رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

«الوئام الديني» مسمى وعنوان طيب لكيان مؤسسي سنغافوري مهم حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على زيارته ضمن جولته الآسيوية للاقتراب من تجربته الوطنية والإنسانية في مجال تحقيق التواصل والتعايش الإنساني بين أتباع ديانات ومذاهب كثيرة.. هي تجربة كما تم تقديمها للرئيس السيسي كآلية حتى يكون التنوع وسيلة للبناء والتقدم بديلاً حضارياً للصراعات المجنونة المسيئة للأديان والمُحبطة لكل المؤمنين بها في العيش بسلام في دولة تتكون من خليط عرقي وديني متعدد «بوذية ومسيحية وإسلام وهندوسية وغيرها».. وئام ديني لمواجهة كل صنوف التطرف والإرهاب والفوضى والفساد.. والجدير بالذكر أن مجلس الوئام الديني قد بات له العديد من الأدوار الفاعلة والمؤثرة محلياً وإقليمياً وعالمياً عبر مشاركاته في تنظيم العديد من الفعاليات منذ تأسس في نهاية أربعينات القرن الماضي.

وبالمناسبة، أتمنى أن يتابع القائمون على إدارة «بيت العائلة» (باعتباره الكيان المصري الشبيه والمقابل في الأهداف) نظم إدارة وآليات عمل «مجلس الوئام الديني» وذلك على الأقل في مجال ترشيد الخطاب الديني والثقافي والإعلامي، ودعم فكرة انصراف المؤسسات الدينية من عالم الممارسات السياسية وتحقيق حالة الوئام والصلح بين أتباع الديانات المختلفة، بل وبين أتباع الدين الواحد وكمان والأكثر غرابة وبين أتباع المذهب الواحد.

وفي هذا السياق أود أن أعرب عن استمتاعي بمحاضرة الأربعاء الأخيرة المهمة التي ألقاها قداسة البابا تواضروس الثاني بواحدة من أكبر كنائس مدينة نصر.. لعل أهم نقاطها ما قاله تحديداً عن مفاتيح النجاح في مجال تحقيق النمو الروحي، بل والحياتي بشكل عام في ضرورة إعمال الفكر المنفتح بقلب متسع مدعماً بروح الإنسان المتضع، وفي الواقع أن إطلاق مثل تلك الرسالة الموجزة بالغة الدلالة فيما تبثه من قيم داعمة لتطوير الخطاب الديني والثقافي على لسان رأس الكنيسة المصرية موجهة للمواطن المسيحي أمر طيب ومطلوب.

وعبر فقرات العظة قدم قداسة البابا العديد من الأمثلة التي جاءت مؤيدة لفكرة تلك المفاتيح عبر صفحات وآيات الكتاب المقدس ليخلص لفكرة علمية معروفة تؤكد أن حرارة الشمس التي تجعل المواد تتمدد تشرح كيف أن حرارة المحبة والالتئام بين الناس تجعل القلوب أكثر اتساعاً فينطلق الفكر المستنير عبر بشر أصحابه، فالقلب المتسع يغفر ويسامح ويذهب للمستقبل ويتجاوز بشاعات الماضي مهما بلغت حدتها بفكر جديد ومتجدد.

هل هناك ما هو أروع من خطاب تلك العظة من قبل رجل دين ليبث للناس رسائل محبة وسلام وتسامح نبيل وتواضع رائع وتحفيز للفكر المنفتح والدعوة للتجدد والتحديث ونحن نعيش مرحلة تخبط ومعاناة إنسانية؟

ولكن - وللأسف الشديد - فإن المجمع المقدس يصدر في نفس توقيت العظة بياناً موقعاً من سكرتير المجمع المقدس يخاطب به مجموعة من المواطنين كانوا قد قرروا التظاهر في الكاتدرائية لعرض مطالبهم التي في معظمها تتعلق بقضايا الأحوال الشخصية وعدة أمور أخرى، فجاء في البيان أن التظاهر أسلوب مرفوض ويأتي في إطار الضغط على الكنيسة من أجل مصالح شخصية لبعض الأفراد، وأنه يمكن لأي إنسان له رأي في مشكلة ما أن يتقدم للجان المختصة بمقترحاته وآرائه، وأن الكنيسة لن تخضع لأي ابتزاز أو أي طلبات شخصية، وأن على هؤلاء الاتجاه إلى الحكمة والعقل، ليقدموا بهدوء وأسلوب حضاري بطلباتهم وأن باب قداسة البابا دائماً مفتوح لأي أحد!

فهل وصلت رسالة البابا إلى كاتب البيان، واضح جداً أنها منبتة الصلة يا قداسة البابا بما دعوتم له لتحقيق النجاح، فلا اتساع قلب، ولا فكر متجدد، فالتظاهر أسلوب مرفوض وحتى عند طلب الحوار بديلاً عن التظاهر أن قدموا مقترحاتهم في ترفع عن قول الحقيقة أنها شكاوى ومظالم وليست مجرد آراء، وأنهم يمارسون ابتزازاً (أي ابتزاز قد مارسه هؤلاء، وهل مجرد طلب الحوار يُعد ابتزازاً)، ثم يطالبهم البيان بتقديم طلباتهم في إطار ادعاء عدم معرفة طلباتهم رغم أن معظمهم لهم ملفات في المجالس الإكليريكية مطلوب البت فيها ومحاورة أصحابها، وتأكيد البيان على أن هؤلاء ينبغي أن يقدموا طلباتهم بأسلوب حضاري وكأن البيان موجه لمجموعة تحتاج فضلاً عن التحلي بالهدوء والعقل أن يكونوا من المتحضرين (لهجة متعالية تفتقر السماحة والاحترام والتفاعل الإيجابي لمشاركة بعض أبناء الكنيسة في معاناتهم حتى لو كانوا على خطأ في مواقفهم).. قداسة البابا أرجوك إرسال عظتكم بالبريد العاجل بعلم الوصول لكل رُسلكم إلى الناس!.. وللمقال بقية.

 

 

[email protected]