في ذكرى وفاته.. مقتطفات من حياة القارئ محمد عطية حسب "الملقب برفعت الصغير"

تحل علينا اليوم الأحد، التاسع والعشرين من يونيو، ذكرى رحيل القارئ محمد عطية حسب، حيث استطاع الشيخ عطية أن يكون صاحب شخصية قرآنية مستقلة في التلاوة والأداء المميز عن غيره من القراء، من خلال رحلته القرآنية الطويلة في كل قارات العالم، واستطاع أيضًا التمسك بأحكام كتاب الله وآدابه وظل ناطقًا بلسانه متمتعًا بسماحة وهدوء وسكينة أهل القرآن.
ألقابه:
نشأ منذ الصغر في جو روحاني وإيماني عميق تحت ظلال مدرسة قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت فنهج علي اتباعه في الأداء القرآني حتي لقبه الناس بـ"رفعت الصغير".

مولده ونشأته:
ولد الشيخ محمد عطية حسب" بقرية ميت غراب التابعة لمركز السنبلاوين بالدقهلية عام 1936. في أسرة قرآنية. حيث كان والده الشيخ عطية أحد حفظة كتاب الله عز وجل. وأحد القراء الذين ذاع صيتهم في قريته ومعظم قرى ومدن الوجه البحري.. حرص على أن يزرع في بنيه حب القرآن وتلاوته، وعمل علي تلقين ولده الصغير "محمد" القرآن الكريم، حتي أتم الله عليه حفظه وتجويده كاملاً وهو دون السابعة من عمره.
أقبل الطفل محمد منذ صغره على ترتيل القرآن وتلاوته مقتديًا بأداء الشيخ محمد رفعت بحس قرآني يفيض عذوبةً ورقةً وجمالاً.
ففي ذات يوم دخل عليه والده فوجده يرتل القرآن بصوت شجي وكأنه صوت الشيخ رفعت، فتولي على رعاية هذه الموهبة وأثقلها فى صغره، حتي أرسله وهو في العاشرة من عمره إلي القاهرة ليتعلم أصول القراءات.
حفظ القرآن وجودة، ولم يقف الطفل عند هذا الحد بل أقبل على ترتيل القرآن وتلاوته مقتديًا بأداء الشيخ محمد رفعت بحس قرآني يفيض رقة وعذوبة وجمالاً.
في العاشرة من عمره أرسله والده إلى القاهرة ليتعلم أصول القراءات، وفي عام 1950 التحق الفتى القرآني، محمد عطية حسب بالمعهد الديني بالمنصورة وكان عمره 14 سنة وهناك لقبه أصدقاؤه بالشيخ محمد رفعت واستمر معه هذا اللقب إلى ما بعد التحاقه بالإذاعة كقارئ بها عام 1971.

يقول الشيخ عن نفسة لقبت منذ طفولتي بالشيخ محمد رفعت، وكنت سعيدًا جدًا بهذا اللقب الذي لم يأتِ من فراغ وإنما كان يتطلب مني جهدًا وحرصًا والتزامًا، لأن الذي يستطيع أن يفكر في الالتحاق بمدرسة الشيخ محمد رفعت يجب أن يحمل مؤهلات معينة أهمها.. إجادة وإتقان حفظ القرآن بأحكامه المتقنة، وكذلك فهم معاني القرآن.
شارك كبار القراء في إحياء الحفلات:
يعتبر الشيخ محمد عطية من القراء القلائل الذين قرأوا بجوار عمالقة القراء، خصوصًا بعد ما تفرغ لتلاوة القرآن، فكان يدعي وهو في الخامسة عشرة من عمره لإحياء مأتم بمصاحبة كبار القراء امثال الشيخ مصطفى إسماعيل، الشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ طه الفشني والشيخ كامل يوسف البهتيمي وطه الفشني، وعبدالعظيم زاهر"، واعتاد الشيخ علي نصح أقرانه من القراء، خصوصًا القراء الجدد، مشددًا علي ضرورة أن يحمل القارئ مؤهلات معينة أهمها.. إجادة وإتقان حفظ القرآن بأحكامه وفهم معانيه حتي يستطيع القارئ توصيل مراد الله إلي خلقه، إلي جانب تمتعه بالأمانة والتقوى في التلاوة ومراعاة حق الله وحق كتابه. غيرهم من القراء.
اتقن القراءات السبع:
كانت شهرة الشيخ محمد عطية حسب، والتي عمت أنحاء الوجه البحري سببًا قويًا في البحث عن عالم متمكن في علوم القرآن وتجويده ليصقل موهبته ويعلمه مزيداً من أصول القراءات والتلاوة. فسافر الشيخ محمد عطية إلى القاهرة ودرس على يد الشيخ سيد سلامة والذي اشتهر بالتمكن في تدريس علوم القرآن وتجويده وهناك استطاع الشيخ عطية أن يتقن القراءات السبع على يد شيخه سيد سلامة وتأهل ليأخذ مكانة مرموقة بين القراء.
سفير القرآن:
سافر الشيخ محمد عطية حسب مُلبيا للعديد من الدعوات التي تلقاها من جانب الدول والجاليات الإسلامية في أقطار الدنيا لإحياء المناسبات والحفلات الدينية خاصةً في شهر رمضان المبارك.
ونظراً لإمكانيات الشيخ محمد عطية حسب العالية في الحفظ والتجويد بالإضافة لحسن صوته وقدرته على التلوين استطاع أن يكون شخصيته القرآنية المستقلة في التلاوة والأداء، وأصبح أن يكون له لون يميزه عن الآخرين.
الالتحاق بالإذاعة:
من هنا جاء التفكير في التحاقه بالإذاعة وخاصة بعد الشهرة الكبيرة التي حققها، التي وصل من خلالها إلى أقصى الأماكن بمصر شمالاً وجنوبًا شرقًا وغربًا.. وبالفعل تقدم الشيخ محمد عطية إلى الإذاعة واعتمد قارئًا هناك عام1971..
وظل يقرأ بها قراءات قصيرة بالإضافة إلى قراءته في الحفلات الخارجية والمناسبات المختلفة حتى وصل صوته إلى كل الأقطار يسمعه القريب والبعيد في شتى بقاع الأرض.
وفاته:
ظل الشيخ محمد عطية طيلة رحلة طويلة قضاها في رحاب القرآن الكريم متمسكًا بأحكامه وآدابه، متمتعًا بسماحة وهدوء وسكينة أهل القرآن حتى رحل الشيخ في مثل هذا اليوم في التاسع والعشرين من يونيو عام 2011م عن عمر ناهز 75 عامًا.