حكم نقض الوضوء بسبب القيء عند الصلاة

القيء.. قالت دار الإفتاء المصرية إن من أكثر الأعراض المُصاحبة للمرأة أثناء الحمل ذيوعًا وانتشارًا هو القيء، الذي يحدث عادة بسبب التَّغيُّرات الهرمونية في جسد المرأة في ذلك الوقت، موضحة أن القيء من جملة النَّجاسات شرعًا، كما نَصَّ على ذلك جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشَّافعية والحنابلة.
القيء أثناء الحمل
وأوضحت الإفتاء أن كان القيء ناقضًا للوضوء من عدمه، محل خلافٍ بين الفقهاء على أقوال ثلاثة، ولكل منهم مُتَّكأ شرعي استند إليه، وبيان هذه الأقوال ما يأتي:
القول الأول: التَّفرقة بين قليل قيء الطَّعام وكثيره، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة في المشهور، على تفصيل بينهم في ذلك.
فأمَّا كثير القيء فإنَّه ناقض للوضوء، على خلافٍ بينهم أيضًا في حد الكثرة الذي يَحصل به نقض الوضوء.
فالحنفية قد جعلوه ناقضًا للوضوء حال امتلاء فم المُتَقَيِّءِ به، مع اختلافهم في الضَّابِط الذي يحصل به الامتلاء من عدمه، فالصحيح أنه يُقَدَّر بوصول الإنسان إلى حالة يَغْلبه خروج القيءِ فيها، بحيث لا يستطيع إطباق الفم عليه فيتسارع ما في فمه إلى الخروج، والأصح أنه يُقَدَّر بما يَحُول دون قدرة الإنسان على الكلام.
حكم نقض الوضوء عند حدوث القيء
وأمَّا الحنابلة في المشهور فجعلوا حدَّ الكثرة منوطًا بما يأنفه كلُّ إنسان ويَسْتَهْجِنه من نفسه، وبذلك يكون معيارُ القلة والكثرة عندهم معيارًا شخصيًّا يتفاوت بتفاوت الأشخاص، على أن المُعتبر في ذلك هو نفوسُ أَوَاسِطِ النَّاس، أي: أصحاب الطِّباعِ السَّليمة دون المُوَسْوِسِين ونحوهم.
وأمَّا قليل القيء -وهو ما دون ذلك- فإنَّه غير ناقض للوضوء.
قال الإمام أبو بكر الزَّبِيدِي الحنفي في "الجوهرة النَّيِّرة" (1/ 9، ط. المطبعة الخيرية): [والقيء خمسة أنواع: ماء، وطعام، ودم، ومُرة، وبلغم. ففي الثلاثة الأُوَل ينقض إذا ملأ الفم، ولا ينقض إذا كان أقلَّ من ذلك] اهـ.
وقال الإمام شَيْخِي زَادَه الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 18، ط. دار إحياء التراث العربي) مُبَيِّنًا نواقض الوضوء: [(والقيء ملء الفم) واختلف في حَدِّه، والصحيح أنه ما لا يقدر على إمساكه، وقيل: لا يمكن الكلام به، وهو الأصح، كما في "التبيين"] اهـ.
وقال الإمام شمس الدِّين الزَّرْكَشِي الحنبلي في "شرحه على مختصر الإمام الخِرَقِي" (1/ 252، ط. مكتبة العبيكان) مُوَضِّحًا حكم القيء إن كان قليلًا: [فإن كان غير فاحش لم ينقض على المشهور من الروايتين] اهـ.
وقال الإمام أبو السَّعَادَات البُهُوتِي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 36، ط. مؤسسة الرسالة) مُعَدِّدًا نواقض الوضوء: [(خارج من بقية البَدَن) سوى السبيل (إن كان بولًا أو غائطًا) قليلًا كان أو كثيرًا (أو) كان أبيض (كثيرًا نجسًا غيرهما) أي غير البول والغائط، كقيء ولو بحاله... والكثير ما فَحُشَ في نفسِ كلِّ أحدٍ بحسبه] اهـ.