رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

م الآخر

لم تعد التجارة العالمية تواجه فقط الرسوم الجمركية والحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية، بل ظهرت رسوم جديدة أكثر كلفة اسمها الغموض.

فعدم اليقين فى السياسات الاقتصادية أصبح عاملًا رئيسيًا يعيد رسم خريطة التجارة، ويرفع التكاليف، ويهز الأسواق، ويثقل كاهل الاقتصادات النامية على وجه الخصوص.

وإلى جانب الصدمات المتلاحقة من أوبئة وحروب وأزمات جيوسياسية، يسيطر الغموض على المشهد العالمى. ووفقًا لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الأونكتاد، فإن مناخ عدم اليقين يرفع التكاليف، ويزعزع استقرار الأسواق المالية، ويعمّق الفجوات بين الدول، خاصة بعد أن بلغ مؤشر عدم اليقين فى السياسات التجارية مستوى قياسيًا خلال الربع الأول من عام 2025، ما يعكس اتساع دائرة الضبابية.

والشركات أمام خيارات صعبة، ما بين تخزين البضائع، إعادة توجيه الشحنات، أو تحمل تكاليف نقل أعلى بسبب حالة الغموض.

والمفارقة أن كلفة الغموض تفوق فى كثير من الأحيان كلفة الرسوم نفسها. وفى بداية 2025 ارتفعت تقلبات الواردات الأمريكية حتى قبل تنفيذ الرسوم الجمركية، الأمر الذى أجبر الشركات على التكيف مع واقع جديد، بينما كان الأثر أشد على المصدرين الصغار والاقتصادات النامية التى تفتقر إلى التمويل أو البنية اللوجستية القادرة على امتصاص الصدمات.

وتداعيات الغموض يمتد من الموانئ إلى تقلبات أسعار الصرف، تشدد تدفقات رأس المال، وارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يكون له أثر كبير على الدول النامية، والتى تعانى أصلًا من محدودية التمويل وانكماش الائتمان وتراجع الاستثمارات. ومع بقاء أسعار الفائدة العالمية مرتفعة، يضاعف الغموض من هشاشة الأوضاع المالية، ويقيد قدرة الحكومات على تمويل النمو والتنمية الاجتماعية. الأخطر هو تآكل الثقة والدخول فى حروب تجارية ومعاملات تجارية انتقامية.

وتشير بيانات الأونكتاد إلى أن الاقتصادات المتقدمة نجحت فى الحفاظ على استقرار نسبى فى وارداتها مطلع 2025، بينما واجهت الدول النامية تقلبات أكثر حدة، وتعرضت أقل البلدان نموًا لصدمات متأخرة لكنها أعمق، ما يبرز أن الأضعف هم الأكثر عرضة للخطر. وبالتالى هذه التقلبات تعاقب من يملك قدرة أقل على الصمود. فما هى الحلول أمام الدول النامية هي: تنويع الأسواق، تعزيز الاتفاقيات التجارية، ومساندة الشركات لمواجهة هذه التقلبات.

هذا الغموض ربما يفسر عدم استجابة الأسعار فى مصر لقرارات خفض أسعار الفائدة، التى تراجعت بمقدار 525 نقطة أساس منذ أبريل الماضى، إذ لا يزال الصناع والمستوردون يعيشون حالة من عدم اليقين بشأن استقرار سوق الصرف ومستقبل الاقتصاد العالمى، إلى جانب القلق من عودة التضخم مع حلول شهر أكتوبر المقبل نتيجة رفع أسعار الطاقة.

وفى المقابل، تسود حالة من السخط بين المودعين بعد أن انخفض العائد على أموالهم بنسبة 5.25%، فى الوقت الذى لم تشهد فيه الأسعار أى تراجع خلال الشهور الماضية.