هل يُعد ترك صيام عاشوراء إثمًا؟.. الإفتاء توضح

مع اقتراب يوم عاشوراء، يكثر التساؤل حول حكم صيامه، وهل في تركه إثم؟ خاصةً في ظل انشغال البعض بأعمال شاقة، أو ظروف صحية تجعلهم غير قادرين على الصيام في غير رمضان، وهذا ما أجابت عنه دار الإفتاء المصرية، موضحةً الحكم الشرعي والتفصيل الفقهي المتعلق بصيام هذا اليوم الفضيل.
الإفتاء: صيام عاشوراء سُنّة مؤكدة.. وتركه ليس إثمًا
ورد إلى دار الإفتاء سؤال من أحد المواطنين يعمل في مجال الزراعة، ويجد مشقة في صيام أيام النوافل مثل يوم عرفة وعاشوراء، متسائلًا: "هل في ترك صيام هذه الأيام إثم؟"
فأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي موضحة أن صيام هذه الأيام يُعد من قبيل صيام النفل، وحكمه الاستحباب لا الوجوب، وبالتالي فإن تركه لا يُعد ذنبًا، ولا يترتب عليه إثم، خصوصًا إذا وُجدت مشقة كما في حالة السائل.
وأكدت الإفتاء أن صيام النوافل عمومًا، كعرفة وعاشوراء، من الأعمال التي يُثاب فاعلها، ولا يُعاقب تاركها، مشيرة إلى أن الشرع الشريف راعى أحوال الناس وظروفهم، ولم يُكلّفهم بما يشق عليهم خارج نطاق الواجبات.
فضل صيام يوم عاشوراء.. تكفير ذنوب عام كامل
وفي سياق متصل، أشارت دار الإفتاء إلى الفضل العظيم لصيام يوم عاشوراء، حيث جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله"، وهو ما رواه الإمام مسلم، ويعني أن من يصوم هذا اليوم يُرجى له أن يغفر الله له ذنوب عامٍ مضى، إذا اجتنب الكبائر.
وتابعت الإفتاء بأن صيام عاشوراء له مكانة خاصة في السُّنة النبوية، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص عليه، وأوصى بصيامه، وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر – يعني رمضان".
التوسعة على الأهل في عاشوراء.. سنة نبوية لها أصل
كما نبهت الإفتاء إلى أن من السنن المستحبة في يوم عاشوراء كذلك، التوسعة على الأهل والعيال، وهي سُنة جليلة أخذ بها كثير من فقهاء الأمة، واستندوا إلى أحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، منها ما رواه جابر بن عبد الله وأبو هريرة وغيرهم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من وسّع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته"، وهو حديث حسنه بعض العلماء وضعّفه آخرون، لكنه معمول به في جملة من المذاهب الفقهية.
صيام عاشوراء إذا وافق يوم السبت.. ما الحكم؟
تزامن يوم عاشوراء هذا العام مع يوم السبت الموافق 5 يوليو، وهو ما دفع بعض المتسائلين للاستفهام عن مدى جواز صيام عاشوراء إذا صادف يوم السبت منفردًا، نظرًا لما ورد في بعض الأحاديث حول كراهة تخصيص السبت بالصيام.
وفي هذا السياق، أكدت دار الإفتاء أن صيام عاشوراء إذا وافق يوم السبت لا حرج فيه، بل هو جائز ومستحب، لأن صيام هذا اليوم مشروع بسنّة مؤكدة، وله سبب واضح ومشروع، وهو صيام يوم عاشوراء تحديدًا، وليس تخصيص السبت لمجرده.
وأوضحت أن ما ورد من النهي عن صيام يوم السبت منفردًا محمول عند جمهور العلماء على ما إذا لم يكن هناك سبب شرعي، أما إذا وافق يومًا له فضل خاص كعاشوراء أو عرفة أو غيره، فلا كراهة في صيامه، وهذا ما ذهب إليه كبار الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة.
الأفضل صيام يوم قبله أو بعده
رغم جواز صيام عاشوراء منفردًا، إلا أن الفقهاء أكدوا أن الأكمل والأفضل أن يصوم المسلم يومًا قبله أو بعده، أي التاسع أو الحادي عشر من المحرم، اتباعًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع".
وهذا من باب مخالفة اليهود، الذين كانوا يصومون العاشر فقط، كما أنه احتياط لاحتمال الخطأ في بداية الشهر الهجري، وهو ما أشار إليه الإمام النووي وغيره من العلماء، مؤكدين أن هذا الجمع هو الأفضل.