رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

قضية ورأى

قبل 52 عامًا، عندما اندلعت حرب العبور العظيم ظهر السبت 6 أكتوبر 1973، كان الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون مشغولًا بفضيحة ووتر جيت، بينما كان وزير خارجيته هنرى كيسنجر مشغولًا بصناعة مجد إسرائيل، وينتظر يومًا صعبًا على الجيش المصرى باعتبار أن المصريين سيفشلون فى عبور تحصينات خط بارليف.
أما السوفييت، فكانوا يفتحون صفحة جديدة من التقارب مع خصومهم الأمريكيين، خصوصًا بعد أن وقع البلدان معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية (SALT I).
لكن.. عندما حلت صبيحةَ يوم الأحد 7 أكتوبر 1973، كان الجيش المصرى دمر بارليف ووضع 5 فرق مشاةٍ و1000 ألف دبابةٍ، على الضفة الشرقية للقناة.
اتصل الأمريكان على مضض، بالرئيس السادات، طالبين وقف الحرب، على أمل أن يرفض ويتيحوا هم الفرصة لإسرائيل بتأديب العرب فى هجوم مضاد يوم 8 أكتوبر كما كان يردد كيسنجر دائمًا.
ثمانية ألويةٍ إسرائيلية مدرعةٍ تضم 960 دبابة معظمها «سنتوريون» و«إم 60» الأمريكية موحدة العيار والمزودة بأجهزة متطورة، كانت تعتقد أنها ستطرد الجيش المصرى بسلاحه الروسى الذى يضم دبابات 800 دبابة قديمة تى 34 وتى 54 وتى 55، و200 دبابة حديثة فقط «تى 62».
طبعا بخلاف سلاح الطيران الإسرائيلى المتفوق جدًا فى ذلك الوقت.
لكن المصريين فاجأوهم، وكسروا الهجوم الإسرائيلى المضاد يومى 8 و9 و10 أكتوبر، ودمروا غالبية المدرعات وأسقطوا عشرات الطائرات، بأسلحة روسية متقدمة تعتمد على مهارة الجنود ومنها صواريخ فهد أو «مالوتكا» التى نجح به جندى مصرى واحد هو الرقيب أول محمد عبدالعاطى فى تدمير 23 دبابة.
استغاثت جولدا مائير، بالرئيس الأمريكى قائلة: «إسرائيل تنهار.. أنقذونا من الطوفان المصرى»، وجاء الرد سريعًا عبر عملية «نيكل جراس» أو الجسر الجوى الإستراتيجى لتوصيل 22 ألف طن من الدبابات والمدفعية والذخيرة.. وغالبيتنا يعرف تسلسل الأحداث بعد هذا الجسر، والدور الأمريكى فى حصار الجيش الثالث المصرى.
لكن بين أكتوبر 1973 وأكتوبر 2025، حدثت تحولات كثيرة فى العالم، أبرزها الموقف الأمريكى المهيمن فى الشرق الأوسط.
فقبل 52 عامًا، كان الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون، ووزير خارجيته اليهودى هنرى كيسنجر، يديران الحرب ضد مصر وسوريا ودول عربية أخرى.
أما الآن، فالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ومندوبه السامى للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، يزوران مصر من أجل «السلام فى الشرق الأوسط»، أو بمعنى أدق مصالحهما فى الشرق الأوسط.
ربما فهم الأمريكان، العقلية العربية، فاستطاعوا تحييدها وإبعادها عن فكرة المناورة.. لكن المؤكد أن العقلية المصرية أكثر وعيًا بالعقلية الأمريكية.. والدليل هو القدرة المصرية على المناورة أمام الهيمنة الأمريكية على العالم منذ 1973 وحتى يومنا هذا.
فى حرب أكتوبر واجه الرئيس السادات، غرور الجيش الإسرائيلى وحطمه، ولم ينجحوا فى جره إلى مواجهة مباشرة مع الجيش الأمريكى.
وبعد أكتوبر 2023، كان الهدف جر مصر إلى نفس السيناريو، خصوصًا بعد انتقال حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية إلى شرق المتوسط لحماية إسرائيل.
وطوال الـ24 شهرًا فى حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، كانت هناك تحولات، فى سوريا التى سقط فيها نظام الأسد وتم استبداله بنظام موالى لتركيا بدلًا من إيران، وفى لبنان التى قوض فيها حزب الله، وقتل أمينه العام التاريخى حسن نصر الله، ثم خليفته.
كانت هناك تحولات فى إيران التى تمت تصفية قادتها السياسيين والعسكريين والمعلوماتيين، وتصفية علماء البرنامج النووى، وقصفها بأعتى القاذفات الاستراتيجية الأمريكية.
إهانة قادة عرب، وتنكيل بدول عربية وإذلال أمريكى، وضربات على قطر واليمن وتونس والعراق.
أوراق ضغط من الخارج، وأصوات تخوين من الداخل ضد القيادة المصرية، وادعاءات بتجويع الأشقاء فى غزة، والاشتراك فى مخطط التهجير.
ثم بقيت مصر صامدة، صمود أكتوبر 1973، أمام الهيمنة الأمريكية المطلقة، لتعود فى النهاية إلى مكانتا الطبيعية الريادية فى المنطقة.
مخطئ من يعتقد أن مصر ضد المقاومة الفلسطينية، ومخطئ أيضًا من يعتقد أن مصر ضد السلام العادل الشامل.
حفظ الله مصر