رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

فخريات

يظلُّ نصرُ العاشر من رمضان 1393هـ/ السادس من أكتوبر 1973م واحدًا من أروع فصول المجد فى التاريخ المصرى الحديث، وأسمى مظاهر الاعتزاز الوطنى، إذ جمع بين عُمق الإيمان وروعة التخطيط، وبين سموّ الروح وقوة الإرادة، فكان فتحًا جديدًا لمعنى النصر، وتجلّيًا فريدًا لعظمة الإنسان المصرى حين يستمدّ قوته من ربه، ويستنير بنور عقيدته، ويصوغ ملحمته بدمه وإيمانه.

لقد اتسمت العقلية المصرية بِفِرَاسَةٍ رائعة ورؤية عميقة فى اختيارها السنة والشهر واليوم والسَّاعة (سأبيّن ذلك فى مقالٍ لاحق)، ومن ثمّ فقد تعددت أسبابُ النصر فى تلك المعركة لما كانت تحمله العقلية المصرية الواعية من حُسْنِ تفكيرٍ وتخطيطٍ وترتيب وابتكارٍ وفق الآليات التى كانت متاحةً وقتها، مع قوة وعزيمة وإصرار وحسن توكل واعتماد على الله (عز وجل)، بالإضافة لاستدعاء قيم الضبط والجودة والإتمام والإحكام قدر المستطاع.

إن نصر العاشر من رمضان كان فتحًا جديدًا لواقع جديد، وكان لصيحة (الله أكبر) دوي زلزل حصون الباطل، وكان لسلطان هذه الكلمة النورانية (الله أكبر) قوةٌ عظيمة، فدخل جنودنا تحت شعار (الله أكبر) وجعلوا أنفسهم فى معية الله.

لقد تجلّت فى هذه المعركة القيم الإيمانية الرفيعة: التفاؤل، والأمل، والثقة، والتضحية، والفداء، وهى قيم لا تُولَد إلا فى النفوس التى امتلأت يقينًا بالله، واطمأنّت بوعده، وسكنت إلى قضائه.

< نعم، لننظر معًا إلى تلك القوى المادية الملموسة التى وضع العلم الحديث فيها كل إمكانياته، كيف أنها تحطمت على أيدى جنودنا.

< لننظر معًا إلى تلك الحصون التى شهدت لها كلُّ العبقريات الماديّة وقتها بالقوة والصلابة، كيف أنها تَهَاوَت على أيدى جنودنا.

< لننظر معًا إلى ذلك التفوق التكنولوجى وهو يعجز أمام جنودنا وهم واقفون يتحدون الموت ببسالة وقوة وإيمان.

< ومن أجمل ما كُتِب عن هذه الإشعاعات الإيمانية فى نصر العاشر من رمضان أن هذا الإيمان هو الذى صَاحَبَ جُنودَنَا فى عبورهم، فَحَرَسَهم منذ اللحظات الأولى من موجات السعير التى أراد العدو أن يصليه بها.

هذا هو الإيمان الذى عزّز الثقة فى نفوس جنودنا، فجعلهم يُقدمون على الموت بصدر رحب؛ لأنه أحيا معنى الشهادة فى نفوسهم، فهم يقاتلون لينالوا إحدى الحسنيين.

هذا هو الإيمان الذى فجر على أيدى جنودنا المعجزات، فلم تعقهم قوى الحصون، ولا ضخامة الحوائل، ولا مرتفعات السواتر، ولا خزانات اللهب، ولا شراسة العدو، ولا كثرة مكره ودهائه عن أن يقوموا بأعظم عملية عبور فى التاريخ، متحدين فى ذلك لكل الصعاب، ومحققين أعظم المعجزات بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معان ومفاهيم.

فلم يعقهم حرُّ الصحراء ونقصان الماء عن هدفهم؛ لأن الله معهم فى وقت الشدة، ولم تعقهم شدة الحصار من حولهم عن أن يستمروا ثابتين كالطود، شامخين كالجبل؛ حيث أمدهم الله (عز وجل) بصبر لا يأخذ منهم الملل، وأمدهم بما يعينهم على اجتياز المحنة بثبات يقوى فيهم روح الأمل، ولم ترهبهم كثرة القاذفات ولا شراسة الدبابات ولا قسوة المعارك وعنف الاشتباكات عن غايتهم.

إن الإيمان الذى ظلَّل المعركةَ كانت له آثارٌ عظيمة المدى؛ حيث تم اقتحام هذا العائق المائى واجتياح هذا الخط الرهيب فى ساعات معدودات دون خسائر تذكر.

لقد تحطم خط بارليف نفسه الذى أُنفِقَ عليه مئات الملايين وأُنفِق فيه الجهد والفكر والوقت، وحطمه جنودنا فى ست ساعات.

 

النصر.. قصة إيمان قبل أن يكون قصة سلاح

إن الحديث عن نصر العاشر من رمضان حديثٌ يفوق طاقة الكلمات، ويعلو على عبارات البيان، فهو قصةُ إيمانٍ قبل أن يكون قصة سلاح، وملحمةُ روحٍ قبل أن تكون ملحمة جند، وهو لحنٌ خالد، تُردّد الأجيال أنغامه فى سمع الزمان، وتُنشد على وقعه نشيد البذل والتضحية والفداء والنصر.

رئيس الإدارة المركزية لشئون القرآن بالأوقاف