عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زينة رمضان .. بين العادات الاجتماعية والأحكام الشرعية

بوابة الوفد الإلكترونية

قال الدكتور عصمت رضوان، وكيل كلية اللغة العربية بجرجا جنوب محافظة سوهاج بجامعة الأزهر الشريف، أن شهر رمضان المبارك يرتبط في ذاكرة الشعوب الإسلامية والعربية ببعض العادات الإجتماعية التي تُظهر الفرح والسرور بمجيئه، وتبين استبشار الناس وحفاوتهم بمَقدمه، ومنها تعليق الزينات والأنوار والفوانيس ونحو ذلك في البيوت والطرقات ومآذن المساجد ابتهاجا بقدوم الشهر المبارك.


 

وأضاف وكيل الكلية أن مظاهر الزينة في رمضان تتنوع ما بين تعليق الزينات من الورق أو القماش أو البلاستيك ونحو ذلك، وبين تعليق حبال الأنوار واللمبات الملونة، وإضاءة الفوانيس التي ارتبطت في الأذهان بشهر رمضان، وتعليق الأهلة المضيئة، وفي بعض البلدان يحتفلون بالرسوم الملونة على الجدران والحوائط، أو كتابة عبارات التهنئة عليها، أو تدوين هذه العبارات على لافتات، وفي بعض البلدان كاليمن يزينون المنازل بما يسمى "القمرية"، وهي عبارة عن نصف دائرة مكونة من الزجاج ومادة الجص تعلق في معظم النوافذ.


 

وأوضح الدكتور عصمت رضوان، أنه في بلدان أخرى كتركيا تتزين الجوامع في أنحاء البلاد خلال شهر رمضان بما يطلق عليه  "mahya" أو المحيا، وهي لافتات ضوئية تعلق بين مآذن الجوامع، تحمل جملاً دينية تتغير خلال الشهر، وغير ذلك من مظاهر الإحتفال بالشهر الكريم التي تتوارثها الأجيال في مختلف البلاد الإسلامية والعربية، بل تدخلها مظاهر التطور الصناعي والتقني كما حدث في صناعة الفوانيس وتطورها .


 

ونوه وكيل كلية اللغة العربية بجرجا إلى أن بعض المصادر تنسب تاريخ زينة رمضان، أولية ذلك إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أمر بإضاءة المساجد في هذا الشهر المبارك. والرأي _ عندي _ أن هذا الصنيع منه رضي الله عنه لا يعد من استخدام الزينة، بل هو من إعانة الناس على العبادة بإضاءة المسجد ترغيبا في إعماره بالمصلين. 


 

  وبعض الروايات تشير إلى أن أصل الزينة يعود إلى الصحابي الجليل تميم بن أوس الداري، حيث يعتقد إنه أول من رسخ فكرة زينة رمضان، عندما أنار المساجد بقناديل كل ليلة جمعة، وذلك حسبما جاء في كتاب "دليل الأوائل" للكاتب إبراهيم مرزوق، وبعض الآراء تذكر أن الإحتفال بشهر رمضان يعود إلى الدولة الطولونية، وذلك على حسب ما جاء في كتاب أبو بكر الجصاص : «الإجماع دراسة في فكرته».


 

وتنسب آراء أخرى أسبقية  هذه المظاهر الإحتفالية إلى الدولة الفاطمية حيث كان الناس يحرصون على رفع القناديل المضيئة فوق مآذن المساجد في ساعة الإفطار، وتظل مضيئة حتي بداية ساعة الإمساك، وكانت تعتبر من أبرز مظاهر الاحتفال بشهر رمضان في ذلك التاريخ، بجانب رفع لافتات بشعار الدولة مع إنارة المنازل لنشر بهجة الشهر الكريم، حيث كان يطلق على هذه الفترة (ليالي الوقود)، وعلى أية حال فقد استمر تعليق الزينات والأنوار في كثير من البلدان الإسلامية والعربية إلى يومنا هذا احتفالا بشهر رمضان المبارك. 


 

وأكد دكتور جامعة الأزهر على أن الحكم الشرعي لتعليق الزينة ونحوها في شهر رمضان المبارك، فيمكن القول إنها من قبيل العادات الاجتماعية المباحة مالم تشتمل على مخالفة شرعية، بل هي من مظاهر تعظيم شهر الصوم، وفيها فرح بفضل الله عزوجل على الناس ورحمته بهم  في هذا الشهر المبارك ، والله عزوجل يقول:  { قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَ⁠لِكَ فَلۡیَفۡرَحُوا۟ هُوَ خَیۡرࣱ مِّمَّا یَجۡمَعُونَ }[سُورَةُ يُونُسَ: ٥٨].


 

 وأكد أيضا الدكتور عصمت رضوان، على العلماء وضعوا بعض الضوابط والشروط التي ينبغي مراعاتها في الاحتفال برمضان عن طريق تعليق الزينات ونحوها ومن هذه الشروط والضوابط :

عدم اعتقاد أن هذه الأمور من العبادات، بل هي من العادات والأمور العادية المباحة.

الإقتصاد في ذلك، وعدم الإسراف في شراء هذه الزينة بأثمان باهظة ترهق الأسرة.

أن تخلو هذه الزينة من أمور محرمة كصور مجسمة لذوات الأرواح، أو أن يكون في الفوانيس ونحوها معازف أو موسيقى.

تجنيب المساجد الزينة التي تشغل المصلين عن عبادتهم .

عدم استخدام الكهرباء العامة في حبال الإضاءة ونحوها .


 

وقد أعلنت دار الإفتاء في بيان صادر عنها إجازة تعليق الزينة والأنوار والأهلة والفوانيس وغيرها بوصفه نوعا من التعبير عن الفرح والسرور بقدوم شهر رمضان المبارك وتقول الفتوى: ( إن تعليق الزينة والفوانيس فرحًا بقدوم شهر رمضان مباح من حيث الأصل، بل قد يكون مندوبًا متى تعلَّقت به نية صالحة، إلَّا أن يتعلق بتعليقها أمر محرَّم، كأن يكون بها إسراف أو خيلاء أو إضرار واعتداء على حق الغير، ولا يستقيم وصف هذ الفعل بالبدعة لكون النبي صل الله عليه وآله وسلم لم يفعله؛ إذ ترك الفعل لا يستلزم منه عدم الجواز).


 

وقد يتساءل بعضهم عن سريان هذا الحكم بالجواز أو الندب في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي ينبغي فيها الاقتصاد وتوفير النفقات، وبذل الصدقات للمستحقين من الأهل والجيران، أو إرسال المعونات لأهل غزة الذين يعيشون في ظروف معيشية بالغة الصعوبة. فالجواب ان استخدام القليل من الزينة بقدر خالٍ من البذخ والإسراف، وبمقدار يسير لا يؤثر على دخل الأسرة ولا يمنعها من مساعدة المحتاجين أمر لا بأس به، فإن تعارضت تكاليف تعليق الزينة مع معونة المحتاجين فلا شك أن معونة المحتاجين أولى لما فيه من سد احتياجاتهم، وإعانتهم على العبادة، وإدخال السرور عليهم، وهذا خير وأعظم أجرا من تعليق الزينات. 

والله تعالى أعلى وأعلم.