عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

من غير تزويق ولا مقدمات، هادخل فى الموضوع فى الصميم، مصر مش إقطاعية لأحد، مصر مش أسياد وعبيد، مصر مش للفئات السيادية دون الشعب، ويعنى إيه أصلاً كلمة سيادية، إنها كلمة مقيتة مرفوضة مكروهة، نرددها حتى بيننا نحن بعض الإعلاميين كالببغاوات ونتغنى بها «جهة سيادية»، فى رأيى كلمة «سيادية» يجب ألا نستخدمها إلا فى حالة واحدة فقط، لتعنى سيادة الدولة المصرية على أرضها أمام العالم وفى علاقتها مع الدول الأخرى، أما كلمة «جهة سيادية» التى نرددها على الفئات التى تعتلى مناصب مهمة دقيقة.. حساسة رفيعة فى مصر، فهى مرفوضة تماماً، لأنها لا تعنى سوى التسيد والسيطرة والهيمنة لهذه الفئة على من دونها، تعنى أنهم فوق، والباقى تحت، إنهم الأسياد ونحن العبيد، رغم أن كل من فى هذه المناصب الحساسة والرفيعة وجدوا فيها لخدمة الشعب، فحد ياخد عقلى منى ويفسر لى ولغيرى معنى صدور قرار بـاستثناء أبناء الناس «الكبار» فى الجهات السيادية من قواعد التوزيع الجغرافى والتحويلات الجامعية تحت زعم جملة غريبة وفضفاضة وهى «لا عتبارات قومية».

أى أن أبناء الأفاضل من أصحاب الجهات السيادية، سيبقون بجانب أهاليهم ولن تخضع درجاتهم للتنسيق الذى يمكن أن يوزعهم وفقاً لهذه الدرجات إلى كليات بعيدة أو فى مدن أخرى، إذا سيتم استثناؤهم من التوزيع الجغرافى للكليات، أما أبناء الشعب من باقى الطبقات الكادحة والعاملة والفقيرة والمعذبة، لأنه ليس لهم ظهر ولا سند، ولأنهم لا ينتمون للجهات السيادية، فعلى أولادهم «أن يطفحوا» الدم فى الكليات البعيدة فى الأقاليم وفقاً لدرجاتهم، لأن «دول» مش غاليين مش ولاد ناس.. مش «مصروف» عليهم و«متكلفين» زى «دوكهم»، فلا ضير أن يذوقوا الأمرين فى التعليم وفى الكليات البعيدة ليدفع لهم آباءهم مصروفات السفر والانتقال والإقامة، وليضاف إلى الآباء المزيد من الأعباء المادية والحياتية «وماله ماهم واخدين على الفقر والبهدلة، وإيه يعنى لما ولادهم يكملوا معاهم رحلة العذاب فى الحياة» أما أبناء «دوكهم»، فمصروف عليهم غالٍ، مدلعين، مرفهين «يا ولداه»، ولا يتحملون السفر والتعب والغربة فى المحافظات البعيدة، ولازم يفضلو فى أهاليهم أصحاب الجهات السيادية وإن كان عاجبناً «وكله لاعتبارات قومية».

قرار غريب، استفزازى، طبقى، عنصرى، مخالف للدستور، مخالف لحقوق الإنسان، مخالف لكل ما صرخنا به فى ثورتين من عدالة اجتماعية ودفعنا لأجله أرواح شهداء أبرياء، ولا أتصور أن السيد الرئيس السيسى يمكن أن يقبل بالفعل تطبيق مثل هذا القرار، وأسأل سيادته، إذا كانت مصر ستصبح ملكاً ومتاعاً فقط للأسياد وسيتم استثناؤهم من كل قواعد، طيب الشعب الغلبان يروح فين يا ريس؟

إذا كان الله خلقنا طبقات، فقد خلقنا هكذا ليساعد بعضنا البعض، ليكمل بعضنا البعض، لا لأن يأكل بعضنا حق بعض، ويجور بعضنا على بعض، ويتعالى بعضنا على بعض، فلا استغناء لأصحاب الجهات السيادية عن العامل والموظف والنجار والحداد والخباز والزبال وحتى ماسح الأحذية، لو اختفى هؤلاء أو أى من أصحاب المهن الأخرى لتعطلت مصالح هؤلاء السادة، ولوجدوا أنفسهم قد تحولوا إلى نجارين وحدادين وخبازين وإلى زبالين، يا سادة لا تدوسوا على أنفاسنا أكثر بتسيدكم، أولادكم ليسوا أفضل من أولادنا، طالما درجاتهم مثل درجات أولادنا، فليذهبوا إلى الكليات البعيدة وفقاً للتنسيق، لا تحابيهم يا وزير التعليم العالى ولا تجاملهم، كيف تفتق ذهنك عن مثل هذا القرار، وكيف عرضته على المجلس الأعلى للجامعات، وكيف وافق عليه المجلس ليتواطأ معك فى مؤامرة على كل أبناء مصر لصالح أبناء قلة من تلك الفئات المتسيدة، يا سيادة الوزير أعلنها صراحة وتراجع عن هذا القرار الخاطئ المدمر للمجتمع المصرى، تراجع عنه لأنه سيخلق المزيد من الحقد الطبقى والكراهية، وسيعمق الفجوة بين فئات المجتمع، وسيشعل غضب الشباب ويصيبهم بالإحباط وقد يدفعهم إلى ما لا يحمد عقباه، فى وقت تسير فيه مصر بخطى حثيثة على شظايا من زجاج مكسور هو نتاج فساد تراكم على أرضنا منذ عقود.

يا وزير التعليم العالى، أعلنها صراحة واعتذر، كما سبق واعتذر وزير العدل السابق وأعلن استقالته ليكفر عما قاله بأنه ليس من حق أولاد الزبالين تقلد مناصب فى القضاء، تراجع أنت أيضاً فقرارك خاطئ وخطير، تراجع ليذكر لك التاريخ المصرى أنك لم تطبق مبدأ عنصرياً كريهاً على أبناء المصريين، ليذكر لك التاريخ أنك قلت لا، ليس فى مصر أسياد ولا عبيد، الكل فى واحد.

رسالة:

عزيزتى الجهة السيادية تعبنا منك وزهقنا من تميزك علينا، وقرفنا من تعاملك معنا كالعبيد، عزيزتى الجهة السيادية لم نقم بثورتين، الأولى ضد الفساد والتوريث، والثانية ضد الإفساد والفاشية باسم الدين حتى تحكمنا دولة أسياد، عزيزتى الجهة السيادية الشعب يعمل إيه دلوقتى عشان ياخد حقه زيك، يشوفله حد من جهة سيادية «يناسبه» على غرار فيلم فبراير الأسود، أو حتى يسكن جنبه، ولا يهاجر برة بصورة غير شرعية يمكن يغرق فى المتوسط وترتاحوا منه ومن قرفه و«قره» عليكم، وتبقى البلد بلدكم، من غير ما حد يحسدكم، ولا الأفضل تسافروا أنتوا وتشوفولكم حد تتسيدوا عليه لأننا تعبنا.. تعبنا.. تعبا، مش كده ولا إيه!

[email protected]