رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لم أكن أتصور أن أكباد المصريين خاصة البسطاء منهم تعاني هماً كبيراً وتئن وتتألم تحت ما يسمى بفيروس «سي» الوبائي – حتى جاءني أحد أقاربي من البلدة ليخبرني أنه اكتشف أن لديه إصابة بفيروس «سي» بعد اختبار أجراه لذلك، وطلب مني مساعدته في الحصول على العلاج لهذا المرض القاتل الذي يفتك بالكبد والذي هو أهم عضو في جسم الإنسان الذي أبدعه خالقه – وذهبت وإياه إلى مركز الفيروسات بقصر العيني وقابلنا طبيباً شاباً بالمركز والذي طلب منه تحاليل شاملة للكبد وللكلى وفحصا لقاع العين ورسما حديثا للقلب وأشعة على البطن وكل هذا يتم في مراكز متخصصة معروفة حتى تكون هناك ثقة في اللجنة التي ستطلع على كل هذا بعد تجهيزه.. وذهب الرجل ليقوم بكل ما طلب منه.. الأمر مكلف وليس بيسير.. فالتحاليل وحدها فاقت الألفين جنيه فضلاً عن الباقي.. الموضوع يدخل في ثلاثة آلاف جنيه تقريباً ينفقها المريض الذي ابتلى بهذا الداء.. ثم يقدمها إلى المركز للفحص وإقرار العلاج من عدمه. وتساءلت..؟ كيف لموظف بسيط أو رجل أو امرأة فقراء أن ينفقوا مبالغ كهذه قبل أن يطمئنوا إلى أنهم سيصرفون العلاج أم لا؟..

ولقد تناقشت مع الطبيب الشاب وعلمت منه شيئاً عن هذا المرض المدمر لأكباد المصريين خاصة البسطاء منهم.. وأنه ينتقل عن طريق عدوى الدم.. ليس إلا.. وهذا من لطف الله بالناس فلو كان ينتقل بالمصافحة أو المعاشرة أو المعايشة العامة لكان شاع ولم يبق أحد في مصر إلا وأصيب به.. والطبيب يحذر أشد الحذر من عيادات الأسنان فمنها تنتقل العدوى إذا لم تكن الأدوات المستخدمة معقمة جيداً.. كذلك الحقن غير الآمن في بعض المناطق والبيئات.. ولقد تذكرت أيام أن كنت صبياً في خمسينات القرن الماضي وكنا في البلدة الريفية التي نشأـت بها في إحدى مدن محافظة كفر الشيخ.. ننطلق في الصيف إلى «بحر البلد» أو ما نسميه كذلك وهو في الواقع ترعة كبيرة للمياه تروى بها الأراضي الزراعية وكنا نستحم بها وهي متعتنا الكبرى صيفاً في هذا الزمن.. وأقامت وزارة الصحة حملة لعلاج البلهارسيا المسبب الأول للأمراض اللعينة للكبد وتوابعه.. وكنا نقف نحن الصبية والشباب في طابور طويل في مستشفى بيلا المركزي لنتلقى العلاج عن طريق الحقن في الوريد.. وكان التمرجي يغلي الحقنة الزجاج.. ثم يأخذها الطبيب ليحقن بها الواقفين.. وكان يخرج الابرة من يد لأخرى إلى أن تغلي حقنة ثانية على وابور مجاور للتمرجي الذي يأخذها ويملأها بالمحلول ليحقن الطبيب بها دفعة جديدة من الوقوف من الطابور، وكانت هذه للأسف أكبر بليّه ابتلى بها الصبية والشباب من أهل الريف وانتقلت الأمراض الخطيرة بينهم بسبب ذلك الأسلوب البدائي للعلاج وخاصة فيروس «سي» المدمر.. طبعاً وقتها لم يكن قد تم اكتشاف السرنجات البلاستيك.. التي تستخدم مرة واحدة..

إنني ومن خلال العودة مرة أخرى للمركز لتقديم الأوراق المطلوبة علمت أن نسبة الإصابة بهذا الفيروس اللعين كبيرة جداً لأكباد المصريين «خاصة البسطاء منهم والريفيين والمهملين» الذين لا يتخذون الحيطة في تعاملاتهم الطبية العامة.. وآلمني وأزعجني أن مصر من البلاد الموبوءة بهذا الفيروس.. إنني أحيى الدولة على تصديها لهذا المرض الخطير ومحاولة التخفيف على المصريين وأكبادهم من خلال مراكز العلاج المنتشرة لهذا الغرض وخاصة في قصر العيني وأتمنى أن ينجح الأمر ونتخلص يوماً من هذا الوباء كما تخلصنا قبل وفي أزمنة سابقة من أمراض فتاكة مثل السل والملاريا وغيرهما..

كما أتمنى أن تتسع دائرة الخدمات الحكومية في هذا الصدد لتشمل التحاليل وسواها مما يتطلبها قرار العلاج.. والله المستعان..