خطبة الجمعة من الحرم: كل ابن آدم خطّاء والرفق سبيل النبي ﷺ

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة المسلمين في خطبة الجمعة اليوم بـ تقوى الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن، والتقرب إليه بما يرضيه، والبعد عما يسخطه، مذكرًا بأن تقوى الله هي أساس النجاة، ومنبع كل خير.
فطرة الإنسان وابتلاء الشهوات
أشار فضيلته إلى أن الله تعالى خلق الإنسان وفطره على وجود الشهوات والغرائز، وابتلاه بها ليكلفه ويختبره، موضحًا أن هذا الابتلاء لا يُنافي رحمة الله، بل هو من سننه سبحانه في عباده، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ:"كل بني آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون" [رواه الترمذي].
الدعوة إلى التوبة والتلطف بالناس
بيّن الشيخ بندر بليلة أن من رحمة الله بعباده أنه دعاهم إلى التوبة ولم يعاجلهم بالعقوبة، بل فتح لهم باب الأوبة والمغفرة، واستشهد بقول الله تعالى:{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [فاطر: 45].
ودعا المسلمين إلى التلطف بالخلق، والتعامل معهم برفق ورحمة، على نهج النبي ﷺ، مستشهدًا بموقفه مع الأعرابي الذي بال في المسجد، فقال:"دَعُوهُ، وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ... فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ" [رواه البخاري].
التحذير من الغلو في الإنكار وتجاوز حدود الله
حذر فضيلة الشيخ من الغلو في إنكار المنكر، والتنطع في محاسبة الناس على ذنوبهم، مؤكدًا أن بعض المؤمنين قد يتجاوز الحد المشروع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما قد يحول بينهم وبين رحمة الله، وينفر الآخرين عن الدين، دون أن يشعروا.
وأوضح أن الغيرة على الدين لا تعني التطاول على حدود الله، ولا استباق حكمه على عباده، مستشهدًا بالحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ عن رجلٍ قال لأخيه:"والله لا يغفر الله لك"، فأدخله الله النار، وقال له:
"أكنتَ بي عالمًا؟ أو كنتَ على ما في يدي قادرًا؟"، معتبرًا أن كلمة واحدة قد تُهلك الدنيا والآخرة.
الشفقة والرحمة لا تتعارضان مع الأمر بالمعروف
وفي ختام خطبته، أكد الدكتور بندر بليلة أن الإنكار لا يتعارض مع الشفقة، بل إن اجتماع الحزم والرحمة دليل على كمال الإيمان، وهو ما كان عليه رسول الله ﷺ، حيث كان نصوحًا رفيقًا بالخلق، معظّمًا لحق الله، متبعًا للوسطية في الدعوة والإنكار.