رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

على فكرة

الارتباك هو سيد المشهد السياسى الراهن. وليس أدل على ذلك من أن أجهزة الإعلام الرسمية تقود على مدار شهور حملات دعائية لكشف التاريخ الدموى المدمر لجماعة الإخوان، منذ نشأتها فى هدم مقومات الدولة الوطنية فى العهدين المالكى والجمهورى بينما تفتح صحف أخرى صفحاتها للدفاع عنهم فى سياق لنقد حاد لموقف جمال عبد الناصر من الجماعة ، فى سياق الحملة المنظمة على عهده ، ووصم موافقته على حكم الإعدام الصادر بحق مفكر الجماعة ومهندس خطابها الدعوى «سيد قطب»بالخطيئة، والزعم الساذج بأن تلك الخطيئة، قد عززت من شعبية الجماعة، التى لا تفوت فرصة للمتجارة بالدين، وهى ترنو بكل ما تملك من مال ودعم خارجى، للعودة إلى حكم مصر، بعد النصر الذى حازته بالاستيلاء على سوريا.
خطيئة عبدالناصر تذكر، دون سرد تفاصيل القضية التى قادت سيد قطب إلى حبل المشنقة، وانطوت اعترافات منشورة ومسجلة من أعضاء بتجنيدهم لإعادة بناء الجماعة، بعد حظرها عقب محاولتها اغتيال عبد الناصر فى المنشية، وكشفت خطط توزع عليهم لتفجير منشآت وكبارى وموانع مائية عامة والقيام - كما هى العادة، باغتيال شخصيات رسمية ، كان بينهم رئيس الجمهورية نفسه، لإشاعة الفوضى، ولإضعاف النظام. وتلك أفكار ثابتة فى تاريخ الجماعة منذ نشأتها: إشاعة الفوضى، وتصفية الخصوم جسديا سواء بين صفوفهم، أو من المسئولين التنفيذيين. ولا ينسى مروجو مسألة الخطيئة، الزعم أن إعدامه ساهم فى رفع شعبية الجماعة، بتجاهل تمام للدور الخارجى الغربى والعربى فى دعم بقائهم، منذ مشاركتهم مدير المخابرات السعودية الأشهر «كمال أدهم» فى مواجهة مصر الناصرية فى حرب اليمن، إلى عودتهم للحياة بعد أن ساهمت سياسات عبد الناصر الاجتماعية فى تحجيم نفوذهم، فى عهد الرئيس السادات، بدعم سياسى ومالى مشترك من وكالة المخابرات الأمريكية وكمال أدهم باعترافه هو نفسه، فى أحد الفيديوهات الرائجة على اليوتيوب. ولم يكن دور الجماعة فى ثورة يناير بعيدا عن ذلك التوجه.
وللذكرى التى قد تنفع غير المخادعين، فإن إعدام العاملين بمصانع كفر الدوار « خميس والبقرى» بتهمة التحريض على الإضراب عن العمل  فى الأشهر الأولى من قيام ثورة يوليو، وكانا يحسبان على تيارات يسارية، وهو القرار الذى عارضه فى مجلس قيادة الثورة آنذاك جمال عبد الناصر وخالد محيى الدين ويوسف صديق ، لم يساهم فى دعم وجود التنظيمات اليسارية فى المجتمع!
اما على وسائل التواصل الاجتماعى، فحدث ولا حرج. بدأت حملات المليشيات الإليكترونية الإخوانية وأنصارها لتبيض أوجه الجماعة والمتعاطفين معها، بدءا من ظهور لا معنى له اللهم مساندة فكرة الترويج للإسلاميين ،بظهور مفاجئ لفنانة معتزلة، لتروى لنا قصة غرامها الحار بزوجها الفنان الراحل الذى ارتبط بالجماعة، وكان يروج لمآثرها، ولشخصيات مؤثرة فى أوساطها.
ولم يكن ذلك بعيدا عن حملة عدوانية سوقية ومسعورة، تفتقد للياقة وحسن الخلق والأدب الذى رفعته المرويات الشعبية إلى  درجة أعلى من العلم، وهى مثقلة  بالأنانية  ومشاعر التشفى الهابطة وبالمصالح الفردية. وطبعا هى حملة  لا تسعى لمعرفة الحقيقة، أو نشرها، لأنها سوف تفضح ما هو مسكوت عنه لمروجيها، وتكشف أن لا علاقة  لها من قريب أوبعيد بمصالح عامة. أما الهدف الذى صوبت إليه تلك الحملة سخائم قذائفها، فكان تغييرات جرت مؤخرا فى أجهزة وزارة الثقافة، بالرغم مما هو شائع أن القيادات التى حلت فى وظائف مكان من تم تغييرهم بالإقالة أو دفعهم إلى  الاستقالة، هم ممن يعروفون بقربهم من جماعة الإخوان!
ولعل تلك الحملة غير بعيدة عما يروج له هذه الأيام من مشاورات سرية للتصالح مع جماعة الإخوان التى تمتلك من الخزائن ما يغرى بحل مشكل البلاد المالية، ومن الطبيعى لكل انتهازى عريق أن يسعى لترتيب أوضاعه مع كل ما هو رائج.
فى قصيدته التى اعترض فيها أمل دنقل على الصلح مع إسرائيل قال:
لا تصالح، ولو منحوك الذهب، أترى حين أفقأ عينيك، ثم أثبت جوهرتين مكانهما، هل ترى..؟
هى أشياء لا تشترى.
وأقول بلسان الشاعر  لمن بيدهم الأمر، عما يروج للمصالحة مع عدو يتحالف الآن مع أعداء الأمة والوطن لتطويق مصر وحصارها: لا تصالح، فليس سوى أن تريد، أنت فارس هذا الزمان الوحيد «وسواك المسوخ.. فهى أشياء لا تشترى.