رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

أون لاين

نعيش اليوم تحولات هائلة تفرض علينا إعادة التفكير في معنى الوظيفة، وشكل سوق العمل، ومصير ملايين الشباب، في كل مرة يتحدث فيها الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عن وظائف المستقبل، تشعر أن الوقت يداهمنا أكثر مما نتخيل، وأن الرهان ليس على ما نعرف، بل على ما لا نعرف بعد.
الوزير تحدث مؤخرًا عن أن نسبة كبيرة من وظائف المستقبل لم تُخلق بعد، وهي عبارة لا يجوز أن تمر مرور الكرام، فهي تُشير إلى أننا نُدرس أبناءنا مهارات لفرص قد تختفي، بينما الفرص القادمة تتطلب تفكيرًا جديدًا كليًا، قائمًا على الذكاء الاصطناعي، وهندسة البيانات، والتقنيات الغامضة التي لم تصل بعد إلى مدارسنا وجامعاتنا بالشكل الكافي.
صحيح أن وزارة الاتصالات تتحرك بخطى واضحة في هذا الاتجاه، من خلال برامج التدريب الرقمي، والمبادرات المجانية التي أطلقتها في مجالات متقدمة مثل الأمن السيبراني والروبوتات، لكن هل تكفي هذه المبادرات وحدها لتغيير ثقافة كاملة؟
إن أخطر ما في وظائف المستقبل أنها لا تنتظر أحدًا، من يتأخر، سيتحول إلى مستهلك دائم بدل أن يكون منتجًا، الوزير قالها بوضوح: "علينا أن نُخرّج شبابًا قادرًا على المنافسة عالميًا، وليس فقط العمل داخل الحدود"، لكن المنافسة هنا لا تعني فقط الشهادات، بل القدرة على التعلم المستمر، والابتكار، واللغة التقنية، والمرونة الذهنية.
الجيل القادم لن يسأل: أين أعمل؟ بل: كيف أخلق عملي؟ هذا ما يتجسد اليوم في منصات العمل الحر، وشركات البرمجيات الناشئة، وصناع المحتوى، ومطوري التطبيقات، إنها وظائف لا تتطلب حضورًا رسميًا، بل تحتاج عقلًا حاضرًا، وتفكيرًا مختلفًا.
السؤال الذي يؤرقني: هل نعد أبناءنا لذلك؟ هل المدارس والجامعات تُعلمهم كيف يُفكرون، أم فقط ماذا يحفظون؟ هل نُشجعهم على التجربة والخطأ، أم نُعاقبهم على الخروج عن النص؟
مستقبل الوظائف في مصر ليس تحديًا حكوميًا فقط، بل مجتمعيًا وثقافيًا بالأساس، وإذا لم نكسر النمط التقليدي في التعليم، ونُدرب الأساتذة قبل الطلبة، ونحول الجامعات إلى معامل للأفكار لا مجرد قاعات للمحاضرات، سنفقد ما تبقى من فرص.
ما يفعله الوزير اليوم مهم، لكن ما نفعله نحن – كأسر، وكإعلام، وكمدارس – لا يقل أهمية، فلنتحدث مع أبنائنا عن المستقبل كما هو، لا كما نريده، لنعلمهم أن الوظيفة الحقيقية في الغد، قد لا تكون لها مسمى بعد.