رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

إبادة صامتة فى غزة

بوابة الوفد الإلكترونية

مرضى السكر يصارعون بتر الأطراف.. وموت بطىء على قوائم الإجلاء الطبى
إسرائيل تنتهك اتفاق السلام بمواصلة إغلاق معبر رفح الفلسطينى

 

وقف إطلاق نار هش وسلام مرهون بصفقات البيت الابيض الامريكى على ثروات المنطقة، بينما تواجه آلاف الأرواح فى قطاع غزة ابادة صحية موازية لمجازر الاحتلال اليومية بفتح نيرانه على اصحاب الأرض بمختلف المناطق، فيما يؤكد الواقع المر ان السلام المشروط يكتب يوميا بدماء الابرياء. 
فى غزة موت بطىء بلا علاج أو رعاية كافية، فيما يشير الأطباء إلى أن نحو 80 ألف مريض يعانون مضاعفات خطيرة نتيجة غياب التحويلات الطبية ومنع السفر لتلقى العلاج، حالات كثيرة تهبط إلى مستويات حرجة تحتاج رعاية دقيقة ودواء عاجل لا توفره الإمكانيات المحدودة، فتترك الحياة رهينة نقص الدواء.
يواجه مرضى السكر فى غزة عدوا صامتا يلتهم الأجساد ويخطف الحياة تدريجيا، أسطوانات الأنسولين شبه معدومة، وشرائط الفحص والمستلزمات الطبية الأساسية اختفت كما لو لم تكن، ما يحول الحياة اليومية إلى عد تنازلى لكل نفس مهدد بالمضاعفات. فى وقت فقدت البعض اطرافهم بترا لمحاصرة المرض الذى نهش عظامهم واذابها لانعدام الادوية بالمراكز الصحية.
وينعدم الأنسولين، العلاج الأكثر أهمية وارتباطا بحياة المريض اليومية، ووصلت نسبة العجز لأكثر من 80% بسبب عدم سماح الاحتلال بدخول الكميات الكافية من أدوية الأمراض المزمنة، ما أدى إلى تفاقم وضع المرضى ووصول كثير منهم إلى مراحل حرجة.
وكشف رئيس قسم الغدد الصماء فى مستشفى غزة الأوروبى، الدكتور أحمد أبو طه عن صورة قاتمة لمرضى السكر فى القطاع، إذ بلغت نسبة الإصابة نحو 18% من أهالى غزة، لكن الحرب الأخيرة ضاعفت خطر المرض وتداعياته.
اكد «أبو طه» ان اختلال نمط الحياة خلال الحرب واعتماد آلاف العائلات على وجبات غير منتظمة أو فقيرة غذائيًا أدى إلى اضطراب واسع فى مستويات السكر لدى المرضى، بالتزامن مع نقص حاد فى الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بهم.
واوضح أن مراكز الرعاية الأولية تكاد تكون فارغة من معظم الأدوية الأساسية، إذ لا يتوفر منها إلا 10% مما كان موجودا قبل الابادة، فيما اختفت أجهزة فحص السكر بشكل كامل، ما يجعل متابعة الحالة الصحية شبه مستحيلة.
واضاف «أبو طه» أن غياب علاجات السكر لم يكن مجرد أزمة دوائية، بل تحول إلى تهديد مباشر لحياة المرضى، إذ سُجلت حالات بتر وتسمم جروح والتهابات حادة يمكن تفاديها لو توفرت الأدوية فى الوقت المناسب.
أما إخصائى الأمراض الباطنية، الدكتور محمد لبادة، فيشير إلى أن الوضع الصحى والإنسانى فى قطاع غزة شديد الصعوبة، مع نقص واضح فى الأدوية وأجهزة الفحص والمستلزمات الطبية الأساسية، إلى جانب قلة الكوادر وصعوبة إيصال العلاج والخدمات.
وقال «لبادة» خلال تصريحات صحفية ان النوع الأول من مرض السكر يعتمد كليًا على الأنسولين، وغالبا يصيب الأطفال أو صغار السن، وهم الأكثر تضررا عند انقطاع الدواء وأما النوع الثانى فهو أقل حدة من حيث الحاجة للأنسولين، لكن مقاومة الجسم له عالية، لذلك تستخدم أدوية تعمل على زيادة فعالية الأنسولين أو تقليل مقاومته واوضح أن الجرعات تختلف حسب وزن المريض وظروفه الصحية والأمراض المرافقة، ولا توجد جرعة واحدة تصلح للجميع، ما يجعل المتابعة المستمرة أساسية لتجنب أى مضاعفات.
وحذر من أن انقطاع الأنسولين لدى مرضى النوع الأول يؤدى إلى أذية مباشرة قد تصل إلى الموت، بينما تشمل المضاعفات طويلة المدى الكلى والعينين والشرايين، وتزداد خطورتها عند نقص الدواء.
وأشار إلى أن أعراض الانقطاع تتدرج من الجفاف الناتج عن كثرة التبول واضطرابات الأملاح، وصولاً إلى حموضة الدم وتأثر القلب والدماغ والغيبوبة، وقد يصل إلى الوفاة.
واكد «لبادة» أن الأنسولين علاج أساسى لا بديل له، وأن السوائل الوريدية والملح قد تساعد مؤقتًا لساعات محدودة فقط، لكنها لا تغنى عن العلاج الفوري. وشدد على أن الأنسولين ليس رفاهية، إنه حياة، أى نقص أو تأخير فى توفره يعرض المرضى، خصوصًا الأطفال، لمضاعفات حادة وخطر مباشر على حياتهم.
موت آخر هو الانتظار على قوائم مرضى الاجلاء الطبى، فقد أصبحت طلبات النقل الطبى التى أعدتها وزارة الصحة الفلسطينية بالقطاع مجرد أوراق لا قيمة لها. بينما يموت المئات على حافة الأمل، لكن الموت ارحم واسرع. وبموجب بنود اتفاق السلام الموقع فى اكتوبر الماضى، كان من المفترض إعادة فتح معبر رفح الفلسطينى المحتل للسماح للمصابين بتلقى العلاج فى الخارج، لكن بعد أكثر من شهر، رفضت حكومة الاحتلال ذلك، فى انتهاك من بين انتهاكات إسرائيلية عديدة للهدنة.
ومنذ أن شن الاحتلال حرب الإبادة الجماعية التى استمرت عامين فى أكتوبر 2023، تعرض النظام الصحى فى غزة لهجمات متعمدة ومنهجية، مما دفعه إلى حافة الانهيار. وتعرضت المستشفيات للقصف والغارات، فى حين قُتل أو اعتُقل مئات الأطباء والعاملين فى المجال الطبي.
ولم يتبق سوى عدد قليل من المراكز الصحية التى تعمل جزئيا، وتوفر الحد الأدنى من الرعاية وتعيش على الوقود والإمدادات الطبية النادرة للغاية. وتزامنت الهجمات على المستشفيات مع قصف متواصل، مما أدى إلى استشهاد واصابة المئات كل يوم وإرهاق ما تبقى من الخدمات الصحية فى غزة. وخلال عامين، اغتال الاحتلال ما يقرب من 70 ألف شخص، بينما لا يزال 10 آلاف آخرين فى عداد المفقودين، وأصيب أكثر من 170 ألف شخص.وقد تمكن أكثر من 7600 من المصابين فى الأشهر الأولى من الحرب من الإجلاء من تلقى العلاج فى الخارج عبر معبر رفح إلى مصر. لكن منذ أن اجتاحت حكومة الاحتلال معبر رفح الفلسطينى فى مايو 2024، تم إغلاق المعبر، مما أدى إلى قطع غزة عن العالم الخارجي.
وبحسب مكتب الإعلام الحكومى فى غزة، فإن أكثر من 10 آلاف مصاب ومريض فلسطينى استشهدوا منذ أكتوبر 2023 بسبب انهيار الرعاية الطبية والحظر الإسرائيلى للإجلاء الطبى، مشيرا إلى ان هناك ما يقدر بنحو 22 ألف شخص لا يزالون على قوائم الانتظار للإجلاء العاجل.
ووصف إسماعيل الثوابتة مدير المكتب الإعلامى الحكومى، إغلاق المعابر والحصار المفروض على الإمدادات الطبية بأنه جريمة متعمدة تهدف إلى إدامة معاناة المدنيين، مشيرا إلى استخدام الاحتلال الألم الإنسانى كورقة مساومة سياسية.
واشار إلى أن منع المصابين والمرضى من الحصول على حقهم فى العلاج فى الخارج يشكل تهديدا لحياتهم ويؤدى إلى تفاقم معاناتهم ويشير إلى خطر جسيم يلوح فى الأفق على الوضع الإنسانى المتردى بالفعل الذى يعيشه المرضى وأسرهم. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 16500 شخص يحتاجون إلى الإجلاء الطبى بشكل عاجل، بما فى ذلك نحو 4000 طفل.