الباقيات الصالحات.. كلمات قصيرة تغيّر مصيرك وتبقى حين يزول كل شيء
الدنيا تموج بالانشغالات، ويسابق فيه الناس الوقت وراء متاع زائل، يطلّ علينا القرآن الكريم ليذكرنا بما يبقى ولا يفنى: الباقيات الصالحات، تلك الكلمات الخمس التي وصفها النبي ﷺ بأنها يسيرة على اللسان، عظيمة في الميزان، حبيبة إلى الرحمن.
ماذا تعني الباقيات الصالحات؟
يقول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الباقيات الصالحات هي خمس كلمات جامعة:
سبحان الله
الحمد لله
لا إله إلا الله
الله أكبر
لا حول ولا قوة إلا بالله
هذه الأذكار ليست مجرد ألفاظ تُردَّد، بل هي بصمة روحية تحدد طريق العبد مع الله، وتبقى له بعد رحيله حين يذوب كل شيء آخر.
أكثر من مجرد تسبيح
اللافت أن علماء الأمة اعتبروا هذه الكلمات "أرصدة أبدية"، إذ لا تتوقف قيمتها عند حدود اللحظة، بل ترافق صاحبها في قبره وصحيفته، وتُثقل ميزانه يوم الحساب. فهي ليست كلمات للتكرار فقط، وإنما عقيدة متجسدة:
سبحان الله: تحرير العقل من الشرك، وتنزيه الخالق عن النقص.
الحمد لله: شكر دائم لا يُقيد بنعمة محددة.
لا إله إلا الله: إعلان التوحيد وتأكيد الانتماء لله وحده.
الله أكبر: تذكير أن كل ما يُخيفنا أصغر من جلال الله.
لا حول ولا قوة إلا بالله: تسليم مطلق بأن القوة لله وحده.
التاج الذي يزين الذكر
ويضيف الدكتور جمعة أن هذه الخماسية تُستكمل بخمس أخرى تُسمى "الكلمات الطيبات":
أستغفر الله
إنا لله وإنا إليه راجعون
توكلت على الله
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وآله
لتكتمل "العشرة الطيبات"، التي ترفع العبد درجات، وتغفر ذنوبه، وتستر عيوبه، وتُنير قلبه.
قيمة تتجاوز اللحظة
يروي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»
هكذا تتجاوز هذه الكلمات حدود الزمن، لتصبح استثمارًا في الأبدية. فبينما يلهث الناس وراء ما يزول، يترك المؤمن وراءه ما يبقى، من ذكرٍ يورث الطمأنينة في الدنيا، ويُثقل الميزان في الآخرة.
رسالة للإنسان المعاصر
في زمن تُقاس فيه القيمة بعدد الأرصدة والحسابات، تأتي "الباقيات الصالحات" لتذكّرنا أن أعظم الثروات ليست في البنوك، بل في الألسن الذاكرة والقلوب الخاشعة. هي كلمات لا تحتاج إلى جهد ولا مال، لكنها تحمل سرّ السعادة في الدنيا، ومفتاح النجاة في الآخرة.