رمضان مختلف
حكم الإفطار في رمضان بسبب الصداع أو الإرهاق

قال الشيخ عبد الرحمن الصادق، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الصيام من العبادات العظيمة التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده، وجعلها ركنًا أساسيًا من أركان الإسلام.
وتابع الصادق أن عبادة الصوم قد بُنيت هذه العبادة على اليسر والتخفيف، ورفع الحرج والمشقة عن المكلفين، حيث قال الله تعالى في سياق آيات الصيام:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة: 185)، ومن هذا المنطلق، فقد أجاز الشرع الشريف الإفطار لأصحاب الأعذار الذين يجدون مشقة شديدة في الصيام، وذلك وفق ضوابط شرعية واضحة.
الرخصة الشرعية للإفطار في رمضان
وأضاف الصادق أن الإسلام قد أجاز الإفطار في رمضان لفئات معينة ممن يجدون صعوبة شديدة في الصيام، ومن هؤلاء:
- المرضى الذين يعانون من أمراض تجعل الصيام ضررًا عليهم أو تزيد من معاناتهم الصحية.
- المسافرون الذين يقطعون مسافات طويلة تتجاوز 81 كيلومترًا، ويجدون في الصيام مشقة.
- كبار السن الذين لم يعودوا قادرين على الصيام بسبب الضعف الجسدي والتقدم في العمر.
- الذين يعانون من مشقة شديدة لا يستطيعون تحملها، مثل العمال الذين يؤدون أعمالًا شاقة لا يستطيعون معها إتمام الصيام.
وقد أوجب الشرع على من أفطر بسبب هذه الأعذار أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد رمضان متى استطاع ذلك، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 184).
أما من كان غير قادر على الصيام بشكل دائم بسبب مرض مزمن أو عجز مستمر، فقد أجاز له الشرع أن يُخرج فدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطره، كما جاء في قوله تعالى:{وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (البقرة: 184).
حكم الإفطار بسبب الصداع أو الإرهاق الشديد
قد يتساءل البعض عن حكم الإفطار لمن بدأ يومه وهو قادر على الصيام، ثم شعر خلال اليوم بإرهاق شديد أو صداع حاد أو مشقة غير محتملة جعلت استمراره في الصيام أمرًا صعبًا.
في هذه الحالة، فإن الأصل أن المسلم ينوي الصيام من الليل ويشرع فيه وهو قادر عليه، ولكن إذا اعترضته مشقة شديدة أثناء النهار، مثل:
- إرهاق شديد يؤثر على صحته أو قدرته على العمل والحركة.
- صداع قوي لا يستطيع تحمله.
- إعياء عام وإحساس بالوهن يجعله غير قادر على إكمال الصيام.
ففي هذه الحالة، أجاز له الشرع أن يفطر، على أن يقضي هذا اليوم بعد رمضان، لقوله تعالى:
{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (البقرة: 184).
ضوابط الإفطار بسبب المشقة
ولكن هناك ضوابط يجب مراعاتها قبل الإقدام على الإفطار بسبب الصداع أو الإرهاق، وهي:
- أن تكون المشقة حقيقية وغير محتملة، وليس مجرد تعب عادي يمكن تحمله.
- أن يكون الصداع أو الإرهاق شديدًا لدرجة أنه يمنع الإنسان من أداء مهامه اليومية أو يهدد صحته.
- ألا يكون الإفطار لمجرد التوقع بأن الإرهاق سيحدث، بل يجب أن يكون الإنسان قد أصيب بالفعل بمشقة بالغة لا يستطيع معها الاستمرار في الصيام.
أما من يتوقع فقط أنه سيتعرض للمشقة، لكنه لم يشعر بها بعد، فلا يجوز له أن يفطر بناءً على توقعات غير مؤكدة، بل يجب عليه الصبر حتى يتأكد من أن المشقة قد بلغت حدًّا لا يُحتمل.