رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

صندوق النقد وبنك إنجلترا يدقان ناقوس الخطر: فقاعة الذكاء الاصطناعي تقترب من الانفجار

بوابة الوفد الإلكترونية

بدأت مؤسسات مالية كبرى مثل صندوق النقد الدولي وبنك إنجلترا في إطلاق تحذيرات جادة بشأن ما وصفوه بـ"الفقاعة المالية الجديدة" التي تتشكل حول الذكاء الاصطناعي، مشيرين إلى أن الارتفاع المبالغ فيه في تقييمات شركات التكنولوجيا وأسعار أسهمها قد يقود إلى تصحيح حاد في الأسواق العالمية قريبًا، إذا لم تتم السيطرة على موجة الحماس المفرط تجاه هذه التقنية.

وقالت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، خلال كلمتها في معهد ميلكن بالعاصمة الأمريكية واشنطن، إن العالم يعيش حالة من عدم اليقين أصبحت هي "الوضع الطبيعي الجديد"، داعية الحكومات والمؤسسات المالية إلى "الاستعداد الدائم للمفاجآت الاقتصادية". 

وأوضحت جورجيفا أن الأسواق المالية تشهد ارتفاعًا حادًا في أسعار الأسهم العالمية، مدفوعة بتفاؤل المستثمرين الكبير بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي على رفع الإنتاجية وتحفيز النمو الاقتصادي.

لكن جورجيفا شددت على أن هذا التفاؤل يجب أن يكون حذرًا ومبنيًا على واقع اقتصادي متزن، لأن المبالغة في تقدير العوائد المستقبلية للذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى فقاعة مالية مشابهة لتلك التي حدثت في عصر الإنترنت مطلع الألفية.

 وأضافت أن "الذكاء الاصطناعي يحمل فرصًا هائلة، لكنه يحمل أيضًا مخاطر كبيرة، خصوصًا إذا لم تُواكب الحكومات والمؤسسات المالية هذا التطور بسياسات تنظيمية واحترازية فعّالة".

من جانبه، حذر بنك إنجلترا من أن "خطر حدوث تصحيح مفاجئ في السوق قد ازداد بشكل واضح"، مؤكدًا أن تقييمات الأسهم في قطاع التكنولوجيا تبدو مبالغًا فيها إلى حد كبير، خصوصًا تلك المتعلقة بالشركات التي تركز بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي. 

ولفت البنك في محضر اجتماع لجنة السياسة المالية الأخير إلى أن هناك قلقًا متناميًا من أن الذكاء الاصطناعي قد لا يحقق كل ما يُروَّج له من وعود، مشيرًا إلى أن التوقعات المتفائلة حول أرباحه المستقبلية قد تتراجع إذا واجه القطاع عقبات في التطبيق العملي أو القبول العام.

وأوضح البنك في بيانه أن "العوامل السلبية المحتملة تشمل تباطؤ تقدم الذكاء الاصطناعي أو فشل تطبيقه على نطاق واسع، أو زيادة المنافسة بين الشركات بشكل يؤدي إلى إعادة تقييم الأرباح المتوقعة، وهو ما قد يدفع الأسواق إلى موجة تصحيح حاد تهز استقرار النظام المالي العالمي".

وترتبط هذه التحذيرات المبكرة مباشرة بموجة الاستثمارات الضخمة التي اجتاحت قطاع الذكاء الاصطناعي منذ إطلاق ChatGPT في عام 2022 على يد شركة OpenAI، والتي تحولت إلى نقطة انطلاق لسباق عالمي غير مسبوق بين عمالقة التكنولوجيا. فقد عقدت مايكروسوفت صفقة استثمارية ضخمة مع OpenAI بقيمة مليارات الدولارات عام 2023، تبعتها شركات مثل جوجل وأبل وأمازون بإطلاق منتجاتها الخاصة مثل Gemini وCopilot وApple Intelligence، في محاولة للحاق بالركب.

وخلال العامين الماضيين، أبرمت OpenAI صفقات شراء واستثمار بمئات المليارات من الدولارات مع شركات تصنيع الرقائق مثل AMD وNVIDIA لتأمين الإمدادات اللازمة لتشغيل بنيتها التحتية الضخمة. في المقابل، دخلت شركات منافسة مثل Anthropic بقوة إلى السباق، مدعومة باستثمارات كبيرة من جوجل وأمازون.

 وقد أثارت تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، الذي توقع أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على نصف الوظائف الإدارية خلال خمس سنوات، جدلاً واسعًا حول مستقبل سوق العمل وتأثير التقنية على الاقتصاد الحقيقي.

وتأتي هذه التحذيرات في وقتٍ تتسارع فيه تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى دخول مجالات جديدة مثل الفن والموسيقى والإنتاج الإعلامي، إلى جانب مجالات أكثر عملية كالتجارة الإلكترونية والتسوق. فعلى سبيل المثال، تقدم جوجل الآن أدوات تسمح للمستخدمين بتجربة الأحذية افتراضيًا عبر صورهم الشخصية باستخدام الذكاء الاصطناعي، ما يُظهر مدى تغلغل التقنية في حياتنا اليومية.

ورغم أن الذكاء الاصطناعي يُنظر إليه كأداة ثورية قادرة على تحسين الكفاءة وتعزيز الابتكار، إلا أن الفقاعة المالية المحتملة التي تحيط به تثير تساؤلات حول ما إذا كانت الأسواق تعيش مرحلة تفاؤل غير واقعي يعيد إلى الأذهان فقاعة الإنترنت عام 2000.

ويرى محللون اقتصاديون أن التحذيرات الصادرة من صندوق النقد وبنك إنجلترا يجب ألا تُؤخذ على أنها دعوة للتراجع عن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، بل كتنبيه ضروري لضبط التوقعات وضمان نمو مستدام قائم على القيمة الحقيقية وليس على الحماس المضارب. فبينما يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الاقتصاد العالمي بسرعة، يبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام ثورة تقنية حقيقية أم فقاعة مالية تنتظر لحظة الانفجار؟