باحث: تعليم المرأة وتمدن الريف يقودان النمو السكاني في مصر للتراجع

كشف الكاتب الصحفي والخبير في قضايا السكان أكرم ألفي عن مفاجآت حول ديناميكيات النمو السكاني في مصر، مؤكداً أن ارتفاع معدلات التعليم الجامعي بين النساء وتزايد انخراطهن في سوق العمل، إضافة إلى "تمدين الريف" وتغير أنماط حياة الشباب، هي العوامل الرئيسية وراء تراجع النمو السكاني في البلاد.
وأوضح الباحث خلال حديثه في قناة "CNN بالعربية" أن نسبة الطالبات في الجامعات الحكومية وصلت إلى 52%، مشيراً إلى أن الدراسات الديموغرافية تؤكد وجود علاقة عكسية بين ارتفاع سنوات تعليم المرأة وانخفاض معدلات الخصوبة الكلية.
لفت الباحث إلى التزايد الواضح في نسبة انخراط المرأة المصرية في سوق العمل، ليس فقط في القطاع الرسمي ولكن أيضاً في السوق غير الرسمي المتسع، مشيراً إلى ارتفاع نسبة تشغيل السيدات بنحو 30% خلال العشرين عاماً الأخيرة.
أشار الباحث إلى ظاهرة عالمية حديثة وهي "تمدين الريف"، حيث أصبح الريف يحمل سمات المدن، بالإضافة إلى رغبة متزايدة لدى الشباب من الجنسين في تأخير تحمل المسؤولية وتكوين الأسر، مفضلين العيش بشكل منفرد لتحقيق طموحاتهم.
كما تناول الباحث تأثير هيمنة العمل المؤقت في العالم على قرارات الإنجاب، حيث يصعب على الشباب التخطيط لتكوين أسرة في ظل عدم الاستقرار الوظيفي. وأضاف أن ارتفاع سقف الطموحات لدى الشباب، متأثراً بوسائل التواصل الاجتماعي والتحولات الاجتماعية العالمية، يقلل من فرص الارتباط والزواج ويؤخر التفكير في الإنجاب.
كشف الباحث عن مفاجأة صادمة، حيث أكد أن معدل تراجع الخصوبة في مصر هو الأعلى عالميًا، فبين عامي 2010 و2025، انخفض متوسط عدد الأطفال لكل سيدة من 3.4 إلى 2.3 طفل، بينما لم يتجاوز الانخفاض في دول أخرى مثل اليابان وكوريا وأمريكا نصف طفل في نفس الفترة.
على الرغم من تراجع النمو السكاني، أكد الباحث أن مصر أمام فرصة ذهبية تتمثل في ارتفاع نسبة الشباب القادر على العمل (63%) وانخفاض نسبة الإعالة. ويرى أن الاستثمار المكثف في التعليم الجامعي وتنمية المهارات يمكن أن يحول مصر إلى قوة اقتصادية صاعدة، خاصة مع طلب متزايد على العمالة المصرية المتعلمة في أوروبا ودول الخليج.
توقع الباحث أن تقترب مدينة الإسكندرية من "السكون السكاني" خلال خمس سنوات، حيث يتساوى تقريباً عدد المواليد والوفيات نتيجة ارتفاع نسبة التعليم بين النساء وكبار السن.
وفي مفاجأة أخرى، كشف الباحث أن منطقة السيدة زينب في القاهرة تسجل أعلى نسبة تعليم جامعي في مصر، متفوقة حتى على مناطق مثل الزمالك والمعادي. وأكد أن هذه الإحصائيات تستند إلى أرقام دقيقة لا تقبل التكذيب.
وشهدت مصر تراجعًا قياسيًا في النمو السكاني لأول مرة منذ عام 2007، حيث انخفضت أعداد المواليد في عام 2024 إلى 1.968 مليون مولود مقارنة بـ 2.045 مليون في عام 2023، ما يمثل انخفاضًا قدره 77 ألف مولود بنسبة 3.8%.
ووفقًا للإحصاءات، تحتل مصر المركز الأول في قائمة الدول العربية الأكثر تعدادًا للسكان في عام 2023، حيث بلغ إجمالي عدد السكان 112 مليون نسمة.
اقرأ المزيد..