رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

يثير دونالد ترامب بأفكاره وأطروحاته وتصريحاته ضجيجا واسعا يبدو أنه يعجبه بغض النظر عن اتساق ذلك مع التوجهات الدولية أو التزامات بلاده من عدمه، وهو ما يُسبب اهتزازا فى الصورة العامة للولايات المتحدة التى طرحت نفسها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كدولة راعية للسلام، ومروجة لقيم الحرية وحقوق الإنسان.

يتكلم الرئيس الأمريكى فى كل مناسبة، وأحيانا بلا مُناسبة ليصنع أزمات، ويُحدث جدلا ويلفت الأنظار، غير أنه يُكلف بلاده وصلات من اللعائن، وموجات كراهية، ونفورا عاما لدى شعوب العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، خاصة أن معظم كلامه لا يستند إلى قيم، ولا يرتكز على مبادئ عدل أو انصاف أو خلافهما.

ولا شك أن ذلك ظهر لنا واضحا فى طرحه الغريب اللامنطقى لتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، وتحويلها بعد ذلك إلى منتجع سياحى فاخر، دون أى اعتبار لحق البشر فى أرضهم التى ولدوا وعاشوا عليها، أو إرادتهم فى تقرير مصائرهم، أو حتى ما نصت عليه القوانين والاتفاقات الدولية.

كما بات الرجل مثيرا للاشمئزاز وهو يتحول إلى عصا تهديد لارهاب كُل مَن يحاول الوقوف أمام الجرائم الإسرائيلية فيُقوم بتهديد محكمة العدل الدولية والتحريض لإنزال العقوبات بها فى سابقة منفردة فى التاريخ الحديث.

وما ينبغى التأكيد عليه هو أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست دونالد ترامب، لأنها لم تكن من قبل جو بايدن، أو باراك أوباما، أو غيرهما من الروساء. وهُنا، فإن علاقات الولايات المتحدة مع باقى دول العالم لا تخضع لتصورات وأفكار الرئيس وحده، وإن كانت تتأثر فى بعض الأحيان بها. ومع ذلك، فإن هناك حلقات عديدة للتعاون والاتصال بين مصر والولايات المتحدة، منها العلاقات الدبلوماسية، ومنها علاقات التعاون فى المجالات الاستراتيجية، ومنها شراكات القطاع الخاص فى كلا البلدين. وكل هذا أكبر من أفكار طارئة وغير منطقية لرئيس لا يمتلك كافة السلطات، ويخضع فى آخر الأمر لتصورات المؤسسات القائمة.

وأتذكر أننى كتبت مقالا فى شهر نوفمبر سنة 2020 قبيل الانتخابات الأمريكية السابقة كان عنوانه "بايدن ليس أوباما وأولويات مصر لا تتغير"، ذكرت فيه أن البعض يُبدى قلقا تجاه وصول رئيس تابع للحزب الديمقراطى إلى البيت الأبيض، وهذا فى غير محله. فلا فوز جو بايدن يمثل خسارة لمصر أو العالم العربى، كما لم يكن فوز دونالد ترامب من قبل انتصارا لأن القضية أعمق وأعقد من ذلك، وعلينا أن ندرك تماما أن ما يربط مصر بالولايات المتحدة يخضع أولا للمصالح والمنافع المشتركة.

كذلك فقد نبهت وما زلت أنبه إلى أن مصر دولة محورية فى الشرق الأوسط، لها تأثيرها الجيوسياسى شديد الأهمية فى المنطقة، ومن الضرورى معرفة أنه لا يُمكن لأى دولة فى العالم العبث بخريطة المنطقة بعيدا عن مصر، وسياساتها، وتصوراتها، وما تمارسه من دور عظيم بحكم التاريخ والجغرافيا.

كما أن مصر تمثل مركزا اقتصاديا مهما بما لديها من سوق كبير للسلع والخدمات، ينفتح ويتصل بعدد من الأسواق الكبرى عبر اتفاقات تجارة حرة تجعل منها بوابة اقتصادية لأسواق أخرى تضم أكثر من مليارى شخص.

وكما قلت مرارا وقال غيرى فإن السلام والاستقرار المنشود لا يُمكن أن يتحقق فى الشرق الأوسط بمعزل عن مصر، ولا يمكن تسوية صراع قائم، أو وقف نزاع محتدم بعيدا عنها، فهى المركز، والبؤرة، والمحور الرئيسي لأى مشروع تنمية.

وسلامٌ على الأمة المصرية