إلى الاعتماد على مجموعة من شباب المثقفين بالمحافظة وأسس فرقة مسرحية من بينهم.

والخلاصة أن تجربة(نجيب) كتب لها النجاح لأنها قامت منذ بدايتها وحتى نهايتها على أساس المشاركة الشعبية، وإطلاق طاقات الحريات والديمقراطية واكتشاف المواهب الخلاقة فى جميع مجالات الإبداع بعيدا عن المركزية والبيروقراطية وانتظار الدعم والتمويل من الدولة,- والذى لا يأتى دائما –وان كانت قد قمعت بأجهزة السلطة فإنها نجحت فى تشكيل أجيال من الشباب المؤمنين بدور الثقافة.

ولأن مصر ولادة , ومواهبها لا تنضب , ظهر علينا من يحمل المشعل , ويواصل إضاءة الطريق بتجربته الفريدة التى نفذها بأبسط الوسائل المتوفرة تحت يديه, لم ينتظر دعم أحد , ولم يشتكى كثرة العراقيل, ومضى فى مسيرته التنويرية متيمنا بمن سبقوه , متوقعا نفس المصير راضيا مرضيا.

 إختار الكاتب الصحفى المثقف يسرى السيد جزءا صغيرا من مقهى حقيقى فى منطقة السيدة زينب بكل عبقها الرمضاني القاهري وحوله إلى حيز إبداعي للأنشطة الثقافية والفنية في ليالي شهر رمضان, مطلقا عليه اسم "مقهى مصر المحروسة".

قرر " السيد " النزول إلى البسطاء, أهل مصر الحقيقيين , المحرومين من الثقافة , المتعطشين للفنون المختلفة , الراغبين فى المعرفة , العارفين بقيمة الوعى والقيم التى تربوا عليها وكساها الغبار فى فترة كئيبة من عمر الوطن, مؤكدين أنهم لم يهجروا الاهتمامات الثقافية الا مجبرين.

تفاعل رواد المقهى مع المنتج المتنوع الذى صادف عشقا لديهم, رأينا أكثر من جيل تجمعوا فى مكان واحد, تمايل الأطفال طربا, ابتسم الشيوخ استحسانا,رقص الشباب ابتهاجا, وبدت السعادة واضحة على وجوه المنصة.

الغائب الوحيد عن المشهد كانت وزارة الثقافة, اختفت تماما لتكمل دور الدولة المفقود من عقود, وكان حرى بها أن تبارك ما فشلت فى عمله , حتى ولو من وراء ستار.  انتهت الأمسيات الرائعة تاركة حلاوة فى فم البسطاء , وبقى السؤال الحائر متى يكون عندنا وزارة ثقافة؟

[email protected]