عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فضائيات رجال مبارك تقود المعركة الانتخابية



إطلاق فضائية حزبية لم يعد أمراً مكلفاً
نماذج لتأثير فضائيات حزبية في مصر وغيرها

بدأت بشائر الدعاية الانتخابية للبرلمان القادم في الظهور. وتبذل الأحزاب جهوداً مضنية للوصول إلي أوسع نطاق جماهيري ممكن لإقناع الجماهير العريضة بانتخاب مرشحي هذه الأحزاب وإقناع الجماهير ببرامج أو ممثلي الأحزاب.
وأقصي ما يمكن أن تصل إليه هذه الدعاية هو بضعة آلاف تحضر مؤتمرات أو توزع عليها الأحزاب نشرات دعائية أو ظهور المرشحين لفترات محدودة في بعض الفضائيات أو نشر الدعاية في بعض الصحف المملوكة لبعض الأحزاب أو المتعاطفة مع هذا الحزب أو ذاك أو الظهور لبضع دقائق علي شاشات قناة تليفزيونية من القنوات الرسمية لعرض موجز لبرنامج الحزب يقدمه رئيس الحزب.
والغريب ان الأحزاب جميعها لا تلتفت إلي أخطر وسائل مخاطبة الجماهير العريضة وأكثرها تأثيراً وهي الفضائيات التليفزيونية. ولا أقصد بذلك اتهام هذه الأحزاب بعدم إدراك هذه الحقيقة، لكنني أري أن الأحزاب جميعها تقريباً لم تلتفت بالقدر الكافي للأهمية القصوي لاستخدام وسائل العصر في الدعاية الانتخابية خاصة، وفي الترويج لمبادئ الأحزاب عامة، وفي المقدمة من هذه الوسائل الفضائيات التليفزيونية.
المشرع يلتفت إلي أهمية الإعلام
عندما بدأ تشكيل الأحزاب في عصر السادات تضمن قانون إصدار الصحف مادة تكشف عن إدراك المشرع لأهمية الإعلام في الدعوة لبرامج الأحزاب فاستثني الأحزاب من الشروط العامة التي يجب أن تتوفر لدي الأفراد أو المؤسسات للحصول علي ترخيص بإصدار الصحف. ونص هذا القانون علي أن الأحزاب مستثناة من هذه الشروط وأن من حقها إصدار الصحف بمجرد الإخطار دون الحاجة إلي الالتزام بالشروط العامة للترخيص بإصدار الصحف.
في تلك الفترة استثمرت الأحزاب هذا الاستثناء فصدرت صحف الوفد (حزب الوفد) والأهالي (حزب التجمع) والعربي (الحزب العربي الناصري).
وحاول «الوفد» في هذه الفترة الحصول علي ترخيص لإطلاق «إذاعة» لكن قانون البث الإذاعي والتليفزيوني حرم الوفد من الحصول علي هذا الترخيص، وحاول «الوفد» دراسة إمكانية إطلاق إذاعة تكون لسان حزب الوفد، وكانت الدراسة تتصور إمكانية البث من «قبرص» لكن هذه المحاولة لم يكتب لها الظهور إلي حيز التنفيذ.
قنوات الأحزاب ممنوعة!
عند إطلاق القمر الصناعي المصري وبث الفضائيات من منطقة حرة تنبه نظام مبارك إلي أن هذه الثغرة ستمكن الأحزاب من إطلاق قنوات تليفزيونية فضائية تعبر عنها، فوضع اللائحة التنفيذية لشركة الأقمار الصناعية المصرية (نايل سات) تنص علي عدم الترخيص لقنوات «حزبية».
وبرغم هذا النص فقد تنبهت جماعة الإخوان مبكراً إلي الأهمية القصوي للبث الفضائي التليفزيوني في الترويج لمبادئها فأطلقت قناتها (مصر 25) بعد ثورة يناير، رغم وجود أكثر من قناة فضائية غير مصرية تدعم الجماعة وتدافع عنها بقوة مثل قنوات الجزيرة والحوار وغيرهم.
وعندما تمت الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي واكتشاف الجماعة مدي ضيق الشعب المصري بممارسات الإخوان في تلك الفترة سارعوا رغم الدعم المطلق لشبكة قنوات «الجزيرة»، سارعوا بإطلاق فضائيات من بعض العواصم الأجنبية بعد إغلاق الفضائية الناطقة باسمهم في مصر وهي (مصر 25).
وتقوم هذه القنوات بدور بارز ومهم في مساندة الجماعة في حشد وتعبئة أنصارها وتشجيعهم علي الاستمرار في مسيرات الاحتجاج وفي تبرير محاولات النيل من الاستقرار في مصر.
ولو تجاوزنا التجربة المصرية فسوف نري أن «إيطاليا» شهدت منذ سنوات قليلة شواهد ناصعة علي قدرة «الإعلام المرئي» المذهلة في التأثير علي الحياة السياسية بحشد الجماهير في الاتجاه الذي تحدده شبكات التليفزيون. وتجربة «برلسكوني»، رئيس وزراء إيطاليا الأسبق هي النموذج الصارخ لقدرة القنوات التليفزيونية علي رفع مستوي التأييد الجماهيري لحزب من الأحزاب، لينطلق من منطقة قريبة من قاع الترتيب جماهيرياً إلي قمة هرم التأييد الجماهيري ليصل «برلسكوني» بفضل استخدام شبكة قنواته التليفزيونية إلي منصب رئيس الوزراء

مدعوماً بأغلبية برلمانية حصدها كثمرة من ثمرات التأثير القوي لقنواته التليفزيونية علي الجماهير العريضة.
عقبات يمكن تذليلها
أعرف أن هذه الحقائق ليست غائبة عن الكثيرين ممن يحتلون مواقع قيادية بالأحزاب المصرية، لكنني أتصور أن إحجام الأحزاب عن خوض تجربة إطلاق فضائية تليفزيونية يرجع إلي وجود عقبات تبالغ هذه القيادات في تقدير قوتها وصعوبتها.
1- لوائح القمر المصري (نايل سات) التي تمنع التصريح بإطلاق فضائيات حزبية يمكن التغلب عليها ببساطة بأحد أمرين: الأول اللجوء إلي القضاء لإلغاء هذا النص في لائحة النايل سات باعتباره متعارضاً مع النص القانوني الذي يستثني الأحزاب من الشروط العامة لإصدار الصحف، سواء بتفسير هذا النص استناداً إلي التعريف العلمي «الصحافة» بأنها الصحافة المطبوعة والمسموعة (الإذاعة) والمرئية (التليفزيونية) وبالطبع الصحافة الأحدث وهي الصحافة الإلكترونية. الإمكانية الثانية إطلاق هذه القنوات من الأردن أو أي بلد أجنبي وتغذيتها بكل المواد المذاعة من القاهرة كما هو حادث الآن في قنوات كثيرة.
2- تصور الأحزاب أن تكلفة إطلاق هذه القنوات تصل إلي أرقام فلكية لا تستطيع الأحزاب توفيرها.
والحقيقة أن هذا تصور فيه الكثير من المبالغة، فقد أصحب بالإمكان إطلاق قنوات بتكلفة لا تتجاوز تكلفة إصدار «صحيفة يومية» فمثل هذه القنوات لن تدخل في منافسة مع القنوات المعنية بالدراما وبرامج المنوعات المبهرة ومقدمي البرامج الذين يطلقون عليهم صفة «النجوم» لكنها تستطيع أن تقدم مادة شديدة الجاذبية بعيداً عن هذه المنافسة في المجالات التقليدية واعتمادا علي كوادر حزبية موهوبة تستطيع بتدريب بسيط أن تنافس في جذب المشاهدين.
قنوات الفلول!
دعاني لإثارة هذا الموضوع إدراكي لمدي خطورة تأثير الفضائيات التليفزيونية وخشيتي أن استخدام بعض مالكي هذه القنوات لقنواتهم للتأثير علي الجماهير العريضة في اتجاه مضاد لكل ما قامت من أجله ثورة يناير وموجتها الثانية في 30 يونية.
وهذا التوجس لم يتحرك داخلي من فراغ بل حركته متابعات مستمرة للكثير من هذه الفضائيات التي تخلط السم بالعسل، كما يقول المثل مستغلة مناخ الحرية المتاح هذه الأيام والذي يبلغ في بعض الأحيان حد الفوضي والانفلات. وبعض هذه القنوات يبالغ بصورة فجة في إظهار التأييد للرئيس «السيسي» متصوراً ان هذا الخطاب يمكن ان يكون مظلة للسهام المسمومة التي يوجهونها لكل ما يمثل بحق أهداف ثورة يناير وموجتها الثانية في يونية.
وأعتقد أن الأحزاب سوف تندم في وقت لا ينفع فيه الندم عندما تكتشف أن القوة الضاربة للفضائيات سوف توجه لخدمة بعض رجال مبارك.