رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على مائدة القرآن

(الفريضة الغائبة)

عبدالراضى عبدالمحسن
عبدالراضى عبدالمحسن

 

المحبة هى الفريضة الغائبة فى المجتمات المعاصرة على الرغم من أن الديانات السماوية قد أقرَّتها على سبيل الوجوب والأمر: (أحبب الرب إلهك من كل قلبك)، وجعلت كمال الإيمان أو وجوده مُعلّقًا بها: (لن تؤمنوا حتى تحابوا)، (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، كما أمرت الأديان بأن تكون المحبة عامة للجميع: (أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم صلّوا لأجل مضطهديكم)، وأن نبادر بالإحسان إلى الأعداء والخصوم (ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم).

لكن لماذا تراجعت أو ندرتْ فريضة حب الله التى هى مفتاح وباعث لكل أصناف المحبة الأخرى للخلائق؟ ذلك لأسباب منها العصبية والتعصب، ومنها الجاهلية الأخلاقية التى ساد معها الجحود والنكران، ومنها الجاهلية المعرفية التى نتج غياب الوعى بحقيقة الإنسانية وأنها ليست شيئا آخر سوى المحبة، وأن عمارة الكون والاستخلاف فى الأرض لا يتحقق دون المحبة.

ويأتى حب الدنيا فى مقدمة أسباب تراجع أو غياب محبة الله: (كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة)، (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة)، ويلى ذلك اتخاذ الأنداد لله: (ومن الناس مَنْ يتخذ مِن دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله).

وماهية تلك المحبة التى هى أكمل مقامات العارفين بالله الذين اصطفاهم بها: (فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه) تتمثل فى النظر بعين العقل المتأمل إلى نِعَم الله وعطاياه، وبالقلب إلى قُرْب الله تعالى وعنايته وحفظه، فيحدث التعلق بالمحبوب وزيادة الشوق إليه والأُنس به دون غيره.

وقد قام حُجة الإسلام الغزالى بتقديم التفسير العقلى لتلك المحبة بأنها أنواع خمسة، وهى: ١. محبة الوجود ٢. محبة القائم على دوام الوجود ٣. محبة المحسن إلى الغير ٤. محبة كل ما هو جميل فى ذاته ٥. محبة مَنْ كان بينه وبين المحبوب مناسبة.

وهذه الأنواع لا يُتصور كمالها واجتماعها إلا فى حب الله؛ لأن العبد إذا أحب وجوده فقد أحبَّ واهب هذا الوجود له، وإذا أحبَّ استمرار هذا الوجود فقد أحبَّ الله المالك له والقادر عليه، وإذا أحب المحسنَ فقد أحبَّ الله المُسبغ النِّعم، وإذا أحب الجمالَ فقد أحبَّ الله نبع كل جميل وهو الجمال والجلال فى ذاته، والمناسبة بين المحب والمحبوب موجودة فى الروح التى نفخها الله فى الإنسان وبها استحق الخلافة فى الأرض واستحق سجود الملائكة له.