رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

خارج السطر

لم أعد استغرب انقلابات الناس، ولا تحولاتهم. لم أعد أندهش ردة قلوب أو تبدل أدمغة، فما حدث ويحدث وسيحدث حولنا من خطوب يفتت الحجر، ويرجرج البشر.

كُنت أتصور أننا تعساء أننا عشنا زمن العصف والقصف، ورأينا غروب بشر، وصعود آخرين، وعايشنا سقوط أنظمة، وسطوع أخرى، لكن بعد تفكير وتفكير أيقنت أننا محظوظون أن عاصرنا هذه اللحظات التاريخية الكاشفة.

والآن أتصور أن الناس لم تتبدل أو تتحول، لكن كثيرين ممن كنا نظن أننا نراهم ونعرفهم، لم نكن نراهم حقيقة تحت لمعة المساحيق، وغش الأقنعة.

من هنا لم ترتسم علامات التعجب فى رأسى، وأنا أقرأ منشور الكاتب الزميل أحمد المسلمانى، بصفته رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام الذى هدد فيه وتوعد كافة العاملين فى الهيئة، ورؤساء القطاعات، والعاملين فى مجلة الإذاعة والتلفزيون، وأكاديمية ماسبيرو، وغيرهم بالمساءلة القانونية حال الإدلاء بأى تصريحات صحفية أو التعامل مع الميديا المقروء أو المسموعة.

كان الكاتب المفترض أنه يُقدر الرأى والرأى الآخر، ويبشر بقيم الحرية والعدل والإصلاح محل دهشة البعض وهو يطلب ممن يعملون فى مؤسسة مسئولة عن الاعلام بعدم التعامل مع الاعلام.

صار الكلام ممنوعا، وإبداء الآراء ممنوعا، وبطبيعة الحال، فإن نقد الأداء أو الإشارة إلى أى مواضع خلل هو أمر ممنوع.

والمانع هُنا صاحب قلم، صحافى، كاتب، باحث عرفه الناس بفضل حرية التعبير، وحاز جماهيرية وشعبية نتيجة أطروحاته المختلفة سواء المقروءة أو المرئية.

تأتى الريح من حيث لا ننتظر. العصف بالتعددية والتربص بالرأى الآخر مُحتمل من مسئولين لم يمارسوا الكتابة ولم يعملوا بالصحافة. يظنون الميديا صانعة فتن، وبؤرة مشاكل. لكن أن يُمنع الكلام صائغ كلام، فذلك مُحزن ومقيت. أن يرفع كاتب صار مسئولا سيف التهديد على مَن يفتح فمه، فذلك مؤسف ومُنفّر.

إن اخراس الألسنة بقرار لا يحل عُقد كيانات شكلية لا تُغنى ولا تُسمن من جوع، ولا تؤثر فى الناس، ولا تنورهم أو تنتشلهم من غيابات الجهل والسطحية والتطرف السائدين فى المجتمع. فى الحقيقة فإن الهيئة الوطنية للإعلام ليس لها وجود حقيقى فى حياة المصريين، لم تواجه غلوا دينيا، ولم تقاوم تخلفا، ولم ترد قبحا.

احتفى الزميل أحمد المسلمانى بالشكل وترك المضمون. أطلق اسم أحمد زويل على أحد استديوهات ماسبيرو، لكنه لم يطرح مشروعا إعلاميا لتشجيع العلوم فى القرى والريف. كرم المسلمانى الفنانة لبنى عبدالعزيز، ومنحها وساما لكنه لم يفكر فى أى مبادرة لمد يد العون لمبدعين كثر يعانون المرض والعجز والنسيان. تحدث الرجل عن كشافين فى المحافظات يتم تعيينهم لاكتشاف الشعراوى وأم كلثوم، وتناسى أن لدينا آلاف المبدعين المقهورين الذين يعانون شظف الحياة بلا موارد ولا اهتمام أو رعاية. أنشأ الرجل أكااديمية تعليم جديدة لتخريج مذيعين وإعلاميين، وفاته أن لدى ماسبيرو آلاف الإعلاميين والمذيعين والمُعدين والإداريين الذين يعانون ترهل المؤسسة، وضعف فاعليتها.

يبدو أحمد المسلمانى نموذجا مثاليا للمثقف المُتكيف مع الزمن. يُجيد التحدث بأكثر من لغة، ويُحسن تطوير وتغيير أطروحاته وأفكاره. يهتم مثل كثيرين بالمظهر العام، والصورة الذهنية، والإخراج الجيد لكل حدث وحديث، لكن ذلك ليس ما نريده فى زمن سرح التطرف والإرهاب والجهل فى الحقول والأزقة، وأقاموا مؤسساتهم الراسخة فى عقول الناس.

اسكات الآخرين ليس حلا لمشكلات الإعلام.

والله أعلم

[email protected]