رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدراما ليست مجرد تصوير لواقع نعيشه وإنما هى إعادة صياغة جمالية فنية فكرية لواقع نأمل فى تغييره وتطويره، لذا فهى فن الإنتقاء والإختيار وليس انعكاسات مستقبلية وصورة متحركة ولأن السينما تعتمد على الصورة والإخراج فإن الدراما التلفزيونية تتحرك بالحكى والحدوتة والقصة التى هى مجموعة أحداث مترابطة عبر الزمان والمكان أى أن هناك ضرورة لخلفية تاريخية زمنية تحدد المرحلة التى تجرى فيها الأحداث لمجموعة من الشخصيات الذين هم محركو الأحداث، وأحادية الحدث أو الحدوتة تجعل الدراما تقترب من السينما أو التمثيلية وليس الدراما المتعددة الحبكات والقصص الفرعية لأن لكل شخصية حياة وحكاية ودنيا ومجموعة روابط إجتماعية تتفرع من الحدث أو الحدوتة الرئيسية بالشخصيات ليسوا مجرد صور باهتة أو أشباح تدور فى فلك الشخصية الرئيسية، وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن مسلسل مثل أرابيسك للكاتب أسامة أنور عكاشة ١٩٩٤ يستعرض شخصية محورية إلا وهى حسن أبو على أو حسن أبو كيفه أو حسن أرابيسك الذى يمثل طبقة الحرفيين فى منطقة الحسين والذى ورث تلك الصنعة من أبيه وكيف حارب فى أكتوبر ١٩٧٣ ثم هزمه الانفتاح فأصبح مدمن للحشيش وقد فقد زوجته التى تركته لتتزوج من ثرى مصرى يعمل بالخليج وأخذت ابنه معها، وفى ذات الوقت يتعرض العمل لمرحلة الإرهاب الذى ضرب مصر فى تسعينيات القرن الماضى وكيف أثر على السياحة والمتغيرات التى أصابت عدة أسر مصرية منها أسرة عدولة التى عملت بالخياطة لتربية أخواتها وصراع رولا الجميلة بين أن تقبل وظيفة معيدة بكلية العلوم أم تعمل فى مجال الإعلانات لكسب المزيد من المال، وهناك أيضاً أسرة الأستاذ وفائى الفنان الذى يبيع لوحات فنية ليكسب قوت يومه وأبنته أنوار عاملة السنترال التى تقبل الهجرة إلى أمريكا تربى ابنة أختها المتوفاه ثم نجد أسرة د. برهان الذى هاجر للعمل فى أمريكا ووصل إلى براءة إختراع علمى إستراتيجى فتطارده الموساد والمخابرات الأمريكية و يضطر للعودة لمصر مع زوجته د.ممتاز ليختبئ فى بيت حسن والأستاذ وفائى بعد أن يحاول إعادة بناء ڤيلته المصرية ببهو رومانى وصالة فرعونى وتصميم إسلامى مملوكى عثمانى، حتى يأتى الزلزال فتسقط الڤيلا وتهدم وقد كان حسن مسئولا عن ديكوراتها الفنية.. كل هذه الأحداث والشخصيات والقضايا والأماكن والأزمنة المعبرة عن مرحلة فى تاريخ مصر ما بين عصرين أو أكثر.. هكذا تكون الدراما عرضية حمالة أوجه وأحداث وشخصيات وحكايات فرعية ورئيسية وقضايا إجتماعية وسياسية واقتصادية وتحولات فكرية وحوارات وصراعات فعلية وأخرى عقائدية ونفسية
أما الآن الدراما تقدم دراما العائلات والأفكار المعادة فعلى سبيل المثال هناك ثلاث مسلسلات عن قضية النسب وتحليل DNA والابن الذى ليس بابن الأسرة والابنة التى تبحث عن الاب كما فى العتاولة وبدون سابق إنذار وصدفة، واللوكيشن المعتاد لقسم الشرطة والمحكمة والديسكو وغرفة العمليات.. والتيمة السائدة المكررة فى معظم الأعمال هى العيلة والفطار والغذاء و الحوارات المطولة بدون أحداث وبدون قضايا هامة للنقاش مثل الفساد أو الإهمال أو العنف أو عدم الانتماء أما موضوع دور الأب وصراع الأجيال الوهمى الذى ضرب مسلسلات هذا العام فى « إمبراطورية ميم» و«بابا جيه» و«نور خالد» و«كامل العدد» و«بقيا اتنين» وجميعها تكرر ذات الحوارات والمواقف دون أى خلفية تاريخية تعبر عن الزمان والحالة الإجتماعية والفكرية والقضايا الكبرى التى تؤثر على الأحداث والتى هى حدث واحد فقط يتم مطه وفرده وثنيه حتى يتحمل 15 حلقة أو 30 حلقة.. إذا شاهدنا هذه الأعمال بعد عشر سنوات لن نستطيع أن نحدد ما هو زمان ومجتمع وحياة تلك المرحلة ولماذا كل هذا السواد والخوف والكآبة فى معظم الأعمال حتى الكوميدى ثقيل الظل ولماذا هذا النموذج المثالى للأسر والأهل والأبناء المتمردين دومًا الرافضين أبدًا.. الدراما تطورت فنيا وتقنيا وإخراجيا لكن النص غائب والروح مظلمة إختيارات الموضوعات من ذات السلة وذات الأقلام وذات الورش.. أين دراما الأرابيسك الفن المصرى الأصيل المليء بالتفاصيل والمعبر عن الهوية فى ضفيرة عاشق ومعشوق مصرية؟.