رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. كريمة عودة تكتب.. مصابيح القلوب

كريمة عودة باحثه
كريمة عودة باحثه بمجمع البحوث الإسلامية

يحيا الإنسان وهو يحاول التعايش بصفاء روحي في واقع مشحون بأعاصير من الاضطرابات، يتعثر وينهض، تارة يستلهم مصادر القوة ويتصالح مع مشاق الحياة، وأخرى يشعر بالتراجع وعدم القدرة على مواصلة السير، وهنا يحتاج لما ينير دربه ويسهل سيره، ويعينه على تخطى أهواء نفسه، والسبيل إلى ذلك التمسك بما كان عليه خير البريه ونورها ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ؛ حيث أرشدنا إلى مفاتيح العيش في الحياة بلا عنت، ووسائل تهدي القلوب وترشد البصائر، وسَنُعَرّج في هذه الكلمات حول بعض الوصايا النبوية التي تُضيء القلوب، وتُسعدها، وتُسَكِّنها عند ثورتها، وفي الالتزام بها دليل على حسن عبودية العبد لباريه.

مصابيح القلوب 

ومن مصابيح القلوب: تهذيبها من الشوائب التي تجعل الإنسان مشغولًا بغيره، ينظر لما في يده من نعمة، متناسيًا قَدَر الله في خلقه، الذي قسم الأرزاق بين عباده لحِكَم قد تخفى علينا، وفيها الخير لكلٍ منَّا، والمصباح الذي يزيل عن القلب ظلمته، ويعيده إلى فطرته التمسك بهدي المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ـــ في قوله: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". (رواه الشيخان)، ففي هذا الحديث قاعدة إيمانية عظيمة؛ لو طبقها الإنسان في حياته بأن يحيا متمنيًا لغيره الخير، سعيدًا بما يحظى به؛ ستهدأ روحه، وتسكن نفسه، ويسعد بما قُسم له من رزق. 

ومن مصابيح القلوب: الرضا، ولا يقصد به الرضا بالنفس؛ لأن من رضي عن نفسه استحسن حالها، ولم يدافع المعاصي ويخالف هواه، ولكن المقصود هو الرضا بالرزق من مال وصحة وولد بعد الأخذ بأسباب السعي المشروعة، فقد نبهنا المصطفى ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ لذلك في قوله: "فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ" (سنن الترمذي)، بالرضى ينشرح الصدر وتهدأ النفس ولا تكترث بمصابها بشكل يعوقها عن القيام بدورها. قال أحد الصالحين في فضل الرضا: إنه عبادة لا ينقطع أجرها.
مع ملاحظة أن الرضا لا يتنافى مع حسن السعي، وليس المقصود به الرضا بالنقائص فقد قال الطيب المتنبي: ولم أر في عيوب الناس عيبًا ... كنقص القادرين على التمام. 

ويضيء القلب أيضا بالصبر عند الابتلاء، والقدرة على تخطي ما أصابه دون فزع، وكذلك الصبر على الطاعات بعدم الانقطاع عنها، ويدل على عظم أجر الصبر أن المولى عز وجل ذكره في القرآن في نحو سبعين موضعًا، وقال الإمام الغزالي ـــ رحمه الله ـــ: "فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر". تذكر أجر الصبر يضيء القلب عند الجزع، ويعين الإنسان على التمسك بأسباب القوة النفسية والمادية التي يحتاج إليها ليواصل السير في دربه بتوازن وحِكمة.
فإذا رضي الإنسان برزقه، وصبر على ما ألمَّ به، ولم يقارن حاله بغيره، سينعم بنور في بصيرته، وسبيلًا للسير في الحياة بلا أسى، ولم تطغى عليه طِباع السوء.

بقلم د. كريمة عودة، باحثة بمجمع البحوث الإسلامية