عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مساجد الفتنة

بوابة الوفد الإلكترونية

 فجأة تحولت المساجد من دور عبادة إلى مراكز لتجمع المتطرفين والمتشددين دينيا، يخرجون منها كل يوم جمعة فى مظاهرات، يدعون أنها سلمية رغم حملهم للسلاح وقطعهم للطرق وترويع الآمنين،

وهناك عدد من المساجد أصبحت مشهورة بهذه النوعية من المظاهرات الأسبوعية التى تعانى منها مصر مثل مسجد الاستقامة بالجيزة، والريان بالمعادى وخاتم المرسلين بالعمرانية وغيرها من المساجد التى أصبحت تمثل معاناة للمقيمين بجوارها بسبب ما يفعله الإخوان وأنصارهم بها كل أسبوع.
هذه المساجد ما زال يسيطر عليها الإخوان وأنصارهم من المتشددين دينيا، رغم استئناف وزارة الأوقاف لمحاولات إحكام سيطرتها على المساجد الأهلية التى ظلت لسنوات طويلة خاضعة لهؤلاء حتى أصبحوا يتحكمون فيها، ويفعلون فيها ما يشاءون حتى لو كان الاعتداء على خطبائها وأئمتها، من هنا أصبحت مساجد الفتنة ظاهرة تستحق التصدى لها بكل حزم، خاصة ان مثل هذه المساجد منتشرة فى كل محافظات مصر، تبث سمومها كل يوم فى عقول الكثيرين، تشعل نار الفتنة فى الوطن، وتهدم واحدة من اهم دعائم الدين الإسلامي وهى الوسطية والاعتدال.
واقعتان متتاليتان شهدهما مسجد العزيز بالله بالزيتون، الأولى حينما اعتدى بعض المتشددين على خطيب المسجد الذى قامت وزارة الأوقاف بتعيينه، ونزع عمامته يوم الجمعة قبل الماضي، والخطأ الذى وقع فيه الامام أنه حث المصلين فى خطبته على الوسطية والاعتدال والبعد عن التطرف، وهو ما لم يعجب المتشددين من رواد المسجد الذين قاموا بالاعتداء على الخطيب ونزع عمامته، وأما الواقعة الثانية فحدثت فى الجمعة الماضية وكاد نفس المشهد يتكرر، حينما قام بعض المتشددين بالهتاف داخل المسجد فطلب منهم الامام الخروج من بيت الله، ولكن فى هذه المرة حال المصلون دون تكرار المشهد السابق وارغموا المتشددين على الخروج.
هاتان الواقعتان كشفتا عن استمرار مسلسل سيطرة الإخوان وانصارهم على عدد غير قليل من المساجد، يستخدمونها كل اسبوع كمركز لتجميع انصارهم للخروج فى مظاهرات غير سلمية يقتلون فيها الأبرياء ويروعون الآمنين، وبنظرة سريعة على هذه المساجد التى يستخدمها الإخوان وانصارهم نجد أن معظمها ليست قاصرة على مسجد الصلاة فقط إنما تتبعها جمعيات  لتجميع الزكاة وتوزيعها على الفقراء الذين يسهل السيطرة عليهم بهذه الوسيلة، حيث تقوم هذه الجمعيات بتقديم مساعدات شهرية لبعض الأسر الفقيرة، ومعظم هؤلاء يخرجون فى مظاهرات الإخوان، كذلك تضم هذه المساجد مراكز طبية تخدم البسطاء، ومراكز لتحفيظ القرآن وتقديم الدروس الدينية التى يقوم عليها مشايخ متشددون يصورون للبعض أن نصرة الإخوان نصرة لدين الله، ويزرعون أفكارهم المتشددة فى عقول الشباب، وفى ظل غياب وزارة الأوقاف والأزهر الشريف عن هذه المساجد طوال الأعوام الماضية نما الفكر المتشدد فيها، وسيطر عليها المتشددون الذين يرفضون اليوم دعوات الفكر الوسطى ويمولون خروج المظاهرات من هذه المساجد، ويكفى أن نذكر أن منطقة مثل العمرانية تضم 333 مسجدا أهليا معظمها غير خاضع للأوقاف، منها تخرج عشرات المسيرات التى تطوف الشوارع، وتستخدم منابرها لتأليب المواطنين على نظام الحكم الحالى متحدثين عن الشرعية، أحد هذه المساجد هو مسجد غافر الذى كان يستخدمه حزب النور من قبل كمقر لحملته الانتخابية فى انتخابات مجلس الشعب الماضى، وبعد تغير موقف الحزب من ثورة 30 يونية اصبح المسجد منبرا للإخوان حيث يستخدمه جمال السبكى أمين حزب الحرية والعدالة فى العمرانية لتجميع المتظاهرين من انحاء المنطقة للخروج فى مسيرات يوم الجمعة، إلا أن هذا الاجراء لم يعجب شيماء عبد العزيز احدى المقيمات بالمنطقة مؤكدة أن المسجد فقد دوره فى تعريف الناس بالدين واصبح مجرد مكان للصياح والعويل على زمن الإخوان الذى لم نر فيه أى شيء جيد، ويتحدثون دائما فى هتافاتهم ومسيراتهم عن الشرعية ونسوا تماما أن الشريعة الاسلامية اهم من الشرعية التى يتحدثون عنها، فتعريف الناس بالشريعة الإسلامية أهم من الشرعية التى يحرقون البلد من أجلها، وهذا هو دور المسجد الحقيقى وليس الحديث عن شرعيتهم الزائفة.
وأمام مسجد خاتم المرسلين بالعمرانية أيضا كانت تتجمع مسيرات الإخوان وتخرج تجوب الشوارع وصولا لمسجد الاستقامة بميدان الجيزة، ومسجد خاتم المرسلين واحد من اكبر مساجد المنطقة يتبع جمعية الامام على الخيرية، ويضم مركزا طبيا وجمعية خيرية ودارا لتحفيظ القرآن ومركزا تعليميا ويقدم خدماته لآلاف المواطنين، وأكد المواطنون المقيمون حول المسجد ان المسيرات التى كانت تتجمع امامه  أصبحت أقل من ذى قبل نظرا لعدم إقبال المواطنين على الخروج فى مظاهرات الإخوان، وأكد أحد المواطنين أن إمام المسجد لم يكن يحرض على الخروج فى المظاهرات إنما كان يكتفى بالدعاء على من قاموا بالانقلاب على الشرعية، وهو ما رفضه عدد من المصلين وبعدها أصبحت الخطبة اكثر اعتدالا.
أما مسجد الرحمة بالعمرانية فقد ذهب لأكثر من ذلك حيث نادى بتكفير الفريق السيسى بعد عزل مرسى فى 3 يونيه،  ومن أمامه تخرج المظاهرات المؤيدة للإخوان حيث يعد هذا المسجد معقلا لأنصارهم منذ انتخابات مجلس الشعب، حيث كان مقرا لحملة عصام العريان الانتخابية.
وأمثال هذه المساجد كثير أشهرها مسجد الاستقامة بالجيزة الذى كان وما زال مقرا لتنظيم مسيرات الإخوان، وإبان اعتصام النهضة كان هو المصدر الرئيسى لدعم الاعتصام بالمتظاهرين كل يوم جمعة، وأمامه حدثت أعمال شغب متهم فيها عدد من قادة الجماعة مثل عصام العريان وباسم عودة وغيرهما، هذا المسجد ما زال هو مقصد متظاهرى الجيزة من انصار الجماعة، رواده حزانى لما آل إليه حال مسجدهم كما اكد مسعد السيد مشيرا إلى ان هذا المسجد بحكم قربه لمنزله كان دائما يصلى فيه خاصة صلاة الجمعة، إلا أن مسيرات الإخوان الأسبوعية جعلته يبتعد عنه حتى لا يحتك بهم، فطابعهم العنيف يجعل التعامل معهم صعبا،  وأكد أن المشكلة فى هذا المسجد فى رواده من المتشددين الذين حولوه من قبلة للثورة، حيث كانت تخرج منه المظاهرات فى 25 يناير، إلى قبلة للبحث عن شرعيتهم المفقودة والتى لن تعود أبدا بعد أن لفظها ولفظهم الشارع المصرى بعد كل ما ارتكبوه من جرائم فى حق المجتمع.
جيران مسجد الاستقامة ليسوا من سكان المنازل القريبة من ميدان الجيزة فقط ولكن هناك عددا كبيرا من الباعة الذين افترشوا صينية الميدان الصغيرة  ليعرضوا بضائعهم على الأرض، هؤلاء تباينت مواقفهم من المظاهرات التى يشهدها المسجد اسبوعيا، ففى حين اكد محمد أحد الباعة ان المظاهرات وقف حال لأنها تجعل الكثيرين  يخشون النزول للميدان وبالتالى تقل حركة البيع والشراء، وأكد ان هذه المظاهرات وقفت حال البلد كلها ودمرت اقتصاد مصر، فما بالنا بتأثيرها على باعة بسطاء مثلنا؟ إلا أن أحمد عبد السلام كان له رأى مختلف، حيث اكد ان المظاهرات لا تؤثر على الباعة فى شيء، ولكن القلق فى الميدان يجعل بعض الناس تخاف وأضاف: «الرزق بإيد ربنا ولو مكتوب لنا رزق لا المظاهرات ولا غيرها هتمنعه».
وقائمة مساجد الفتنة طويلة منها ما هو موجود فى القاهرة والجيزة مثل مسجد الريان بالمعادى والذى كانت تخرج منه المظاهرات المؤيدة  للإخوان  والذى قامت وزارة الأوقاف بضمه مؤخرا إليها ليشهد مرحلة جديدة بدءا من يوم الجمعة القادم، حيث سيقوم إمام تابع للأوقاف بإقامة صلاة الجمعة فيه، وهو نفس الاجراء الذى اتخذته الوزارة مع مساجد الإيمان بمدينة نصر والذى كان يتحصن به الإخوان المسلمون بعد فض اعتصام رابعة، ومسجد الحمد بالتجمع الخامس، وهو نفس الاجراء الذى اتخذته الوزارة من قبل مع مساجد القائد ابراهيم بالاسكندرية، والعزيز بالله بالزيتون والمراغى بحلوان والجمعية الشرعية بأسيوط، وهو الاجراء الذى كانت الوزارة قد توقفت عن المضى فيه منذ عامين، حيث كانت الأقاف قد قررت ضم المساجد الأهلية لها لضمان اعتدال لغة الخطابة داخل المساجد، وبالفعل تم ضم عدد من المساجد إلا أن المشروع توقف، خاصة ان جماعة الإخوان المسلمين التى تولت مقاليد الحكم كانت تهدف إلى السيطرة على المساجد بفكرها المتشدد، إلا أن الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف أصدر قرارا بضم المساجد الأهلية إلى الوزارة، والتى احكمت سيطرتها بالفعل على 79324 مسجدا حتى الآن، و24303 زاوية، فى حين يبقى هناك ما يقرب من 3 آلاف مسجد وعدد هائل من الزوايا غير خاضعة للأوقاف وهو ما تسعى الوزارة للسيطرة عليه واحكام قبضتها الوسطية عليها، معظمها فى الصعيد والمحافظات، وقد اعترف الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف فور توليه المسئولية أنه اكتشف ان اكثر من نصف المساجد خارج سيطرة الوزارة، ويسيطر عليها جماعات متطرفة، فى حين ان تبعيتها للوزارة كانت على الورق فقط، وأكد ان الدور السلبى للمساجد فى الفترة الماضية كان سببا فى زيادة الانقسام داخل المجتمع المصرى، بعد أن تحولت هذه المساجد إلى أبواق للمتطرفين والدعاية السياسية خاصة فى الزوايا .
ونتيجة لخطورة الدور الذى تلعبه المساجد فى تعبئة الرأى العام اتخذها الإخوان وأنصارهم هدفا للسيطرة على عقول المواطنين وبث افكارهم المسمومة، ومن ثم اصبحت المساجد التابعة لهم هى الوسيلة الأسهل للسيطرة على العقول ومن ثم ضمان حشد أى عدد فى المظاهرات، ولذلك طالب العلماء بضرورة إحكام وزارة الأوقاف قبضتها على هذه المساجد من هؤلاء العلماء الدكتورة آمنة نصير الاستاذ بكلية الدراسات الاسلامية التى أكدت أن المساجد هى بيوت الله التى أذن لها الله أن ترفع ليذكر فيها اسمه، فهى أماكن للعبادة والتشاور فى امور المسلمين وليست لتكريس الفرقة والانقسام، ومن ثم يجب أن يكون خطباء المساجد من العلماء الوسطيين الذين لا ينتمون لفكر سياسى متطرف ومن ثم يعلمون الناس دينهم الصحيح بعيدا عن المغالاة والتطرف، وأكدت ان المساجد ليست اماكن للتظاهر والخلاف، انما هى اماكن لتجمع عباد الله للعبادة.
ومن هذا المنطلق بدأت وزارة الأوقاف فى تنفيذ خطتها للسيطرة على المساجد التى يسيطر عليها المتشددون كما قال لنا الدكتور محمد عبد الرازق وكيل الوزارة لشئون المساجد مشيرا إلى أن المشكلة التى كانت تواجه الوزارة فى ضم المساجد الأهلية هى عدم وجود عدد كاف من الأئمة، وهذه المشكلة بدأنا التغلب عليها بفتح باب القبول للحاصلين على مؤهلات عليا أو متوسطة أزهرية، وكذلك خريجى معهد الثقافة الاسلامية للعمل كأئمة فى هذه المساجد التى كان يقوم عليها اشخاص غير مؤهلين، كذلك المسابقة التى اقامتها الاوقاف وتقدم لها 57 ألف امام وخطيب تم تعيين جزء منهم والباقين يمكن الاستعانة بهم للعمل فى هذه المساجد التى كان يقوم عليها اشخاص لا يحملون أى مؤهلات، لذلك قررت الوزارة ألا يرتقى المنبر فى أى مسجد إلا أشخاص مؤهلون  سواء من خريجى الأزهر أو معاهد إعداد الدعاة.
وعن المساجد الأهلية أكد أنه تم ضم 759 مسجدا الأسبوع الماضى، وهناك 972 مسجدا صدر لها قرار لضمها للأوقاف ويتم تجهيز قائمة بأسماء 920 مسجدا أخرى سيتم ضمها للأوقاف، أما الزوايا فقد تم تنظيم العمل بها بحيث تفتح فى الصلوات الخمس، أما يوم الجمعة فلا تقام بها صلاة الجمعة ويتم الاستفادة من خطبائها فى المساجد الكبرى، وأكد ان المساجد لا يجب ان تعمل بالسياسة فهى دور عبادة فقط والمظاهرات إذا خرجت من المسجد يحاسب المسئول عنه  ويتم وقفه عن العمل، أما إذا تم تنظيمها خارجه فلا ولاية لنا عليها، وأكد أن جميع المساجد التابعة للأوقاف تتبع منهجا وسطيا لا ينحاز لأى حزب سياسى، وهذا يجب أن يكون حال جميع المساجد وهو ما سنعمل على تطبيقه فى كل المساجد التى سيتم ضمها للأوقاف.