اتجــــــاه
ما إن أدانت المملكة العربية السعودية، قصف الطيران الإسرائيلى، القنصلية الإيرانية فى العاصمة السورية «دمشق» - الاثنين الماضى- حتى تمكن الجنون من الإدارة الأمريكية، وقررت على الفور سفر مستشار الأمن القومى جاك سوليفان إلى «الرياض»، للاطمئنان على صفقة التطبيع مع إسرائيل، فى لقاء مع ولى العهد محمد بن سلمان، تأجل إلى وقت آخر، على الرغم من عدم الرغبة السعودية، فى أى استفزاز أمريكى من هذا النوع، خاصة فى ظل ما يرتكبه الكيان الصهيونى من مذابح ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة.. وطالما تظل هذه الإدارة تُلِح فى مسألة التطبيع.. كان ضروريا أن نُذكِّر بما كتبناه هنا، السبت الماضى، مستهلاّ بسؤال:
<< ما الذى لا يفهمه الأمريكيون، فى موقف المملكة العربية السعودية، من إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل؟.. على الرغم من أن القادة فى «الرياض»، تحدثوا أكثر من مرة عن شروط التطبيع، التى أساسها ما تنص عليه مبادرة السلام العربية، التى أطلقها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، فى قمة «بيروت» العربية، فى العام 2002، وهى إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب الانسحاب من كامل الأراضى العربية المحتلة، عندئذ تذهب الدول العربية لمثل هذا النوع من العلاقات، طالما التزمت المبادرة بالسلام، خياراً استراتيجيا، قد ينهى عقودا من الصراع العربى- الإسرائيلى.
<< الذى يُطمئِن هنا، أن القادة السعوديين يفهمون جيدا، ما تهدف له السياسة الأمريكية فى هذا الملف، وبالتالى يتفادون «فخ» البيت الأبيض، لانتزاع اعتراف رسمى، يتحدث عن موافقة- ولو فى مربع الوعود- على استئناف المناقشات حول التطبيع، التى كانت الإدارة الأمريكية تقودها، قبل أن توقفها «الرياض»، فى أكتوبر الماضى، ردا على العدوان الإسرائيلى فى قطاع غزة، ومنذ هذا التاريخ، وحالة القلق تسيطر على إدارة «بايدن»، خشية أن تفقد دعم المجتمع اليهودى فى انتخابات «نوفمبر»، التى تشير استطلاعات ومنصات إعلامية، إلى أن المرشح «الجمهورى» دونالد ترامب- الرئيس الأمريكى السابق- يحقق نتائج متقدمة، يعجز «بايدن» عن مجاراتها.
<< لقد قدم وزير الخارجية، أنتونى بلينكن، وهو فى العاصمة المصرية»القاهرة»، الأسبوع الماضى، مصوغات فشله الدبلوماسي، التى هى صورة لأضعف مراحل الدولة الأمريكية، منذ تولى الرئيس»بايدن» مسئولية «البيت الأبيض»، قبل 3 سنوات و3 أشهر، عندما كرر هذا الوزير، نفس الرواية- كالعادة- عن التقارب فى مسألة التطبيع السعودى- الإسرائيلى، لكن ما بدا عليه من حرج، أن أحداً من المسئولين فى «الرياض»، لم يبادر بالرد أو حتى مجرد التعليق، طالما اقتنعوا بأن ما يقوله ويكرره، ليس أكثر من تصريحات «بلورية»، الهدف منها إرضاء حكام إسرائيل، حتى لو كانت على حساب الدم الفلسطينى فى «غزة»، أو الغضب الهادر فى العواصم العربية.
<< نتذكر الرد القوى لوزير الخارجية السعودى، فيصل بن فرحان، فى شهر فبراير، على ما ادعاه الرئيس «بايدن» عن التطبيع، الذى رهنه بإنشاء الدولة الفلسطينية، ومرة ثانية- فى نفس الشهر- يرد الوزير السعودى على مسئولين أمريكيين، يُلِحُون فى نفس الموضوع، وكأنهم أبعد عن فهم الرسائل السعودية، التى كان قد حسمها، ولى العهد محمد بن سلمان، وقت تحدث لقناة «فوكس نيوز» الأمريكية، فى سبتمبر من العام الماضى، أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، شرط البحث فى إطلاق علاقات مع إسرائيل.. وأظن أنه من الأكثر إلحاحا الآن، أن يصدر عن الديوان الملكى بيان، يوضح ما إذا كانت «الرياض» تهتم بمسألة العلاقات مع «تل أبيب»، حتى تسقط فتنة التطبيع الأمريكية.
[email protected]