الأُضحية بين العبادة والتكافل.. كيف توزّع بعد الذبح؟
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تتزايد تساؤلات المسلمين حول كيفية التصرف في الأُضحية بعد ذبحها، ما بين ما يجوز، وما يُستحب، وما هو الأفضل لتحقيق مقاصد هذه الشعيرة العظيمة.
أُكُلٌ وصدقة وهدي.. والميزان هو التكافل
وضح الدكتور عطية لاشين، أستاذ الشريعة الإسلامية، قائلًا: "الحمد لله الذي شرع الأضحية لتكون مظهرًا من مظاهر الشكر والعبادة، ودليلًا حيًا على التكافل الاجتماعي بين المسلمين، بل وحتى مع غير المسلمين من غير الزكوات المفروضة".
واستشهد الدكتور لاشين بقوله تعالى:(فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [الحج: 28]و(فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) [الحج: 36]
وأضاف أن من السنن النبوية الثابتة ما ورد عن ابن عباس – رضي الله عنه – في صفة أُضحية النبي ﷺ أنه قال:"يطعم أهل بيته، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السائلين بالثلث"
تقسيم مستحب وليس واجبًا
وأشار الشيخ إلى أن تقسيم الأُضحية إلى ثلاثة أثلاث – ثلث للمضحي وأهل بيته، وثلث يُهدى للأقارب والجيران، وثلث يُتصدق به على الفقراء والمحتاجين – هو أمر مستحب وليس بواجب، مستدلًا بقول الإمام الخرقي:"والاستحباب أن يأكل ثلث أُضحيته، ويهدي ثلثها، ويتصدق بثلثها، ولو أكل أكثر جاز".
وأردف: "هذا التقسيم يُظهر روح التكافل التي يسعى الإسلام لتكريسها بين أتباعه، من خلال مشاركة نعمة الطعام مع من لا يملكه، فيشعر الجميع بفرحة العيد".
وفي سياق متصل، أكد ابن قدامة في كتابه "المغني" أن المسألة فيها سعة، فقال:"وإن أكلها كلها إلا أوقية تصدق بها، جاز".
مشيرًا بذلك إلى أن التصرف في الأُضحية مرن، ما دام صاحبه يتقي الله، ويؤدي حق الفقراء منها.
في الختام، يجوز للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويُطعم منها، ويتصدق، بأي نسبة شاء، والأفضل أن يُقسمها إلى ثلاثة أقسام، كما ورد في السُنة، تعزيزًا للتكافل الاجتماعي، ولا حرج إن زاد أحد الأجزاء أو نقص، فالنية هي الأساس.