الحج يتناقض مع الحياء والعقل.. عالم أزهري يرد على مزاعم ملحدين

قال الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن بعض الملاحدة يطعنون في شعيرة الحج، زاعمين أنها تناقض الحياء والعقل، فيقولون: “كيف يتجرد الإنسان من الثياب في الإحرام، ويسعى بين الصفا والمروة، ويرمي الجمار؟!” ويصفون ذلك بأنه مخالف للوقار والعقل والمنطق.
وفي رده على هذه الشبهات، أوضح الدكتور لاشين أن الحج عبادة شرعية ذات دلالات روحية وتعبدية عميقة، لا يمكن قياسها بالنظرة السطحية أو العقل المجرد من الإيمان، مشددًا على أن الإسلام يربط بين الظاهر والباطن، ويُعلّم أتباعه أن بعض العبادات تُؤدى امتثالًا لأمر الله، ولو لم يُدرك الإنسان كامل حكمتها.
الإحرام.. رمز التواضع والتجرد من الدنيا
أوضح الدكتور لاشين أن التجرد من المخيط في الإحرام ليس خلوًا من الحياء، بل هو رمز للتجرد من الدنيا والمظاهر، والوقوف أمام الله سواسية، لا فرق بين غني وفقير، ولا أمير ولا أجير، الكل يلبس نفس الثوب، ويقف على صعيد واحد، يتساوون في الهيئة لينكشف التفاوت في العمل والنية.
وأضاف: "من يرى أن الإحرام ينافي الحياء، عليه أن يفهم أن الحياء في الإسلام ليس في الملابس الفاخرة، بل في السلوك وطهارة القلب واحترام أوامر الله،" مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "الحياء شعبة من الإيمان" [رواه البخاري].
السعي.. تخليد لكفاح أم وعبادة تعبيرية
أما عن السعي بين الصفا والمروة، فقد بيّن أنه ليس عبثًا ولا مخالفًا للوقار، بل هو تذكير عملي بموقف أم عظيمة – السيدة هاجر – التي سعت بحثًا عن الماء لطفلها إسماعيل، فأثنى الله على سعيها وجعل فعلها شعيرة خالدة، مؤكداً أن الإسلام يقدّر العمل والاجتهاد، ويجعل من كل جهد صادق سبيلًا للعبادة.
رمي الجمار.. إعلان رمزي لمقاومة الشيطان
وفيما يتعلق برمي الجمار، شدد الدكتور لاشين على أن هذا الفعل ليس مجرد رمي حجارة، بل هو تعبير رمزي عن رفض وسوسة الشيطان، استذكار لما فعله نبي الله إبراهيم حين تصدى للشيطان في طريقه لتنفيذ أمر الله بذبح ابنه إسماعيل، فقال: "رجمناه كما رجمه إبراهيم، حتى نتعلم كيف نقاوم الشيطان في حياتنا".
العقل والإيمان.. علاقة تكامل لا تصادم
وفي رده على زعمهم بأن هذه الأفعال تُضاد العقل، أشار إلى أن العبادات في الإسلام منها ما يُعلل ومنها ما يُتعبد به دون تفسير كامل، والغاية منها اختبار التسليم لأمر الله، وهو جوهر الإيمان كما في قوله تعالى:
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36].
وأكد الدكتور لاشين أن الشرع لا يناقض العقل، ولكن العقل المؤمن هو الذي يخضع للوحي ويستنير به، وليس الذي يعارض النصوص بظنونه.