رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

لماذا نصوم عاشوراء؟.. قصة نجاة موسى وفضل اليوم العظيم

يوم عاشوراء
يوم عاشوراء

تستقبل الأمة الإسلامية في العاشر من شهر الله المحرم كل عام، يومًا له مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، هو "يوم عاشوراء"، ويتجدد السؤال في هذه المناسبة: لماذا نصوم عاشوراء؟ وما فضل صيامه؟ وما حكمه؟ وما علاقته بنجاة سيدنا موسى عليه السلام من بطش فرعون؟

قصة الصيام والاقتداء بموسى عليه السلام

عندما هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم عن سبب ذلك، فأجابوه بأنه اليوم الذي نجّى الله فيه نبيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده، فصامه موسى شكرًا لله تعالى. فكان رد النبي صلى الله عليه وسلم واضحًا: «نحن أحق بموسى منكم»، فصامه، وأمر المسلمين بصيامه.

وقد ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه" [رواه البخاري ومسلم].

القرآن الكريم يروي لحظة النجاة

جاءت القصة العظيمة في كتاب الله تعالى، حين أوحى الله إلى نبيه موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه البحر، فانفلق البحر وانشق نصفين كأن كل جانب منه جبل عظيم، فعبر موسى ومن معه بسلام، ولما لحق بهم فرعون وجنوده أغرقهم الله جميعًا، كما قال تعالى:
{فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍۢ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ} [الشعراء: 63].

مخالفة اليهود بصيام التاسع والعاشر

حث النبي صلى الله عليه وسلم على صيام يوم قبل عاشوراء، وهو التاسع من المحرم، لمخالفة اليهود في طريقتهم، حيث كانوا يصومون اليوم العاشر فقط. وقال عليه الصلاة والسلام: "لَئِنْ بَقِيتُ إلى قابلٍ لَأَصُومنَّ التاسعَ" [رواه مسلم].

كما يُستحب صيام يوم بعده -أي الحادي عشر- كذلك، وقد أوصى العلماء بذلك احتياطًا لتحري دقة تحديد اليوم القمري الصحيح، ومخالفة لليهود.

موعد يوم عاشوراء وفضله

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، وهو من الأشهر الحُرُم التي قال الله فيها:
{إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْرًۭا فِى كِتَـٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36].

وصيام هذا اليوم يكفّر ذنوب السنة السابقة، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: "وسُئل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال: يُكفّر السنة الماضية" [رواه مسلم]. وقد بيّن العلماء كالنووي والقاضي عياض أن هذا التكفير يشمل الصغائر، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة صادقة ورحمة من الله.

سنة مؤكدة لا فرض

صيام يوم عاشوراء ليس فرضًا، وإنما سنة مؤكدة، وكان في بداية الإسلام واجبًا ثم نُسِخ فرضه بصيام رمضان، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: "إن هذا يوم عاشوراء، ولم يُكتب عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر" [رواه البخاري ومسلم]، وبذلك، اتفق جمهور الفقهاء على أن صيام يوم عاشوراء وتاسوعاء سنة مستحبة.

السنة النبوية والتربية على الصيام

كان الصحابة رضوان الله عليهم يصومون يوم عاشوراء ويُعوّدون أبناءهم عليه، كما في حديث الربيع بنت معوّذ رضي الله عنها قالت: "كنا نصومه بعد، ونصوّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهْن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يفطر" [رواه البخاري].

 

صيام يوم عاشوراء عبادة عظيمة وسُنة نبوية كريمة، فيها شكر لله على نعمه، واقتداء بالأنبياء، وتكفير للذنوب، ومخالفة لأهل الكتاب. وهو يوم من أيام الله التي تستحق أن نقف عندها شكرًا وتأملًا، واستحضارًا لقصص النجاة والانتصار الإلهي للمؤمنين على الطغاة.