الوحدات الصحية فى الغيب .. وتنتظر المبادرة الرئاسية

رغم أن الوحدات الصحية أُنشأت لتكون بمثابة تأمين صحى للمواطنين، تقدم خدمات الرعاية الطبية الأساسية لهم على مقربة من منازلهم، إلا أن الواقع يكشف صورة أقل بكثير، فبدلاً من أن تتحول إلى مراكز متكاملة للفحص والعلاج، اعتاد أغلب الأهالى على زيارتها لأغراض محدودة مثل تطعيم الأطفال، وتسجيل المواليد، وتنظيم الأسرة، بينما يغيب عنها العديد من الخدمات الطبية الضرورية التى قد تُجنب المريض رحلة مرهقة إلى المستشفيات الكبرى، وحتى غرف الطوارئ والإسعاف، التى يفترض أن تستقبل الحالات العاجلة، لم تُفعّل بشكل حقيقى، وظل وجودها مجهولاً بالنسبة لغالبية المواطنين، وفى المقابل، شهدت هذه الوحدات فى السنوات الماضية استضافة مبادرات قومية كبرى مثل حملة 100 مليون صحة للكشف المبكر عن فيروس سى والأمراض المزمنة، ما أثبت أنها قادرة على أن تكون نقطة انطلاق حقيقية لتعميم الخدمات الصحية إذا توفرت الإرادة والتجهيزات.
على الجانب الآخر يواجه الأطباء والعاملون بالوحدات الصحية تحديات يومية لا تقل قسوة عما يواجهه المرضى، إذ يضطر بعضهم إلى جلب مستلزمات طبية على نفقتهم الخاصة، فى محاولة منهم لتقديم خدمة مقبولة رغم غياب الإمكانيات، وهو ما يعكس حجم الفجوة بين الاحتياجات الفعلية وبين ما هو متاح داخل هذه المنشآت.
وكانت الحكومة قد أعلنت عن خطة طموحة لتحويل هذه الوحدات إلى نواة للتأمين الصحى الشامل، لتصبح بوابة أولى لأى مريض قبل أن يصل إلى المستشفيات المركزية، لكن التنفيذ لم يتجاوز نطاق وحدات محدودة حتى الآن، أما البقية، فما زالت تعانى نقص الكوادر الطبية والأجهزة، بل وبعضها يعمل دون مدير أو بغياب تخصصات حيوية، مثل النساء والأطفال.
وخلال جولة ميدانية على عدد من هذه الوحدات، رصدنا صوراً واضحة لهذه الفجوة: فعلى سبيل المثال وحدة منيل شيحة عملت لعدة أشهر دون مدير، ووحدة العمرانية تخلو من عيادة النساء وجهاز السونار، ليبقى المواطن مضطراً إلى البحث عن بدائل بين مستشفيات مزدحمة أو عيادات خاصة ترهق ميزانيته المحدودة.
منيل شيحة
ورغم أن الوحدة الصحية بقرية منيل شيحة التابعة لمركز ومدينة أبوالنمرس تُعد المتنفس الوحيد لآلاف المواطنين، فقد عاشت حالة من الارتباك الإدارى لأكثر من شهرين، بعد أن خلت من مدير رسمى منذ رحيل الدكتور خيرى عبدالعال فى 30 يوليو الماضى، وتمت إدارتها بشكل مؤقت من خلال ثلاثة أطباء يتناوبون لتسيير الأعمال اليومية وفقاً لجداول الحضور، وهو ما هدد انتظام الخدمة وضاعف من معاناة الأهالى خلال هذه الفترة، حتى تم تعيين مديرة لها فى 16 سبتمبر.
وخلال فترة الخواء الإدارى شهدت هذه الوحدة أحداثاً كثيرة مما انعكس على الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة بعدما قررت الدكتورة عبير زينهم، مديرة الإدارة الصحية بأبوالنمرس، تكليف إحدى الطبيبات حديثة التخرج بإدارة الوحدة، لكنها اعتذرت سريعاً لظروف أسرية وصحية، فضلاً عن صغر سنها وقلة خبرتها، وفوجئت الطبيبة بإحالتها للتحقيق فى 2 سبتمبر، لتظل الوحدة بلا مدير لفترة أطول مما كان مخططاً له.
ورغم الكثافة الطبية داخل الوحدة، إذ تضم 12 طبيب أسنان و9 صيادلة و3 أطباء بشريين وطبيبة وحيدة لعيادة النساء، فإن الخدمات تعانى من ثغرات واضحة، فالوحدة تفتقر إلى أجهزة العلاج الطبيعى، ما يدفع الأطباء إلى إحضار أجهزتهم الخاصة لتقديم الخدمة، كما تعانى من نقص فى المستلزمات الأساسية، وهو ما يجبر الأطباء والعاملين على جمع مبالغ مالية من بعضهم لشرائها، حتى عاملة النظافة، التى تداوم يومياً ولها توقيع رسمى فى دفتر الحضور، لا تتقاضى أى راتب، ويضطر العاملون إلى دفع مبلغ شهرى لها من رواتبهم المتواضعة.
مع ذلك، يعترف المواطنون بوجود بعض الخدمات المنتظمة داخل الوحدات الصحية، فإحدى الأمهات أوضحت أن الوحدة تلتزم بمواعيد التطعيمات للأطفال، بل ويحرص العاملون على الاتصال بالأهالى فى حال تأخرهم عن الحضور، فيما أشارت سيدة أخرى إلى أنها تتابع حالتها ضمن حملة «100 مليون صحة»، حيث تُجرى لها فحوص دورية للسكر وضغط الدم، ويطلب منها الأطباء كل ثلاثة أشهر إجراء تحاليل شاملة للدهون والكوليسترول فى معامل خارجية، ثم يصفون لها أدوية للضغط والدهون إلى جانب مكملات غذائية، لكنها لفتت فى الوقت نفسه إلى أن الأدوية المتاحة فى الوحدة لا تكفى احتياجات المرضى، إذ لم تحصل منذ ثلاثة أشهر إلا على شريط واحد يحتوى على 10 أقراص من دواء الضغط أو السكر، وهو ما يغطى بالكاد عشرة أيام فقط، بينما يبرر العاملون ذلك بنقص الأدوية، وأضافت أن جهاز قياس الضغط والسكر فى الوحدة معطل، ما يجبرها على إجراء القياسات خارجها، لتعود بالنتائج إلى الطبيب، وتساءلت «إذا كانت الوحدة الأقرب لنا تعانى من نقص أدوية وتعطل الأجهزة، فإلى أين نلجأ؟ فالعيادات الخاصة تحتاج إلى مصاريف كبيرة لا نقدر عليها».
كما أشادت إحدى السيدات بخدمة عيادة النساء، مؤكدة أن الطبيبة المتواجدة «شاطرة» وتتابع معها بانتظام، لكنها تعمل ثلاثة أيام فقط فى الأسبوع، ما يسبب زحاماً شديداً على العيادة، وأوضحت مواطنة أخرى أنها تلجأ لعيادة الأسنان، حيث يقوم الأطباء بالكشف وصرف مسكنات ومضادات حيوية، لكن عند الحاجة لخلع يطلب منها دفع 50 جنيه كتذكرة إضافية.
ونظراً لأن هذه الوحدة تخدم عدداً كبيراً من المواطنين تصاعدت الأصوات المطالبة بضرورة إدراج الوحدة فى المرحلة الثانية من مبادرة تطوير الوحدات الصحية، وأكدت إحدى العاملات بالوحدة أن موقعها ومساحتها يسمحان بإنشاء مبنى جديد أو إضافة وحدة إسعاف حديثة تخدم منيل شيحة والقرى المجاورة.
وأكد الأهالى أن استمرار الوضع الراهن يهدد بتراجع مستوى الرعاية الصحية، فى وقت تمثل فيه الوحدة طوق النجاة الوحيد أمام الأسر البسيطة، ويجمعون على أن الحل يكمن فى وجود خطة شاملة لتطوير المبنى وتجهيزه بما يتناسب مع حجم الخدمة المطلوبة فى واحدة من أكبر قرى مركز أبوالنمرس.
العمرانية مبنى بلا خدمات
أما وحدة العمرانية الصحية، فحجم القصور فى الخدمات المقدمة للمرضى واضح جداً، خاصة فى تخصص النساء، فالوحدة لا تستقبل حالات الكشف فى عيادة النساء وإذا رغبت أى سيدة فى توقيع الكشف عليها، يكون الرد: «روحى مستشفى أم المصريين أو أى وحدة تانية، هنا مفيش كشف نسا، إحنا بس بنركب وسيلة»، وهو ما يعكس غياب خدمة أساسية تمس شريحة واسعة من السيدات.
وأثناء الانتظار داخل عيادة تنظيم الأسرة، عبرت إحدى السيدات عن استيائها قائلة: «بقالى فترة طويلة مش بكشف هنا نسا، مفيش جهاز سونار فى الوحدة بيقولى اعملى سونار بره وتعالى، وده بيخلينا نلف على مستشفيات تانية»، موضحة أن عدم وجود هذا الجهاز يحرم النساء من متابعة دقيقة لحالاتهن.
والتقينا فى الوحدة بسيدة ثلاثينية جاءت برفقة شقيقتها التى وضعت مولودها منذ شهرين، وأرادت تركيب وسيلة منع حمل، لكنها أبدت رفضها فى البداية، مبررة ذلك بتجربتها السابقة: «أنا كنت هنا من فترة والدكتورة معاملتها كانت وحشة، وماعملتش ليّا سونار قبل الوسيلة، وقالت الجهاز بايظ»، وهو ما جعلها تفقد الثقة فى الخدمة الطبية المقدمة.
وخلال الجولة، التقينا بسيدة مسنة كانت تجلس فى ساحة الانتظار، روت أنها تجاوزت الستين من عمرها وتعانى من آلام شديدة فى الأسنان، لكنها فوجئت بأن الوحدة لا توفر خدمات الحشو أو التركيبات، وأن الخدمة تقتصر فقط على الخلع، ما يضطرها إلى الذهاب لمستشفى بعيد عن منزلها وهو ما يمثل عبئاً ثقيلاً من حيث الوقت والجهد والمال.
وفى المقابل، تحدثت سيدة أخرى كانت تحمل طفلاً صغيراً، موضحة أنها تعانى منذ فترة بسبب غياب عيادة النساء داخل الوحدة، حيث قالت: «كل مرة أتوجه للوحدة للكشف يقولوا مفيش، أروح فين؟ لا أقدر على العيادات الخاصة، ولا على عذاب المستشفيات، وكل مرة يقولوا لى روحى أم المصريين». ثم أضافت بحسرة: «الوحدة دى المفروض قريبة مننا وتوفر الخدمة، لكن للأسف بنضطر نصرف فلوس برا».
هذه الشهادات تعكس بوضوح حجم الفجوة بين الدور المفترض للوحدات الصحية فى خدمة المواطنين، وبين الواقع الذى يواجهونه يومياً.
غياب تخصص النساء وجهاز السونار، واقتصار عيادة الأسنان على الخلع فقط، مع شكاوى متكررة من معاملة بعض الأطباء، كلها مشاهد تكشف عن فجوة كبيرة بين ما يفترض أن تقدمه الوحدات الصحية للمواطنين، وبين ما يجدونه بالفعل عند الحاجة إلى خدمة بسيطة.
أطباء الوحدات.. بين ضغوط العمل وغياب المستلزمات
وراء أبواب الوحدات الصحية لا يواجه المرضى معاناة نقص الخدمات فقط، بل يعانى الأطباء والعاملون أنفسهم من واقع لا يقل صعوبة، ففى ظل غياب التجهيزات والمستلزمات الطبية الأساسية، يضطر بعض الأطباء إلى شراء أدوات علاجية على نفقتهم الخاصة لمساعدة المرضى، هذه الممارسات تعكس حجم العجز داخل الوحدات، وتطرح تساؤلات حول دور الوزارة فى توفير أبسط متطلبات العمل الطبى.
وذكرت طبيبة أسنان – رفضت ذكر اسمها – أنها حديثة التخرج ومكلَّفة بالعمل فى وحدة صحية بقرية أخرى بالجيزة، موضحة أن الوحدة تعانى من نقص حاد فى المستلزمات الطبية، وقالت: «عندما نطلب من الإدارة توفير أدوات ضرورية للعيادة، يكون الرد هاتوها أنتم، وبالفعل نضطر فى أحيان كثيرة لشرائها على نفقتنا الخاصة».
وأضافت الطبيبة أن المرتبات الضئيلة لا تكفى احتياجات المعيشة، ورغم ذلك يقتطع الأطباء منها لتغطية عجز الوحدة.
وأشارت إلى أن يد الإهمال طالت جوانب عدة داخل الوحدة، بداية من النقص الكبير فى الأدوية، وصولاً إلى غياب الأجهزة اللازمة فى أقسام مثل العلاج الطبيعى وغيرها.
وأكدت إحدى الممرضات أن المعاناة لا تقتصر على المرضى فقط، بل تشمل أيضاً العاملين داخل الوحدة، حيث قالت: «إحنا بنشتغل فى ظروف صعبة جداً، ساعات بنشترى شاش وقطن من جيبنا، والمريض ممكن يستنى ساعات طويلة عشان مفيش دكتور نوباتجية».
ضرورة التطوير
إن إعادة الاعتبار للوحدات الصحية ليس رفاهية، بل ضرورة لإنقاذ أرواح آلاف المرضى يومياً فهذه الوحدات، التى وُجدت لتكون خط الدفاع الأول، تضم بالفعل غرف طوارئ لكن معظمها غير مُفعل أو مجهول بالنسبة للمواطنين، ولو جرى رفع كفاءتها وتجهيزها بالأطباء والأدوات اللازمة، لتحولت إلى مستشفيات صغيرة قادرة على استقبال الحالات العاجلة وتقديم خدمات متكاملة، الاهتمام بالوحدات الصحية وتطوير خدماتها سيُسعف العديد من المرضى، ويساعد فى إنقاذ حياتهم، وفى الوقت نفسه يخفف الضغط المتزايد عن المستشفيات الحكومية المركزية التى تكتظ يومياً بآلاف الحالات.
وهو ما أكده أيضا أحد الأطباء الشبان، مشيراً إلى أن الوحدات الصحية تمثل العمود الفقرى لنظام الرعاية الصحية الأولية. فهى أول نقطة اتصال بين المواطن والدولة فى مجال الصحة، وخصوصاً فى القرى والنجوع. وكثير من الأطباء حديثى التخرج يبدأون مسيرتهم العملية فيها ليجدوا أنفسهم أمام تحديات جديدة تختلف تماماً عما درسوه فى الكلية.
رغم التحديات الكبيرة، لا يمكن إنكار مميزاتها وأهمها: الوصول المباشر للمجتمع نظرا لوجودها داخل القرى فلا يحتاج المواطن السفر لمسافات طويلة لتلقى خدمة صحية أولية، بالإضافة للتنوع فى الحالات التى يقابلها الطبيب ما يعزز خبرته الإكلينيكية بسرعة. كما أنها فرصة لاكتساب مهارات غير طبية مثل الإدارة، كتابة التقارير الرسمية، متابعة التطعيمات، وتنظيم الحملات القومية، كما أنها فرصة لإقامة علاقة إنسانية مميزة بين الطبيب وأهل القرية.
وأضاف أن هذه الوحدات رغم بساطتها تعتبر مدرسة للطبيب الشاب إذ تضعه فى مواجهة مباشرة مع تحديات حقيقية، بعيداً عن «البيئة المثالية» للمستشفيات الجامعية، ولكن هذه الوحدات تواجه عدة تحديات حقيقية منها: ضعف البنية التحتية: فكثير من الوحدات مبان قديمة تحتاج إلى صيانة وأحياناً بلا كهرباء مستقرة أو شبكة مياه جيدة. بالإضافة إلى نقص الأجهزة الطبية وغياب بعض الادوات الهامة مثل جهاز رسم القلب أو جهاز قياس السكر أو أجهزة تعقيم جيدة، ناهيك بمشكلة عدم استخدام هذه الاجهزة عند توفرها لأنها عهدة باهظة الثمن يخشى المسئولون تبديدها أو تلفها، كما تعانى الوحدات من ندرة الأدوية ففى معظم الحالات لا يجد المريض الدواء متاحا، ما يجبر الاطباء على كتابة الروشتة ليشتريها المريض من الخارج.
كما تعانى معظم الوحدات من نقص حاد فى الكوادر الطبية مثل أطقم التمريض ليجد الطبيب نفسه يعمل وحيدا، مع غياب التدريب العملى إذ يجد الطبيب نفسه فى الميدان، دون برامج تأهيل حقيقية للتعامل مع الطوارئ أو الأمراض المزمنة.
وكشف الطبيب الشاب الذى رفض ذكر اسمه أن الروتين والبيروقراطية تعد أهم مشكلات الوحدات الصحية فجزء كبير من وقت الطبيب يضيع فى كتابة سجلات ورقية وتقارير إدارية بدلاً من التركيز على التشخيص والعلاج، بالإضافة للمشكلات التى يتعرض لها الطبيب داخل الوحدة مع أهالى المرضى بسبب نقص الامكانيات، إضافة لضعف المرتبات والحوافز التى لا تتناسب مع الجهد المبذول ولا مع الظروف الصعبة.
طرق التحسين
وطالب الطبيب الشاب بضرورة إنقاذ الوحدات الصحية وتجهيزها بأجهزة أساسية مثل أجهزة الضغط والسكر ورسم القلب، وأدوات الإسعاف الأولى. وتدريب الأطباء قبل التعيين على التعامل مع الحالات الحرجة. وتطوير البنية التحتية مثل تحديث المبانى وصيانة الوحدات القديمة لتكون بيئة آمنة. وتوفير عدد كافٍ من التمريض والإداريين لتخفيف الضغط. وإدخال نظام إلكترونى للملفات الطبية لتقليل الورق وتحسين متابعة المرضى. وربط الوحدات بالمستشفيات: بخط ساخن أو نظام إحالة إلكترونى سريع. مع رفع الحوافز والمرتبات: لتشجيع الأطباء على العمل بجدية وعدم البحث عن بدائل خارجية فقط.
غياب طبيب «النوبتجية» يهدد حياة مئات المرضى
بُعد المسافة تسبب فى وفاة طفل قبل وصوله إلى المستشفى
غرف مغلقة، وأدوية غير متوافرة، وعجر فى نسبة الأطباء، ومعاملة غير آدمية، هكذا أصبح الوضع داخل الوحدات الصحية الموجودة فى المراكز والقرى بالعديد من المحافظات، ما زاد من معاناة المرضى الذين يقطعون مسافات طويلة فى محاولة للحصول على خدمة طبية تخفف من آلامهم، وفى النهاية لم يحصل على ما تكبد من أجله المتاعب، حتى يصاب باليأس والإحباط. للوهلة الأولى عندما تنظر إلى مبانى الوحدات الصحية تشعر بأنها صروح طبية على أعلى مستوى من الخدمات، لكن الحقيقة مغايرة تمامًا، عندما تدخل لطلب خدمة طبية، تصدم بالواقع المرير، من انعدام الخدمة أو وجود طبيب يسكن الألم، ما يدفع البسطاء إلى دفع الغالى والنفيس فى المستشفيات الخاصة للعلاج، ليكتب عليهم المر والعذاب بفعل الإهمال والفساد، وغياب الرؤية لدى المسئولين.
انعدام الرقابة على الوحدات الصحية، جعلها أشبه بصحراء جرداء لا أطباء ولا تمريض، ولا دواء، ما جعل المستشفيات الحكومية والوحدات الصحية «بوابة الآخرة»، وهذا ما جسدة الإهمال الذى تعرض له المرضى فى مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحى، وفقدان العديد من البسطاء بصرهم، ليعشيوا فى ظلام الإهمال.
الإسكندرية
غرب الإسكندرية.. صرح بلا تأهيل
الإسكندرية – شيرين طاهر:
يعانى أهالى غرب الإسكندرية من ترد واضح فى مستوى الخدمات الصحية المقدمة بالوحدات الصحية، والتى يفترض أن تكون خط الدفاع الأول أمام الأمراض والطوارئ، وتفتقر الوحدات الموجودة إلى أبسط مقومات الخدمة الطبية، بدءًا من غياب التخصصات الأساسية، مرورًا بقلة عددالأطباء وقصر ساعات العمل، وصولًا إلى نقص المستلزمات الطبية والإسعافات الأولية.
الأهالى، الذين يعيشون فى مناطق نائية وبعيدة عن أعين المسئولين، يرون أن هذه الوحدات لم تعد قادرة على القيام بدورها، ما يجعلهم فى مواجهة مباشرة مع الأزمات الصحية دون حماية حقيقية.
يعتبر ملف الصحة من أبرز الملفات الشائكة التى تؤرق الحكومة، خاصة مع اعتماد شريحة واسعة من المواطنين على الوحدات الصحية باعتبارها وسيلة لتلقى خدمات مجانية أو بأسعار رمزية، لكن على أرض الواقع، تغيب التخصصات الطبية الحيوية فى أغلب الوحدات، ويقتصر العمل على خدمات بسيطة مثل تطعيم الأطفال وتنظيم الأسرة، بينما يظل المرضى فى انتظار مبادرات أو حلول عاجلة قد لا تأتى.
يقول عمرو السيد، من أهالى قرية «بنجر السكر»، إن قريته تبعد أكثر من ساعة عن بوابة الإسكندرية الصحراوى، ولا يوجد بها سوى وحدة صحية واحدة تعمل فى الفترة الصباحية فقط وفى تخصصات محدودة، أما فى حالات الطوارئ، يضطر الأهالى لاستئجار سيارات خاصة لنقل المرضى إلى مستشفى العامرية الذى يبعد نحو 45 دقيقة، ما يتسبب فى وفاة الحالات التى تفيض أرواحها قبل وصولها للعلاج، مطالبًا بإنعاش تلك الوحدات، وفتح تخصصات جديدة مثل النساء والولادة والأسنان، وتقديم خدمات طوارئ على مدار اليوم.
أما كاملة عزوز، ربة منزل من سكان منطقة «النهضة»، فأكدت أن الوحدات الصحية هناك تعمل لساعات محدودة وتقتصر على تخصصات الباطنة والأطفال فقط، فيما لا تستقبل حالات الطوارئ، لافتًا إلى أن بعض الأهالى فقدوا أحباءهم بسبب عدم وجود مستشفى قريب، مثل طفل توفى اختناقًا بعد ابتلاعه جسمًا معدنيًا.
وطالبت بتطوير الوحدات الصحية وتجهيزها لخدمة سكان المنطقة، بجانب إنشاء مستشفى مركزى قريب يقلل من معاناة التنقل.
وفى منطقة «الغربانيات»، قال منعم السيد- أحد الأهالى- إن الأهالى يعيشون على أمل وصول المبادرات الرئاسية للكشف والعلاج المجانى، والتى أنقذت أطفالاً ونساء من أمراض خطيرة، مشيرًا إلى أن كبار السن والرجال لا يستفيدون منها بالقدر الكافى، ما يزيد من معاناتهم مع نقص الرعاية الصحية وتأخر وصولهم للعلاج.
وتوضح سحر عبدالمنعم، ربة منزل، أن الوحدات الصحية بوسط الإسكندرية لا تقدم سوى ثلاث خدمات أساسية: تطعيم الأطفال، تنظيم الأسرة، وعلاج نزلات البرد، أما باقى التخصصات فلا يوجد لها أطباء أو أدوية، وغالبًا ما يتم توجيه المرضى إلى المستشفيات، رغم أن الكثير من المواطنين يقصدون الوحدة الصحية لرخص سعر التذكرة وتوافر العلاج المجانى. وطالبت وكيل وزارة الصحة بضرورة دعم الوحدات بجميع التخصصات الحيوية مثل العظام والجلدية.
من جانبه، أكد عادل السيد أن الوحدات الصحية بمنطقة المنتزه تعانى من نقص حاد فى الأطباء والممرضين، حيث يقتصر العمل على تخصصات الباطنة وطب الأسرة فقط، ما يدفع المرضى للتكدس فى المستشفيات، مضيفًا أن الوحدات تعانى من نقص الأدوية وتدنى مستوى النظافة، وهو ما يزيد من خطر انتشار العدوى بين المرضى.
مأساة فى العامرية
قصة مؤلمة يرويها محمد عبدالله، مزارع من العامرية، حيث فقد ابنه الصغير بعد أن ابتلع جسمًا معدنيًا ولم يتمكنوا من إنقاذه بسبب غياب الرعاية العاجلة.
وأوضح أن الوحدة الصحية فى المنطقة تعمل حتى الثانية عشرة ظهرًا فقط، ما اضطره لنقل الطفل إلى مستشفى العامرية البعيد، لكنه فارق الحياة قبل وصوله. وأكد أنه تقدم بطلب لإنشاء مستشفى يخدم قرى «البنجر»، وجارى تبنى الفكرة من نواب الدائرة، على أمل تنفيذها ضمن خطة العام الجارى.
شكاوى بلا جدوى
ويضيف عمرو السيد، عامل من غرب المحافظة، أن الوحدة الصحية فى منطقته لا يوجد بها تخصصات مثل العيون أو المسالك أو الجلدية أو العظام، وأنها تعمل لساعتين فقط يوميًا، موضحًا أن سيارات الإسعاف ترفض دخول بعض المناطق النائية لعدم وجود طرق ممهدة، ما يضطر الأهالى لاستئجار سيارات خاصة، وهو ما يكلفهم كثيرًا ويعرض حياة المرضى للخطر، مؤكدًا أنهم تقدموا بطلبات عديدة لإنشاء مركز طبى ومدارس قريبة، لكن دون جدوى حتى الآن.
وطالب الأهالى بضرورة إعادة تأهيل الوحدات الصحية وتزويدها بالتخصصات الأساسية والأطباء، وفتحها على مدار الساعة لاستقبال حالات الطوارئ.
كما يناشدون وزارة الصحة بإنشاء مستشفى مركزى يخدم قرى غرب الإسكندرية، وتوفير سيارات إسعاف قادرة على الوصول للمناطق النائية، مؤكدين أن إنقاذ حياة المواطنين أهم من أى اعتبارات أخرى.
سوهاج
الأجهزة الطبية فى المخازن والأدوية منتهية الصلاحية
سوهاج- مظهر السقطي:
من المفترض أن الوحدة الصحية الملاذ الأول والأخير للبسطاء من أبناء القرى خاصة فى المناطق البعيدة بعد أن ضاقت بهم السبل والأحوال المادية فهم لا يجدون سبيلاً لعلاج أطفالهم وذويهم إلا داخلها، ولكن ما نجده على أرض الواقع بالوحدات الصحية يقول عكس ذلك، فهناك حالات مأساوية تشهدها الوحدات بالقرى بداية من العجز الصارخ فى الأطباء وعدم توافر الأدوية ونقص عناصر التمريض وغياب الرقابة وتنتهى بوحدات أخرى متهالكة تسكنها الحيوانات أو مبانِ شاهقة لا تجد من يقوم بتشغيلها.
فى معظم قرى محافظة سوهاج تعانى الوحدات الصحية من مشاكل عديدة تتمثل غالبيتها فى نقص الأطباء وهروبهم من العمل بالوحدات الصحية لعدم وجود حافز إثابة يكفيهم ونقص فى التمريض والعمالة والأجهزة والمعدات الطبية وهناك وحدات صحية أصبحت مأوى للفئران والقطط والحيوانات الضالة التى استولت على غرف الأجهزة وأتلفت العديد منها بعد أن هجرها الأطباء.
واشتكى المرضى من وجود أجهزة وأدوات طبية جديدة وبحالة جيدة لكنها مكهنة بالمخازن ووجود أدوات طبية غير معقمة بعيادات الأسنان فى كثير من الوحدات الصحية ووجود أدوية منتهية الصلاحية ما يؤكد عدم وجود حملات رقابية ومتابعة على هذه الوحدات من قبل مديرية الصحة أو إدارة التفتيش الصيدلى بالمديرية.
تسبب عدم وجود الأطباء فى تعطيل العديد من الوحدات الصحية فهناك وحدات تعمل لمدة يومين أو ثلاثة حيث يتم ندب الطبيب للعمل فى أكثر من وحدة صحية الأمر الذى يدفع المرضى للجوء للمستشفيات المركزية كما ان هناك وحدات صحية لم يتم تشغيلها لعدم وجود تجهيزات طبية أو عمالة.
قال محمود إبراهيم من أهالى قرية أولاد جبارة، إن نقص الخدمات بالوحدة الصحية فى القرية يجبرهم على التوجه إلى العيادات الخاصة وتكبد نفقات ومصاريف زائدة للكشف على مرضاهم فى ظل ظروفهم المادية الصعبة لافتاً أنه فى حالة توافر طبيب بالوحدة الصحية يكون «امتياز» وغير متخصص لذا يكون غير قادر على الكشف بصورة دقيقة وطالب عدد من أهالى القرية محافظ سوهاج ومسئولى مديرية الصحة بتوفير ما تحتاجه الوحدة الصحية من أدوات طبية ومعدات وأطباء مقيمين خاصة فى الباطنة والنساء والتوليد.
وأوضح على محمود من قرية الرشايدة، أن دور الوحدة الصحية بالقرية يقتصر على التطعيم واستخراج شهادة الميلاد أوالوفاة وبرغم الجهود المبذولة لتوفير الرعاية الصحية للمواطنين خاصة محدودى الدخل وأن الكثير من الوحدات الصحية بمحافظة سوهاج يقتصر عملها فقط على تطعيم الأطفال أو تنظيم الأسرة أو أنها مغلقة لأسباب خاصة بالقائمين عليها ويكون المواطن هو الضحية فيضطر للهروب منها إلى المستشفيات المركزية التى يطلق عليها الأهالى المثل القائل نصف العمى ولا العمى كله أو يضطر الى تحمل أعباء مادية كبيرة للذهاب إلى العيادات الخاصة.
ولفت أحد العاملين بصيدلية وحدة صحية، إلى أن نقص الأدوية الأساسية مثل طعوم لدغ الثعبان والعقرب وخافضات الحرارة والمضادات الحيوية فى الوحدة الصحية يؤثر بشكل كبير على المرضى خاصًة الأطفال مشيرة إلى أنه أحيانا يأتى الطفل مريض أو مصاب ونضطر لإسعافه بمسكن فقط.
وأضاف أن الأجهزة الطبية الموجودة فى الوحدة الصحية قديمة ولا تعمل بكفاءة ما يحد من قدرتنا على تقديم خدمة طبية علاوة على أن غياب الطبيب الذى يأتى يوما أو يومين فى الأسبوع يؤدى إلى تفاقم الحالات المرضية ما يشكل تهديدًا خطيرًا على صحة المواطنين ونوهت إلى ضرورة تحسين الدعم الطبى فى الوحدات الصحية من خلال وجود طبيب متخصص وتأمين الأدوية والأجهزة الحديثة بشكل دورى.
وأشار أحد أطباء الأسنان يعمل بوحدة صحية إلى أن نقص الأدوات الطبية مثل مادة التخدير «البنج» غير المتواجد بصورة دائمة لاستخدامه فى العمليات الجراحية الصغرى بالمستشفيات ومواد الحشو والأجهزة المتخصصة يشكل تحديًا كبيرًا فى تقديم خدمات طب الأسنان داخل الوحدة، موضحًا لا توجد مواد حشو والأجهزة قديمة والمريض الذى يعانى من التسوس لا يوجد أمامنا سوى الخلع بدون بنج أو أن يشتريه على نفقته الخاصة.
وقالت الطفلة رودينا خالد 11 سنة تقيم بناحية الشهداء أنا ذهبت مرة للكشف بالوحدة الصحية وكنت أعانى من ألم شديد بأسنانى لكن لم يقدموا لى شيئًا سوى ورقة قمت بشرائها من صيدلية خاصة مدون بها مضاد حيوى ومسكنات لأنه لم يتوفر المخدر المستخدم فى حالات الخلع.
وأدى غياب الأطباء والأدوية فى بعض الوحدات الصحية إلى اعتماد بعض المواطنين على الوصفات المنزلية والتجارب الشخصية فى العلاج رغم تسببها فى نتائج عكسية وأصبحت معظم ربات البيوت توصف تجربتها لجارتها كغلى الكمون لعلاج تقلصات البطن وغلى ورق الجوافة للسعال و«اللبخات» البلدية للخراج وهناك من تبحث عن حل على طريقتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى أحيانا ينجح وفى الغالب إذا فشل يزيد المشكلة ويتفاقم التعب.
الدقهلية
مأساة صحية للغلابة
كتب- وجدى صابر:
تعيش الوحدات الصحية فى محافظة الدقهلية، مأساة حقيقية نتيجة اختفاء الحد الأدنى من الخدمة الطبية المطلوبة، حيث تعانى هذه الوحدات من غياب تام لمعظم العيادات فى التخصصات التى يحتاجها المرضى، بالإضافة إلى توقف العمل فى العديد من الوحدات الصحية، ويضطر مواطنو القرى إلى التوجه إلى مستشفيات بعيدة عن محل إقامتهم مما يهدد حياتهم، وفى الوقت الذى تشهد فيه محافظة الدقهلية توسعا عمرانيا كبيرا يتطلب معه توفير الخدمة الصحية فى الوحدات التابعة لها أو على الأقل توفير استقبال للحالات الطارئة، إلا أن الواقع يكشف بأن هذه الوحدات مجرد لافتات فقط، بينما على أرض الواقع لا يوجد أية خدمات !!
فى قرية «برمبال» الجديدة بمنية النصر وهى موطن على مبارك باشا «أبوالتعليم» فى مصر، يقول المواطن إبراهيم غباري، منذ أكثر من 20 عاما تم إقامة مبنى الوحدة الصحية بالقرية، وانتظرنا تحقيق الحلم إلا أن المقاول المسئول عن التشطيبات بدأ العمل ثم توقف فى إتمام التشطيبات وترك بقية الأعمال منذ هذا الوقت وحتى الآن، أما المأساة فكما يقول «غباري»، إن الوحدة الصحية تعمل فى شقة ملحقة بمسجد القرية ولايستطيع العاملون بها ممارسة عملهم بسبب ضيق المكان، لافتا إلى أن أهالى القرية أرسلوا العديد من الشكاوى للجهات المختصة وكان الرد بأنه سيتم استكمال الوحدة ولا نعلم حتى الآن لماذا توقف العمل فى التشطيبات النهائية!!
ويقول أحمد زاهر - أحد الأهالي- إن مبنى الوحدة الصحية بالصلاحات بمركز بنى عبيد تم إنشاؤه عام 2009 على مساحة 2409 مترا ليكون مستشفى تكامليا وتم تحويله إلى وحدة طب الأسرة وهو عبارة عن 4 أدوار يعمل بها دوران فقط والدوران الثالث والرابع على الطوب الأحمر وتم تصميمها ليكونا عيادات لجميع التخصصات.
وأضاف «زاهر» أنه خلال العام الماضى جاءت لجنة من كلية الهندسة لمعاينة المبنى القديم والجديد وأوصت باستكمال وتطوير المبنى الجديد الحالى ليتناسب مع متطلبات العصر فى تقديم الخدمة العلاجية المناسبة لأهالى المنطقة وإزالة المبنى القديم وحتى الآن لم يتم اتخاذ أية إجراءات ما يعتبر إهدارا للمال العام ، وطالب «زاهر» باستكمال المبنى لحاجة القرية والقرى المجاورة إليه.
أما وحدة طب الأسرة بمنشأة «عبدالرحمن» بمركز دكرنس وكما تقول وداد السعيد بأن المبنى ينقصه العديد من التخصصات الحيوية وخاصة الطوارئ، حيث إن المنطقة تفتقد لهذا القسم الحيوى وهناك حالات توفيت نتيجة البطء فى إسعافها، وأضافت بأن المبنى لم يستغل الطابق الثانى به وتحول إلى وكر لمتعاطى المخدرات.
ويطالب المهندس محمد الحسينى باستغلال المبنى الذى يحتاجه المواطنون لإقامة عيادات فى تخصصات حيوية تحتاجها القرية والقرى المجاورة مثل الباطنة والطوارئ.
وعلمت «الوفد» بأنه تم عمل جميع الإجراءات لتنفيذ مبنى الدور الثانى فى مركز طب الأسرة لمنشأة «عبدالرحمن» وقامت لجنة من الإدارة الهندسية بالمعاينة.
ويقول خيرى العجمي- أحد أهالى دكرنس- إن مستشفى «نجير» المركزي بمركز دكرنس تم وضع حجر أساس له منذ عام 97 ولم يتم استكماله حتى الآن ولو كان تم استكماله لتحول مركز طب الأسرة إلى مستشفى مركزى تحتاجه القرية والقرى المجاورة، حيث إن أقرب مستشفى وهو مستشفى شربين يبعد حوالى 5 كيلو عن القرية.
وأضاف بأن معظم الأقسام بمركز طب الأسرة الحيوية لا يتم تشغيلها، حيث لا يوجد طبيب عام أو جراح، كما يوجد غرفتان للأسنان لا تعملان وجهاز أشعة ولكن بدون طبيب عظام ولا حتى استقبال، لافتا إلى أن المبنى القديم به 42 غرفة لكنها لم تستغل، والمركز يقدم فقط خدمات للعلاج الطبيعى وصرف الألبان والتطعيمات.